الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
“الإخوان المسلمون في العالم العربي.. مظاهر الأفول ومحاولات البقاء”
في ختام منتداه الثاني للإسلام السياسي.. خبراء ومختصون في ندوة مركز تريندز: الإخوان انكشفوا وسينتهون إذا جُفِّفت منابع التمويل

كيوبوست
اتفق خبراء ومختصون، في ندوة عقدها مركز تريندز للبحوث والاستشارات تحت عنوان “الإخوان المسلمون في العالم العربي.. مظاهر الأفول ومحاولات البقاء”، على انكشاف جماعة الإخوان المسلمين وقرب نهايتها في حال جُفِّفت منابع التمويل، بالتزامن مع فشل الجماعة في المواءمة بين الإسلاموية وتحقيق المدنية.
وأكد المشاركون في الندوة، التي عُقدت (عن بُعد) ضمن سلسلة ندوات وفعاليات “منتدى تريندز للإسلام السياسي السنوي الثاني”، الذي يأتي تحت عنوان “مشروع التمدد الإخواني.. حدود التراجع والمآلات”، أن خواء شعارات جماعة الإخوان كشف عن زيفها وأفشل مساعيها، مشيرين إلى أن الإخوان عزلوا أنفسهم بسبب عنصريتهم وتعصبهم الطائفي تجاه غير المنتمين إلى الجماعة وأفكارها، وممارستهم الاغتيال السياسي للعديد من الشخصيات السياسية التي اختلفت معهم.
اقرأ أيضًا: خلافات جماعة الإخوان الداخلية هل تنذر باقتراب النهاية؟
وشدد المشاركون في الندوة التي تضمنت عدة محاور رئيسة؛ هي: مظاهر أفول الأيديولوجية الإخوانية في العالم العربي، وتأثير الحالة التونسية على مستقبل الإخوان، واستراتيجيات الجماعة للبقاء والاستمرارية، ورؤية مستقبلية لمآلات الجماعة، على أهمية تجفيف منابع الإخوان المالية؛ خصوصاً أن الاختلافات العميقة داخل الجماعة ستؤدي إلى نهايتها، لكنهم حذَّروا من خبرة الجماعة في التحور ومحاولة البقاء.
وفي بداية الندوة، رحبت ريم إبراهيم الحوسني، الباحثة بمركز تريندز، في كلمة تقديمية للندوة، بالمشاركين في المنتدى الذي يهدف إلى رصد التطورات التي طرأت على مشروع جماعة الإخوان المسلمين؛ لا سيما ما يتعلق بتراجع هذا المشروع ومآلاته بعد ما تعرضت إليه الجماعة من نكسات خلال السنوات القليلة الماضية.
وشارك في الندوة مجموعة من الخبراء والباحثين والأكاديميين المتخصصين في حركات الإسلام السياسي، وأدار فعالياتها هاني الأعصر، المدير التنفيذي بالمركز الوطني للدراسات بمصر، الذي أشار إلى محاور الندوة.
الفلاسي: الإمارات كانت كاسر أمواج ما يُسمى بـ”الربيع العربي”
وفي مداخلة بعنوان “مآلات جماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي.. رؤية مستقبلية”، أكد عضو المجلس الوطني الاتحادي والمدير التنفيذي لمؤسسة “وطني الإمارات” ضرار بالهول الفلاسي، أن دولة الإمارات كانت كاسر أمواج ما يُسمى بـ”الربيع العربي” وأن “الإخوان” كانوا أحد مكونات هذا “الربيع”.

وأضاف أن الإخوان دائماً ما استغلوا قضية المظلومية؛ وهو الأمر الذي ساعد على ركوبهم الموجة في أوروبا تحديداً ومنها إلى المنطقة العربية، مبيناً أن الإخوان كان لديهم تعطش للسلطة؛ ما سرَّع من خطواتهم للاستحواذ على السلطة التي وصلوا إليها بسبب التصويت الغاضب الذي مارسه الناخبون ضد النظام السابق وليس اقتناعاً بالإخوان أنفسهم.
وأشار الفلاسي إلى أن هناك صراعات عدة بين الكثير من فصائل الإخوان في الوقت الراهن، وهو ما أظهر وجود تيار ليبرالي متطرف أيضاً يحاول أن يسوق نفسه للغرب، مشدداً على ضرورة تجفيف مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين؛ وأهمها جمعيات العمل الخيري التي تستغلها الجماعة في جمع المال من خلال التبرعات.
