الإمارات العربية المتحدة.. الحريات الشخصية من أجل مجتمع أقوى

كيوبوست 

د.سارة بروسكيفيتش

“حريتي تنتهي حيث تبدأ حريتك”

من الأشخاص الذين تتعايش معهم إلى كيفية التعامل مع قضايا الطلاق، ومن حرية الفرد في تقديم المساعدة للآخرين في حالات الطوارئ إلى تناول الكحول في المنزل، اتخذت الإمارات العربية المتحدة خطوات شجاعة وحاسمة باتجاه تعزيز الحريات الشخصية التي لا تؤذي الآخرين، ونحو إضفاء أهمية جديدة على مفهوم الحرية الشخصية الذي لا ينبغي الخلط بينه وبين الفردية.

أصدر رئيس دولة الإمارات سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في مطلع نوفمبر 2021، مرسوماً جديداً حول قانون الأحوال الشخصية والأسرة؛ يغطي جوانب مهمة، مثل الزواج المدني والطلاق والنفقة والحضانة المشتركة وإثبات الأبوة والميراث. ومن بين الأحكام الجديدة ما يسمح لغير المسلمين بالزواج والطلاق والحصول على الحضانة المشتركة للأولاد بموجب قانون مدني، كما ستتولى محكمة جديدة شؤون العائلات غير المسلمة باللغتَين العربية والإنجليزية.

اقرأ أيضاً: ترحيب واسع بتشريع أبوظبي قانون أحوال شخصية لغير المسلمين

تأتي هذه التطورات بعد التغييرات العديدة التي أُجريت قبل عام واحد، والتي حسَّنت بشكل كبير مستوى المعيشة في البلاد من ناحية قوانين الأحوال الشخصية والمدنية. وتم إلغاء تجريم محاولة الانتحار، بعد أن كان من الممكن أن تتم محاكمة مَن يحاول الانتحار. أصبحت الشرطة والمحاكم الآن تعمل على ضمان أن يتلقى هؤلاء المستضعفون الدعمَين النفسي والصحي اللازمَين.

كما أن القانون الجديد سوف يحمي فاعلي الخير الذين يتدخلون لتقديم المساعدة الطارئة للمحتاجين، ولا يحملهم مسؤولية نتائج تقديمهم هذه المساعدة. بموجب القوانين القديمة -مع أنه نادراً ما كان يتم تطبيقها- كان يتحمل مَن يقدم المساعدة في عملية الإنعاش أو التنفس الاصطناعي المسؤولية عن إصابة أو وفاة المصاب.

وفي ما يتعلق بحقوق المرأة، لن تكون العقوبات مخففة بحق الرجال الذين يقتلون النساء أو يعتدون عليهن في ما يُعرف بـ”جرائم الشرف” المزعومة؛ بل على النقيض من ذلك، ستكون هنالك عقوبات أشد على الرجال الذين يتحرشون بالنساء. وستسمح القوانين الجديدة بالمساكنة لغير المتزوجين؛ وهو أمر كان مخالفاً للقانون في الإمارات العربية المتحدة.

ولم يعد تناول المشروبات الكحولية يشكل جناية. ولن يواجه أي شخص يتناول الكحول أو يحوز المشروبات الكحولية أية عقوبات بشرط أن يكون قد تجاوز عامه الحادي والعشرين. والعامل المشترك بين كل هذه التغييرات هو مكانة جديدة أعلى لمفهوم الحرية الفردية التي تهدف إلى إتاحة الخيارات الشخصية الخاصة.

اقرأ أيضًا: سبعة نجاحات لسبع إمارات

على عكس الفردية المتطرفة، لا تسلب الحرية الشخصية أي شيء من الحياة الاجتماعية؛ بل على العكس من ذلك فهي تسمح للمجتمعات بالتحرك في أُطر صحية، حيث تكون بعض القيم والممارسات والخيارات ووجهات النظر العالمية محدودة بالمجال الخاص للفرد الذي يحظى بالحماية والرعاية من خلال أمن الجماعة أو المجتمع.

وبالسرعة نفسها التي اتسم بها تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، تدفع الدولة باتجاه حماية أفضل بكثير للحريات الفردية في سياق خليجي عُرف تاريخياً بهيمنة المجموعة على الأفراد، والمقصود بالمجموعة هنا هو المجتمع أو الممارسات الاجتماعية الدينية والعشيرة والعائلة.

وبينما ركز العالم أنظاره على الأحكام المتعلقة بتناول الكحول، فأنا كإنسانة أجنبية مقيمة في الإمارات منذ سنوات عديدة، ولا أزال أعمل فيها، كان إعجابي أكثر بشأن التغييرات التي لاقت اهتماماً أقل من وسائل الإعلام.

إن إلغاء تجريم محاولة الانتحار هو أمر غير مسبوق في دولة تستقي قوانينها من الشريعة، وأنا أرى في هذه الخطوة شجاعة غير مسبوقة. وبموجب القانون الجديد، تقول الدولة للشخص الذي حاول الانتحار: إن ما حاولت فعله هو أمر يصعب فهمه على مَن لا يعانون آلاماً مثل تلك التي تعانيها، ونحن لن ننظر إليك على أنك مجرم بسبب معاناتك.

اقرأ أيضاً: اتفاقية السلام التاريخي.. من الشعارات إلى الواقعية السياسية

وبالمثل، في ما يتعلق بما يُعرف بـ”جرائم الشرف” التي ترتكز على فكرة مفادها أنه يمكن للرجل أن يقتل امرأة من عائلته إذا اعتقد أنها فعلت ما يسيء إلى شرف العائلة؛ بهدف استعادة هذا الشرف. والقانون الجديد يقول: الحياة أثمن بكثير من الشرف؛ خصوصاً من المفهوم المشوَّه للشرف. مرة أخرى، يجب أن يكون مفهوم الشرف قيمة فردية، والأمر عائد للفرد؛ سواء أكان رجلاً أم امرأة، لأن يحمي شرفه بالطريقة التي يراها مناسبة. ويجب أن تتوقف فكرة أن شرف الجماعة يبيح إراقة دماء النساء.

ومن بين كل طرق تعزيز الحرية الفردية اختارت الإمارات العربية المتحدة الطريقة التي ستساعد على بناء مجتمع أفضل.

لقراءة الأصل الإنكليزي: UAE ARTICLE QPOST Individuality 

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات