الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون خليجية
الإمارات تفتح بابًا على الهند، وشراكة دفاعية وتجارية متصاعدة
الإمارات والهند تنخرطان في شراكة إستراتيجية عميقة

ترجمة كيو بوست –
“الحكومتان الإماراتية – الهندية توحِّدان جهودهما إقليميًا ودوليًا خدمةً لمصالح البلدين”، هذا ما ذكره المؤلف وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة إكستر البريطانية، إن جاناردهان.
وكتب جاناردهان مقالة في موقع “معهد أبحاث إيست ويست” الأمريكي، تحدث فيها عن كيفية وصول العلاقات الإماراتية – الهندية إلى مستوى العمق الإستراتيجي، من خلال “التوحّد” إقليميًا ودوليًا. ووفقًا له، ساعد الزخم في العلاقات الثنائية على تجاوز مجالات التعاون التقليدية – مثل النفط والتجارة وعمل الأجانب، ووصل الأمر إلى حدّ الشراكة الحقيقية غير المسبوقة.
تجلت هذه الشراكة في رغبة الطرفين في معالجة التحديات المعاصرة ذات الاهتمام المشترك، الأمر الذي دفع الحكومتين إلى التوقيع على “اتفاقية شراكة إستراتيجية شاملة” العام المنصرم. هذا الاتفاق التاريخي لا يركز فقط على الفرص الاقتصادية الجديدة مثل الأمن الغذائي، بل يساعد بشكل كبير في معالجة المخاوف الأمنية المتبادلة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
وعلى عكس العلاقات التقليدية بين البلدان الأخرى، تعمل الإمارات والهند على تمكين القدرات الأمنية، من خلال تحسين التعاون الدفاعي التكتيكي، والتدريبات العسكرية المشتركة، والتعاون البحري، والشراكات في مجال الإنتاج الدفاعي، والعمل المشترك ضد التطرف الديني.
سيظهر مفعول هذه الشراكة الإستراتيجية على السطح خلال المراحل المقبلة، وستتطور أجندتها خلال سنوات قليلة قادمة، لتتحول الرابطة الثنائية الإستراتيجية إلى شراكات تكتيكية في مجالات اقتصادية وأمنية في غاية العمق.
وفي هذا السياق، فإننا لا نتحدث عن احتياجات اقتصادية وسياسية فورية يمكن تلبيتها من خلال مسارات ثنائية، بل نتحدث عن مصالح طويلة الأجل، يمكن معالجتها من خلال مسارات إستراتيجية متعددة الأطراف.
وبدلًا من الانخراط في شراكات منفصلة مع بلدان أخرى، تتوجه الحكومتان الإماراتية والهندية نحو التعاون مع بعضهما البعض في إطار منظمات إقليمية بغرض خدمة مصالح البلدين؛ مثل “رابطة الدول المطلة على المحيط الهندي”، و”الندوة البحرية لدول المحيط الهندي”، وهذا في غاية الأهمية على الصعيد الاقتصادي.
وعلى الصعيد الدفاعي، تتفاوض الإمارات والهند بشكل مشترك مع فرنسا لشراء طائرات مقاتلة من نوع “رافال”، وهذا من شأنه أن يوفر فرصة للبلدين للتصنيع الدفاعي الإقليمي المشترك بإشراف فرنسي.
في الحقيقة، توحِّد أبو ظبي ونيودلهي جهودهما المشتركة إقليميًا ودوليًا من أجل خدمة مصالح البلدين بعيدة المدى. مؤخرًا، وظفت الهند دبلوماسيتها الاستباقية في توسيع وتكثيف علاقاتها في جنوب وغرب وشرق ووسط آسيا، مما يوفر فرصة للإمارات لتعزيز مصالحها الخاصة، من خلال التعاون مع الهنود.
وتدرس الإمارات حاليًا الاستثمار في ممر النقل الهندي بين الشمال والجنوب، وهي شبكة من السفن والسكك الحديدية والطرق البرية بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وروسيا. ويربط الممر المحيط الهندي والخليج ببحر قزوين، مما يجعل المسارات الحالية أقصر وأقل كلفة. وبناء عليه، ستضطر دول آسيا الوسطى، وأفغانستان، إلى الدخول في تعاون متعدد الأطراف في منطقة تمتلك الإمارات حصصًا فيها.
تتشارك أبو ظبي ونيودلهي كذلك في تعزيز استقرار أفغانستان، ومهدت العاصمتان الطريق نحو مكافحة الإرهاب، ونسّقتا مشروعاتهما الإنمائية لتعزيز جهود الحكومة الأفغانية. كما وعملتا على توحيد جهودهما في أفريقيا، من خلال الجمع بين قوتهما من الثروة والخبرة التكنولوجية، وغيرها من المجالات الهادفة إلى تعزيز الإنتاج الغذائي وتحسين نوعية المعيشة في المناطق النائية من القارة.
وبموجب الشراكة بين البلدين، ستحظى الإمارات بمصالح جمة من خلال توسيع تجارتها في أفريقيا، مستفيدة من “ممر النمو الآسيوي الأفريقي” أو “ممر الحرية”، الذي تمتلك الهند حصصًا فيه. هذا الممر يربط بين خليج البنغال وبحر الصين الجنوبي، وسيكون نقطة اهتمام خاصة لدولة الإمارات.
وبالتأكيد، سوف تفتح المشاريع المشتركة بين الهند واليابان الباب أمام الإمارات لتعزيز تعاقداتها الناشئة عن التعاون الرباعي الأخير بين بلدان المحيط الهادئ الهندي، بما في ذلك أستراليا والولايات المتحدة.
لقد وصلت العلاقات بين البلدين إلى مستوى العمق الإستراتيجي، في ظل التعاون في إطار المبادرات المتعددة الأطراف، مع الحفاظ على الحقّ السياديّ لكل طرف. وبالطبع، لن تكون آثار الشراكة فورية، لكنها ستطل علينا شيئًا فشيئًا، في المجالات التجارية والعسكرية والدبلوماسية والاقتصادية.
المصدر: معهد أبحاث إيست ويست