ونبه الفلاسي إلى أن الملجأ الوحيد الذي سيبقى للإخوان هو لندن، متوقعاً أن تلفظهم أيضاً هي الأخرى بعد أن لفظتهم تركيا التي لم تعد ملاذاً للإخوان.
وأكد الفلاسي أن جماعة الإخوان المسلمين ستختفي من المشهد السياسي بشكل كامل إذا استطعنا تجفيف منابع التمويل الخاصة بها، مشيراً إلى أن الإخوان عزلوا أنفسهم بسبب عنصريتهم وممارستهم الاغتيال السياسي للعديد من الشخصيات السياسية التي اختلفت معهم.
د.علي مصطفى: مشاركة الحركات الإسلامية سياسياً واجتماعياً تسمح لها باكتساب شرعية
من جانبه، قال الأستاذ المشارك بجامعة ليون الكاثوليكية بفرنسا الدكتور علي مصطفى، في ورقة عمل بعنوان: “استراتيجيات الجماعة للبقاء والاستمرارية”، إن تأثير أيديولوجية الإخوان المسلمين على الأحزاب والحركات الإسلامية المغربية يشكل موضوعاً لنقاش سياسي وفكري دائم بين معسكرَين؛ المعسكر الأول يرى أن الإسلاموية المغربية نابعة من الداخل ولا علاقة لها بأيديولوجية الإخوان المسلمين، أما المعسكر الثاني فيؤكد أن الأحزاب والحركات السياسية الإسلامية كانت دائماً متأثرة بأيديولوجية إسلامية استوردتها هذه الأحزاب والحركات في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
وأوضح الدكتور مصطفى أن السلطات المغربية تميل إلى التسامح مع الإسلام السياسي الناشئ محلياً أكثر من تسامحها مع الأيديولوجية الإسلاموية الخارجية، بغض الطرف عن مدى التشابه بينهما، مشيراً إلى أن هذه السلطات تعتقد أن مشاركة هذه الحركات في الحياة السياسية يمكن أن تساعد على تعزيز أساس المؤسسة الدينية وشرعيتها في المغرب.
شاهد: ندوة الإخوان المسلمون في العالم العربي: مظاهر الأفول ومحاولات البقاء
وذكر الدكتور مصطفى أن الحركات الإسلامية نفسها تعتقد أن مشاركتها في اللعبة السياسية، أو على الأقل وجودها في المجال الاجتماعي سيسمح لها باكتساب شرعية، والحصول على اعتراف قانوني طويل الأمد.
ورأى أن الدولة المغربية تعتقد أن مشاركة الحركات الإسلامية في العملية السياسية هي نوع من إسباغ الشرعية على النظام المغربي، مبيناً أن السلطة المركزية في المغرب هي في يد الملك الذي هو أمير المؤمنين، ومن هذا المنطلق لا يُسمح لأي حزب سياسي، بما في ذلك حزب العدالة والتنمية، أن ينافسه في المجال الديني.

وأوضح أنه إذا كان أحد أهداف الإخوان المسلمين هو تغيير نظم الحكم في الدول التي يوجدون فيها، فإن طموحات حزب العدالة والتنمية أقل من ذلك بكثير، وقال: إن سنوات حكم حزب العدالة والتنمية تميزت بسلسلة من التنازلات السياسية التي تعكس الدور العميق للدولة المغربية؛ وعلى رأسها ملك البلاد.
واختتم الدكتور مصطفى حديثه بالإشارة إلى أن حزب العدالة والتنمية في المغرب دخل في مرحلة تكيُّف مع المؤسسة الملكية دفعته إلى تقديم العديد من التنازلات؛ ومن بينها قبوله التطبيع مع إسرائيل.
اقرأ أيضًا: جولة جديدة من الصراع بين الإخوان والحكومة النمساوية أمام القضاء
د.أماني فؤاد: جماعة الإخوان واجهت عند وصولها إلى الحكم في مصر تحدياً وجودياً
بدورها، أكدت الباحثة المشاركة بمركز بحوث الهجرة والأعراق والمواطنة بجامعة كيبيك في مونتريال بكندا، الدكتورة أماني فؤاد، في ورقة عمل بعنوان: “مظاهر أفول الأيديولوجية الإخوانية في العالم العربي”، أن تجربة الإخوان المسلمين في مصر تلقي الضوء على الأسس الراديكالية لأيديولوجية الجماعة، مشيرةً إلى أن هذه المبادئ، التي تتضمن ممارسة العنف المباشر ضد المواطنين من غير المسلمين، ظلت فترة طويلة محصورة في الجانب النظري، غير أنه عقب ثورات “الربيع العربي” في عام 2011 ووصول الإسلاميين إلى السلطة في العديد من البلدان العربية، شهدت الساحة الاجتماعية السياسية وضع هذه المبادئ قيد التطبيق.
