الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
الإخوان المسلمون في إسبانيا: تشرذم وانقسامات ثم عودة إلى الواجهة
من مجلة "عين أوروبية على التطرف"

ترجمة كيو بوست –
بقلم أستاذة العلوم السياسية في جامعة سافولك الإسبانية د. آنا بيلين سواج.
يعود ظهور الإخوان المسلمين الأول في إسبانيا إلى الخمسينيات من القرن الماضي، حيث طورت الجماعة شبكات صداقة مع الطلاب العرب والمسلمين في الجامعات الإسبانية، الذين جاؤوا من سوريا ومصر وفلسطين والأردن ولبنان والمغرب. في ذلك الحين، بدأ ظهور اتحادات طلابية بقيادة أعضاء ومتعاطفين مع الإخوان المسلمين، مما منح الحركة أعدادًا أكبر من الأتباع في البلاد.
اقرأ أيضًا: هل أصبحت السويد “قاعدة” للمتطرفين الإسلاميين؟
الآلاف من أعضاء وأنصار الإخوان ظلوا في إسبانيا بعد زواجهم من إسبانيات وحصولهم على الجنسية الإسبانية. قامت جماعة الإخوان بتأسيس أولى منظماتها هناك عام 1963 تحت اسم “المركز الإسلامي في غرناطة”، وجرى تسجيلها رسميًا عام 1966 إلى جانب بعض الجمعيات الإسلامية. وجرى كذلك تسجيل “الاتحاد الإسلامي في مليلة” عام 1968، وكذلك “الاتحاد الإسلامي في مدينة سبتة” عام 1971. عمل الإخوان كذلك على تسجيل “اتحاد إسبانيا الإسلامي” عام 1971 في العاصمة مدريد، من قبل أحد الطلاب السوريين المرتبطين بالإخوان، يدعى رياي تتاري.
كان نزار أحمد الصباغ عضوًا بارزًا آخر في جماعة الإخوان المسلمين في إسبانيا في تلك السنوات، فقد استقر في غرناطة في الستينيات، ونجح في تكوين علاقات مع “رابطة العالم الإسلامي” و”الجمعية العالمية للشباب الإسلامي”، اللتين منحتاه إمكانية الوصول إلى الموارد المالية. حصل الصباغ كذلك على الدعم الكويتي لإطلاق شركة للنشر تسمى “البيت الإسلامي”، طبع فيها أيديولوجيات إسلامية خاصة بحسن البنا وسيد قطب وأبو علاء المدودي.
وبعد ذلك، جرى تأسيس منظمات أخرى، شملت “مجلس المساجد الأوروبية” و”اللجنة الإسبانية الإسلامية” بقيادة منصور إسكوديرو. وفي شهر أيلول/سبتمبر عام 1989، جرى تأسيس “الاتحاد الإسباني للهيئات الدينية الإسلامية” برئاسة إسكوديرو كذلك، من أجل جلب جميع المنظمات الإسلامية في البلاد تحت مظلتها. وفي عام 1990، قام “تتاري” بتأسيس “اتحاد الجماعات الإسلامية في إسبانيا”، إذ لم يكن سعيدًا بلعب دورٍ ثانوي وراء إسكوديرو. وحينها، حصلت صراعات شخصية ومؤسساتية بين الإخوان حول مصالح ورؤى متنافسة.
كان الوجود الإخواني في منتصف الثمانينيات وحتى أواخر التسعينيات محدودًا نسبيًا في إسبانيا، إلا أن تمويل الجماعة اعتمد على مصادر أجنبية في كثير من الحالات.
في الواقع، ترددت الانقسامات داخل جماعة الإخوان المسلمين السورية في إسبانيا في سبعينيات القرن الماضي. وحينها، قام نزار أحمد الصباغ بمناصرة عبد الفتاح أبو غادة، الزعيم المعترف به من قبل جماعة الإخوان المسلمين دوليًا، بينما اختار تتاري وآخرون فرع الإخوان بقيادة عصام العطار.
اقرأ أيضًا: الإخوان المسلمون في السويد: جمعيات خفية تتنكر للتنظيم الأم
وبعد ذلك بسنوات طوال، وبالتحديد في عام 2006، جرى الاستيلاء على الجماعة من قبل قيادة قريبة من السلطات المغربية، وقد وصفتها السلطات المغربية بـ”السلاح الرئيس للتحكم” بالمهاجرين المغاربة إلى إسبانيا. وبالطبع، لم يقبل معتنقو الإسلام من الإسبانيين القيادة الجديدة للإخوان، واتهموها بإعطاء الأموال أولوية فوق جميع الحسابات. بينما كانت شخصيات إخوانية أخرى محطّ هجوم لاذع من قبل مناصري الجماعة، مثل منصور إسكوديرو، بسبب علاقاته بنظام معمر القذافي آن ذلك.
عودة الإخوان من جديد
غالبًا ما تلفت التقارير حول نشاط الإخوان المسلمين في إسبانيا الانتباه بشكل خاص إلى “الرابطة الإسلامية للحوار والتعايش في إسبانيا”. تأسست هذه الرابطة عام 2004 في فالنسيا، وتنظم العديد من النشاطات في المدن الإسبانية الأخرى، لا سيما في كتالونيا، حيث تتعاون مع المجلس الثقافي الإسلامي الكتالوني، الذي أنشأ عام 2000.
ووفقًا لمعلومات قادمة من المخابرات الإسبانية، تحصل منظمتا الإخوان المسلمين الإسبانيتان “الرابطة الإسلامية للتعايش والحوار” و”المجلس الثقافي الإسلامي” على تمويل كبير من قطر.
ومن بين المنظمات التابعة للإخوان في إسبانيا هي “الإغاثة الإسلامية”، مقرها في برشلونة. ووفقًا لبعض المصادر، هنالك قيادة مشتركة تقود الإغاثة الإسلامية والرابطة الإسلامية للتعايش والحوار. في عام 2002، عملت منظمة الإغاثة الإسلامية على تمويل معسكرات تدريب للقاعدة في أفغانستان، وقدمت مساعدات لوجستية للجهاديين. أما الرابطة الإسلامية للتعايش والحوار فبدأت بتنفيذ مشاريع مثل بناء مدرسة إسبانية إسلامية في فالنسيا، بعد أن حصلت على دعم مالي من قبل قطر والكويت.
تشير كل هذه المعلومات إلى أن المنظمات الإسلامية المرتبطة بالإخوان لديها نشاط عال في منطقة فالنسيا، وتتمحور بالتحديد حول “مركز فالنسيا الإسباني الثقافي”، الذي أظهر ألوانه الإخوانية بالتحديد عام 2007، عندما استضاف يوسف القرضاوي ليترأس المجلس الإسلامي للفتوى والأبحاث.
المصدر: مجلة “عين أوروبية على التطرف“