الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون عربية
الإخوان جماعة إرهابية في المناهج الدراسية السعودية
المعلم هو الأكثر تأثيراً في ترسيخ الوعي

كيوبوست
بدأت المملكة العربية السعودية في إدخال تعديلات جوهرية على المناهج الدراسية تستهدف تنقيتها من التطرف، وتغير فيها بشكل جوهري ما تضمنته في أوقاتٍ سابقة من مواقف تجاه جماعة الإخوان المسلمين التي وصفت في كتاب الدراسات الإسلامية الذي يدرس للصف الثالث المتوسط اعتباراً من العام الحالي بأنها “جماعة منحرفة لا تمثل منهج الإسلام”.

تعهد بالمواجهة
وتعهد ولي العهد السعودي؛ الأمير محمد بن سلمان بالقضاء الكامل على ما تبقى من فكر عناصر جماعة الإخوان المسلمين التي غَزَت المدارس السعودية، مؤكداً في مقابلة أجريت خلال ربيع 2018 مع شبكة سي بي اس نيوز الأمريكية أن المدارس السعودية تعرضت لغزو من عناصر الإخوان وسيتم في القريب العاجل القضاء عليهم نهائياً مع التأكيد على القضاء على التشدد بالنظام التعليمي.

وأرجع وزير التعليم السعودي السابق والمستشار الحالي بالديوان الملكي السعودي أحمد بن محمد العيسى تغلغل الإخوان في نظام التعليم السعودي نتيجة هروبهم من مصر في الستينيات والسبعينيات لينخرطوا في التعليم العام والجامعي السعودي، مشيراً إلى أنهم ساهموا في صياغة المناهج الشرعية، ونظموا النشاطات الطلابية وفق منهج الجماعة المنحرف.
وبحسب كتابات متعددة لقياداتٍ إخوانية، ومؤرخين مصريين وسعوديين؛ معنيين بالبحث في تاريخ الإخوان، فإن الجماعة التي نشأت في مصر عملت بشكل سري في السعودية، اعتباراً من منتصف الخمسينات بدون هيكل هرمي على غرار الهيكل الذي اعتمدته في مصر، بسبب رفض السلطات في المملكة منحها تصريح بالعمل.
وكانت السلطات السعودية تغاضت لعقودٍ عن اجتماعات التنظيم المغلق على كوادره من غير السعوديين، وجمع الأموال، باطلاع أجهزة الأمن المصرية، وكانت فترة الخلاف بين السعودية وجمال عبدالناصر، والفترة التي تلَت توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، والمقاطعة العربية لها، الأكثر ازدهاراً للجماعة على الأراضي السعودية، ولم تهتز الثقة إلا بعد احتلال صدام حسين للكويت، وازداد التوتر بين الطرفين عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لتكون أحداث الربيع العربي هي نقطة التحول الحقيقي التي كانت وراء دعم المملكة للاستقرار في مصر والإطاحة بحكم الجماعة منتصف 2013. كما يقول خبير في التيارات الحركية في الخليج.
اقرأ أيضًا: تعيين الوزير السعودي آل الشيخ: مرحلة الخلاص مما قوّض المملكة
قرار متأخر.. ولكن..

هذا القرار تأخر كثيراً بحسب الباحث والمحامي السعودي محمد الدوسري الذي يؤكد لـ”كيوبوست” أن خطورة تنظيم الإخوان ليس قاصراً على السعودية، ولكن على غالبية البلاد العربية التي عانت مع إرهاب الجماعة وتطرفها، وهو ما اتضح بعد وصولهم للحكم لمدة عام في مصر، مشيراً إلى أن هذا التوصيف سيحد من من انتشار التطرف داخل المؤسسات التعليمية بشكلٍ كبير، لكن يبقى هناك دور مهم على وزارة التربية والتعليم.
وأضاف الدوسري أن الإشكالية في الوقت الحالي لدى المعلمين، فما فائدة تغيير المناهج ولم تتغير طريقة وفكر التدريس! معتبراً أن هذا الأمر هو التحدي الرئيسي الذي يجب بدء العمل عليه من دون تردد، خاصة وأن الهدف الرئيسي من التعديلات التي أدخلت في المناهج هو نشأة الطلاب على كره الجماعة، ومعرفة ما تقوم به من متاجرة بالدين واستغلاله لتحقيق أهدافها لكون الإخوان المظلة الكبرى للجماعات المتطرفة الأخرى.
اقرأ أيضًا: وزير الشؤون الإسلامية السعودي: أم كلثوم أولى بـ”الذوق الرفيع” من سيد قطب