وأشارت فؤاد إلى أن أيديولوجية الإخوان المسلمين كانت تحظى بتأثير عقائدي مباشر على أكثر الحركات الجهادية عنفاً؛ مثل تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، موضحةً أن جماعة الإخوان المسلمين تعدُّ المسلمين غير الإسلامويين منحرفين، أما غير المسلمين عموماً فتعدُّهم الجماعة إما متآمرين وإما أعداء.
وبيَّنت أن جماعة الإخوان واجهت عند وصولها إلى الحكم في مصر تحدياً تمثَّل في المواءمة بين تطبيق الإسلاموية وتحقيق المدنية والديمقراطية؛ ما أدى إلى فشلها في النهاية، مشيرةً إلى أن الدولة المدنية كما يعرِّفها الإخوان هي التي لا تكون ذات طبيعة عسكرية أو ثيروقراطية، كما أن جماعة الإخوان المسلمين تبنَّت ممارسات تكرس عنصرية مؤسسية مرفوضة كانت من أسباب أفول الجماعة.
د.فريد بن بلقاسم: حدث 25 يوليو أثَّر بشكل مباشر في وضع حركة النهضة في تونس

وأشار أستاذ الحضارة والفكر الإسلامي بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس الدكتور فريد بن بلقاسم، في ورقة عمل بعنوان “تأثير التحول في الحالة التونسية على مستقبل الإخوان المسلمين في المنطقة”، إلى أن حدث 25 يوليو 2021 مثَّل منعطفاً فارقاً في تاريخ تونس، وطرح أسئلة مهمَّة حول مصير الحركة الإسلاموية في تونس وتأثير ذلك في مستقبل الجماعات الإخوانية عموماً في المنطقة.
وبيَّن الدكتور بلقاسم أن حدث 25 يوليو أثَّر بشكل مباشر في وضع حركة النهضة في تونس، مستعرضاً تجربة الإخوان في الحكم من حيث حصيلتها ومآلاتها.
وشدد على أن الإجراءات التي نفذها الرئيس التونسي قيس سعيد، كانت لها تداعيات على وضع حركة النهضة الداخلي التنظيمي، وعلى مكانتها ودورها اجتماعياً وسياسياً، كما كانت لها ارتداداتها على وضع الإخوان في المنطقة باعتبار تونس كانت آخر مناطق نفوذهم.
وذكر الدكتور بلقاسم أن تجربة المجتمعات العربية مع الإخوان بعد الربيع العربي مختلفة عن التجارب السابقة؛ خصوصاً في تونس، إذ خَبِرَ المجتمع مشروعهم وعاين فشلهم في إدارة شؤون الدولة والحكم؛ لكنه نبَّه إلى أن لهذه الجماعات خبرة في التعامل مع مثل هذه الأوضاع وقدرة على التكيُّف معها، وأن تاريخها صيرورة من التقلبات صعوداً ونزولاً، وأن لها تجربة كبيرة في كيفية الاستفادة من العوامل المحيطة بها.
اقرأ أيضًا: بعد أحداث تونس.. هل تتراجع العلاقة بين أردوغان وإخوان ليبيا؟
وشدد بلقاسم على ضرورة استخلاص النخب العربية الدروس من هذه التجربة، والتركيز على تغيير البيئة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي تستفيد منها تلك الجماعات وتشكِّل منها أرضية ملائمة لنموِّها وإعادة إنتاج نفسها وانتشارها من جديد، إضافة إلى تجفيف مواردها وتفكيك أخطبوطها الجمعياتي، فضلاً عن تحييد العامل الخارجي، وأضاف أن خواء شعارات الإخوان كشف عن زيفها وأدى إلى فشلها.
عقب ذلك، شدد الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات الدكتور محمد العلي، على أن المركز ماضٍ في مواجهة الفكر المتطرف، وتقديم الفكر القائم على الخير والتسامح والتعايش، وهو يسعى إلى تقديم المعرفة الشاملة للمجتمع وصنَّاع القرار.