الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
“الأمن ليس له لون”.. العنصرية تعصف بالمجتمع الإيطالي
قبل أسابيع قليلة على إجراء الانتخابات شهدت مدينة تشيفيتانوفا ماركي حادثَ قتل بشعاً لبائع نيجيري على يد مواطن إيطالي دون أدنى تدخل من المارة

كيوبوست
أربع دقائق فقط كانت كافية لإنهاء حياة بائع نيجيري متجول، بينما يتفرج الجميع في وسط مدينة تشيفيتانوفا ماركي الإيطالية، ممسكين بهواتفهم لتصوير أليكا أوجورشوكو وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، بعد جرعة من الضرب المبرح على يد الإيطالي فيليبو فيرلازو، في وضح النهار.
أليكا أوجورشوكو (39 عاماً) متزوج وأب لطفلين، تعرض، عصر الجمعة، لضربٍ أفضى إلى الموت بسبب رغبته في أن يشتري منه المارة أي شيء، وكان من بين المارة حينها الإيطالي فيليبو كلاوديو جوزيبي فيرلازو (32 عاماً) الذي طرحه أرضاً، وسدَّد إليه اللكمات حتى أنهى حياته، وبدلاً من التدخل لإنقاذ أوجورشوكو، انشغل الجميع بتصوير فيديو للواقعة ليتم تداوله على نطاقٍ واسع داخل وخارج إيطاليا.
اقرأ أيضاً: كيف تكشف الأزمة الأوكرانية عن “العنصرية اليومية” في أوروبا وخارجها؟
بحسب صحيفة “كوريير ديلا سيرا” الإيطالية، يعود سبب الوفاة إلى إلحاح أوجورشوكو على أن يشتري منه فيرلازو بعض المناديل أو إعطائه بعض النقود، ليقوم فيرلازو بضربه أولاً بالعصا، ثم طرحه أرضاً وخنقه بيده وسحله على الأرض، في ردة فعل وصفتها الصحيفة بأنها “غير طبيعية”، حسب تقدير ماتيو لوكوني الذي يدير التحقيقات الآن مع المتهم، الذي يواجه خمسةَ شهود عيان، ومقطع فيديو مصور، فضلاً عما التقطته كاميرا الشرطة المحلية للمدينة.
“نريد العدالة”
“نريد العدالة. كفى عنصرية ضد السود”.. كانت هذه هي مطالبات الجالية النيجيرية في إيطاليا التي خرجت، السبت، في تظاهراتٍ تنادي بتطبيق العدالة، وبحسب صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية، فإن حوالي ثلاثمائة شخص أوقفوا الشارع، وظهرت زوجة أوجورشوكو، في مقطع فيديو منهارة تماماً، وتطالب بالعدالة لزوجها. عزَّزت هذه التظاهرات تصريحات روبرتا بيتزاري، محامية فيرلازو، بأن الأخير كان يعاني من اضطراباتٍ نفسية، وسيتم عرضه على مختصين للتقرير بشأن ذلك.

صحيفة “الجورنال” الإيطالية أكدت أن فيرلازو لديه سجل جنائي، وبحكم عمله كعامل في شركة هندسية تمكن من الحصول على خدمات محامٍ، غير أن موقفه ليس بالسهل على الإطلاق، إذ يواجه تهمة القتل، في وقتٍ كان بإمكانه أن يشكو أوجورشوكو بدعوى الإزعاج، ومضايقته في الشارع، بدلًا من قتله في ردة فعل مبالغة للغاية.

عنصرية مستمرة
لا يمكن اعتبار واقعة مقتل أوجورشوكو حادثاً فردياً، حيث تعاني إيطاليا من العنصرية بشكلٍ واضح، وبحسب استطلاع للرأي، أجرته مؤسسة “إس دبليو جي” فإن 10% من الإيطاليين يؤمنون أن العنصرية مبررة ومقبولة، فيما يرى 45% أنها مبررة، ولكن بحسب الموقف الذي توجد فيه، فيما رفض 45% العنصرية بشكلٍ عام، بحسب الغارديان البريطانية.
كما تعد إيطاليا من أكثر بلدان أوروبا عنصرية على مستوى لعبة كرة القدم، إذ شهدت الملاعب الإيطالية العديد من وقائع العنصرية بحق لاعبين من ذوي البشرة السمراء والأفارقة، آخرها واقعة اللاعب النيجيري فيكتور أوسيمن مهاجم نادي نابولي الذي تعرض لهتافاتٍ عنصرية من جماهير نادي روما، ومن قبله الحارس الفرنسي مايك مينيان وزميله ومواطنه تيموي باكايوكو، وكذلك السنغالي كاليدو كوليبالي مدافع نابولي.
اقرأ أيضاً: لاجئو أوروبا في مواجهة سيل العنصرية والتشدد
الانتخابات الإيطالية
بحسب “كوريير ديلا سيرا”، تكتسب القضية أهمية إضافية بسبب توقيتها، حيث تستعد إيطاليا لانتخاباتٍ مبكرة، من المزمع إقامتها في الخامس والعشرين من سبتمبر المقبل، بعد تقديم رئيس الوزراء ماريو دراجي استقالته، خصوصاً وأن ملف المهاجرين واللاجئين الأفارقة والأجانب من أبرز الملفات المطروحة أمام الساسة الإيطاليين، خلال الوقت الراهن.

لم تخلق القضية ردة فعل شعبية فقط، بل اهتم الساسة في إيطاليا بالتطرق إليها، حيث صرح إنريكو ليتا من حزب بي دي، بأن اللامبالاة من المارة في الشارع كانت مفزعة أكثر من عملية القتل، فيما تساءل جوزيبي كونتي رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق: “هل هذه هي الحضارة التي نريدها؟”، كما طلب أنطونيو تاجاني من حركة “فورزا إيطاليا” أن تكون البلدية طرفاً مدنياً في القضية.
بالنسبة لماتيو سالفيني من حركة “لا ليجا”، فإنه يقول: “من الصعب أن تموت هكذا. الأمن ليس له لون”.