يؤكد الباحث السعودي في قضايا التطرف محمد بن الشيخ أن وضع تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية والاستناد والرجوع لبيان هيئة كبار العلماء يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك الحرص السعودي على المكتسبات البشرية والتنموية، وهو ما تضمنه النظام الأساسي للحكم في الباب الثالث، وتحديداً بالمادة الثانية عشرة: “تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام”.
آلية التفسير
ويقول خبير سعودي في الحركات والتنظيمات المتطرفة: “إن كل هذا مرتبط بتأثير هذا التغير على الجيل القادم من الطلبة، وكيفية تفسيره لهم، خاصة وأن الاجيال السابقة درست معلومات مغايرة فكيف يمكن للتعليم أن يقنع هولاء الطلبة بالتحولات التي دفعت لوصف جماعة الاخوان بالإرهابية، وإدراج هذا الوصف بشأنها؟
وأضاف في تعليق لـ”كيوبوست” أن إدراج التحذير من التنظيمات المتطرفة كجماعة الإخوان المسلمين أو القاعدة أو داعش في مقررات التعليم العام خطوة مهمة في تحصين الناشئة من تلك التنظيمات التي خلا لها الجو لعقود وهي تنشط في كثير من مؤسسات المجتمع في نشر أيديولوجياتها المتطرفة وتجنيد الشباب، خاصة في مجال التعليم، ومع أهمية هذه الخطوة إلا أنها، حسب الخبير السعودي الذي يتمتع بخبرة سنوات من الحوار مع عشرات الموقوفين في قضايا التطرف والتنظيمات المسلحة وتأهيلهم، “تتوقف على مدى تفاعل المعلم معها، وهو الحلقة الأهم في العملية التعليمية”.
اقرأ أيضًا: إصلاحات السعودية: رؤية متكاملة نحو التنمية المستدامة
واستطرد قائلاً “أن الراصد لمنافذ اختراق الأفكار المتطرفة لحقل التعليم يجد أثر المعلم فيها والأنشطة اللا صفية أقوى من المقرر، وهذا يتطلب استكمال خطوات المعالجة لتشمل جميع عناصر العملية التعليمية، كما أن التركيز على مرحلتي الثانوية والجامعية أولى من التركيز على مرحلتي الابتدائية والمتوسطة لكون الفئة العمرية من 15 إلى 23 سنة هي الفئة الأكثر قابلية للتأثر بالأفكار وتكوين القناعات، وما أدرج أخيرًا في التحذير من التنظيمات المتطرفة هو إضافة جديدة اقتضتها المستجدات المهددة للأمن والاستقرار، ولم تكن بديلاً لمحتوى سابق يمجد التنظيمات المتطرفة ألبتة”.

كيف حدث اختراق المناهج؟
ووفق كتاب «اختراق البرج العاجي، قراءة في التحولات الجيوسياسية والتأثير الأيديولوجي في بنية وسياسة التعليم العالي السعودي» لمحمد بن عبد الله الخازم الصادر عام 2011، فإن مناهج التعليم العالي قد تعرضت للاختراق من قبل الفكر السلفي السائد عبر ثلاثة محاور رئيسية؛ بداية من أسلمة بعض العلوم ومنحها نعت “الإسلامية” فظهر علم النفس الإسلامي، والطب الإسلامي، وغيرها، مروراً برفض تدريس بعض العلوم اعتماداً على مواقف مسبقة، منها رفض تدريس الفلسفة أو الفنون أو القانون، بحجة أنها تتعارض مع مبادئ المدرسة السائدة، وصولاً إلى فرض مواد دراسية إسلامية حيث أصبحت مختلف الجامعات السعودية مجبرة على تدريس ما لا يقل عن ثلاث مواد إسلامية لطلابها، بغض النظر عن تخصصهم.
اقرأ أيضًا: الكتب المدرسية السعودية تتخلى عن المحتوى المتشدد
التوصيف الجديد للإخوان المسلمين، “تنظيماً إرهابياً منحرفاً”، مدرج بمقرر الدراسات الإسلامية، وهو المقرر الديني الوحيد الذي يتم تدريسه على طلاب المدارس بجميع المراحل بحسب ابن الشيخ الذي يؤكد لـ”كيوبوست” أن وزارة التربية والتعليم قامت بدمج عدة مقررات بما يحد من التسربات الفكرية التي جعلت التعليم وأدواته مطية للفكر الضال المنحرف.
يقول الخازم في كتابه إن التحولات الفكرية والاجتماعية التي قادت للتشدد الديني وأدلجة كل فعل ليتوافق مع فكر المدرسة الدينية السائد، أحدث تغيرا كبيرا في طريقة حياة الطلاب وبدلاً من أن ترتكز على النشاطات غير المنهجية؛ مثل الرياضة والمسرح تعرضت هذه الانشطة للتقلص.
دعوة للمراجعة والتنقيح

ودعا وزير التعليم السعودي حمد بن محمد آل الشيخ إلى خلو المكتبات والمراجع العلمية وتوصيف المقررات والرسائل المقدمة في الدراسات العليا أو البحوث المعدة للنشر من أي إشارة إلى كتب المنتمين للفكر وللحركات والجماعات الارهابية؛ كجماعة الإخوان المسلمين، وغيرها مؤكداً عدم السماح باستغلال المؤسسات التعليمية في الترويج للفكر المتطرف.
يؤكد ابن الشيخ أن ما يجري الآن هو تنفيذ لتعهدات ولي العهد بشأن “القضاء على بقايا التطرف في القريب العاجل”، وإعادة المملكة “إلى الإسلام الوسطي المعتدل، والمنفتح على جميع الأديان”، الأمر الذي يحمل أبعاداً عديدة، أهمها تجديد الخطاب الديني، والحد من الاجتهادات الفكرية، والتركيز على تحقق الوسطية والاعتدال والتعايش والتسامح في المجتمعات ونبذ التطرف.