الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
“الإسلام السياسي” جريمة جنائية في النمسا
تعتزم الحكومة النمساوية طرح حزمة من التعديلات القانونية للتصويت في البرلمان بداية الشهر المقبل ضمن تحركات عدة تقوم بها لمحاصرة الفكر المتطرف

كيوبوست
واصلت النمسا سلسلة الإجراءات التي تتخذها تجاه المشتبه في قيامهم بالتحريض على العنف من الإسلاميين، وذلك في خطوات متسارعة أعقبت هجوم فيينا الدامي الأسبوع الماضي، والذي أسفر عن مصرع 4 أشخاص وإصابة 20 آخرين، بعدما فتح مسلحون النار على مواطنين في عدة مواقع بوسط العاصمة في توقيت متزامن.
وأعلن المستشار النمساوي سيباستيان كورتس، نية بلاده استحداث جريمة جنائية تُسمي “الإسلام السياسي”؛ لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد مَن يخلقون أرضية خصبة للإرهابيين لكنهم ليسوا كذلك، وذلك بعد أيام من حملة مداهمات شملت مواقع ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين، وحركة حماس؛ حملة هي الأوسع منذ سنوات تضمنت توقيف 70 من المشتبه بهم.
اقرأ أيضًا: كيف أصبحت النمسا حاضنة العمليات المالية للإخوان المسلمين في أوروبا؟
مراقبة التمويل
الاتحاد الأوروبي، وليس فقط النمسا، بدأ في مراقبة الكثير من الجمعيات الإسلامية والمساجد ممن تحصل على تمويل خارجي وتقوم بنشر العنف، حسب الدكتور عبدالرحمن عمار؛ الصحفي والباحث في الشأن الأوروبي، الذي يؤكد، لـ”كيوبوست”، أن هناك تحركات لتضييق الخناق على الجمعيات الإسلامية المتطرفة والأئمة الذين ينشرون خطاب الكراهية؛ بما يتضمن مراجعة التمويلات المالية التي يحصلون عليها من الخارج ومصادر التمويل ومدى تلاؤمها مع احتياجاتهم.

الاهتمام الرئيسي في الوقت الحالي مرتبط بالسعي للسيطرة على التمويل الأجنبي والتبرعات التي تصل؛ لأن مَن يقوم بالدفع هو مَن يقرر آلية الإنفاق والتوجهات، حسب حسين خضر نائب رئيس الأمانة الفيدرالية للهجرة والتنوع بالحزب الاشتراكي الديمقراطي بألمانيا، الذي يؤكد، لـ”كيوبوست”، أن حملة المداهمات الأخيرة نتيجة عملية مراقبة واسعة للشرطة وبتنسيق مع الأجهزة الأمنية بشكل كبير ومستمر.
تعديلات جديدة
ومن شأن التعديلات القانونية التي أعلن المستشار النمساوي السعي لإقرارها، مقترحات تتضمن إبقاء المدانين بجرائم الإرهاب خلف القضبان مدى الحياة، والمراقبة الإلكترونية للمدانين بجرائم تتعلق بالإرهاب عند إطلاق سراحهم، بالإضافة إلى تجريم التطرف السياسي بدوافع دينية؛ وهي المقترحات التي سيتم عرضها على البرلمان تمهيداً للتصويت عليها الشهر المقبل.
شاهد: كيف أصبحت النمسا مركز عمليات الإخوان في أوروبا؟
وحسب عمار، فإن هناك استراتيجية أمنية وسياسية مشتركة بين دول الاتحاد الأوروبي من أجل مواجهة التطرف والإرهاب، وهو ما يجري العمل عليه عبر أكثر من آلية؛ من بينها التعديلات القانونية والتنسيق مع الدول الإسلامية، وهو ما تقوم به فرنسا على سبيل المثال مع دول المغرب العربي، فضلاً عن اتخاذ مزيد من الإجراءات التي تضمن عدم التعصب والتحريض على العنف في المؤسسات الدينية على الأراضي الأوروبية؛ وهو ما عزز التوجه نحو إيجاد أئمة أوروبيين يجيدون لغة البلاد التي يقيمون فيها، لتسهيل التواصل معهم.
ووعدت الحكومة النمساوية بأن تتوافق التعديلات القانونية المقترحة مع الدستور والحقوق الأساسية، وفي الوقت نفسه تسمح بحل الجماعات وإغلاق المساجد حال ثبوت وجود تطرف، وإنشاء منصة للإبلاغ عن الأنشطة الجهادية عبر الإنترنت، مع تخصيص صندوق لتعويض عائلات ضحايا الإرهاب، فضلاً عن تعزيز أدوات تسمح بالتجريد من الجنسية للمدانين بتهمة الإرهاب ويحملون جنسية دولة أخرى.
اقرأ أيضًا: مخابرات أردوغان تهدد الأمن القومي النمساوي
يشير حسين خضر إلى أن السلطات النمساوية لم تعلن حتى الآن هوية منفذي الحادث الإرهابي الأخير، ولم يُعرف ما إذا كان منفذوها ينتمون إلى الذئاب المنفردة أم تابعين لجماعات؛ لكن المؤكد أن منفذي هذه الهجمات هم نتاج للمؤسسات الإسلامية المتطرفة الموجودة في المجتمع، والتي يجب العمل على التصدي لها.

وحظرت النمسا، مطلع العام الماضي، نحو 13 شخصاً من رموز جماعة الإخوان بالتزامن مع دخول قانون حظر شعارات التنظيمات المتطرفة حيز التنفيذ، وكان من بينها شعار جماعة الإخوان المسلمين.
يؤكد خضر أن جماعة الإخوان المسلمين أصبحت في أوروبا جماعة منبوذة من جميع الدول على خلفية استغلال الديمقراطية كوسيلة لتحقيق أهدافها مع الاستعداد لممارسة العنف عندما يتطلب الأمر ذلك، مشيراً إلى أن بعض الدراسات والتحليلات الأوروبية وصفتها بأنها أكثر خطورة من تنظيمات إرهابية مثل “داعش” و”طالبان”؛ بسبب السياسة التي تنتهجها.
يلفت عبدالرحمن عمار إلى الوحدة الأوروبية في مواجهة “الإخوان” وغيرها من الجماعات المتطرفة التي تعمل على تحويل الشباب إلى قنابل موقوتة، نظراً لإدراك الأوروبيين الخطر الأمني من تحركات هذه الجماعات والتي تستغل حرية الحركة والتنقل بين الدول الأوروبية من أجل تنفيذ مخططاتها الإرهابية.