الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

الأطفال الجنود: هل هم محاربون خطرون؟ أم ضحايا ينبغي احتضانهم؟

تقارير أممية تحذر!

ترجمة كيو بوست –

المصدر: معهد “المشروع الاستقصائي حول الإرهاب” الأمريكي، بقلم الخبيرة في شؤون الإرهاب والتطرف، المؤلفة آبيغيل إيسمان.

هنالك جيش من الأطفال اليمنيين يخوضون معارك في الحرب الأهلية اليمنية. يجري تجنيد هؤلاء الأطفال بتشجيع من آبائهم في بعض الأحيان، إمّا مقابل أجور مرتفعة، أو سعيًا لـ”نيل الشهادة”. وحسب الأمم المتحدة، بعضهم لا يتجاوز سن الـ11 عامًا. وقد أوردت وكالة (سي أن أن) بعض المعلومات حولهم، شملت الطفل يونس، البالغ من العمر 13 عامًا، الذي تعلم استخدام البندقية منذ نعومة أظافره، وأيضًا الطفل صالح، الذي تعلم قيادة منصات إطلاق الصواريخ في السنّ نفسها، وكذلك الطفل بشير الذي يجيد إطلاق صواريخ الكاتيوشا على “الأعداء الكفار”، حسبما يجري تلقينهم من قبل مجموعة الحوثي.

اقرأ أيضًا: لماذا يسعى المتطرفون إلى تجنيد الأطفال في صفوفهم؟

إن تجنيد الأطفال ظاهرة لا تقتصر على اليمن، فقد أصدر مجلس الأمن مؤخرًا، تقريرًا يتحدث عن “زيادة كبيرة” في تجنيد الأطفال خلال الأعوام 2016 – 2017، تركزت غالبيتها في جمهورية كونغو الديمقراطية (1,049)، والصومال (2127)، وجنوب السودان (1221). وهنالك حالات أخرى شملت أفغانستان، خصوصًا طالبان، وفرع داعش المحلي المعروف باسم “تنظيم الدولة الإسلامية – ولاية خراسان”. وقد ارتفعت عمليات تجنيد الجنود الأطفال في تلك المنطقة في عام 2016، بعدما استخدم قادة طالبان المدارس الدينية الإسلامية لتوفير التدريب العسكري للأطفال، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 و17 عامًا، وهو ما أكدته منظمة هيومان رايتس ووتش. وحسب المعلومات المتوفرة، يبدأ تلقين الأطفال في سن السادسة، ويجري تدريبهم على استخدام الأسلحة النارية والعبوات الناسفة.

 

تجنيد الأطفال: ظاهرة دولية

يعمل “تنظيم الدولة الإسلامية – ولاية خراسان” في أفغانستان وباكستان، ويباشر في تدريب أطفال لا تتجاوز أعمارهم سن التاسعة على استخدام بنادق من طراز كلاشنكوف، بينما يحصل آباؤهم على رواتب من قادة داعش. يجري كل هذا فيما يسمى “مخيمات الأشبال”، التي توفر تدريبات على جلد السجناء، وقطع رؤوس “الكفار”، وإطلاق النار. تمكّنت “إذاعة صوت أمريكا” من الوصول إلى أحد الأطفال الجنود، فقال لها: “رأينا الكثير يذبحون، ونحن نرغب بذبح آخرين لنحصل على مكافآت من الله”. وأضاف قائلًا: “عرض قادة التنظيم علينا الكثير من الفيديوهات التي تدلل على قيام الكفار باضطهاد المسلمين”، وهو تكتيك يهدف إلى إثارة الرغبة بين الشباب الصغار لـ”الدفاع عن الأمة الإسلامية”.

أما الصومال فتوفر مثالًا عظيمًا لظاهرة تجنيد الأطفال، إذ تؤكد الأمم المتحدة أن 2,277 طفلًا جرى تجنيدهم خلال عام 2017 وحده، ليرتفع عدد الأطفال المجندين في هذا البلد ما بين 2010 – 2016 إلى أكثر من 6,163 طفلًا، بعضهم لا يتجاوز سن 8 سنوات. يعمل معظمهم لصالح تنظيم الشباب، بعد تعريضهم لتقنيات التلقين والتدريب العسكري في مدارس إسلامية شبيهة بمدارس تنظيم الدولة الإسلامية.

اقرأ أيضًا: داعش يجند الأطفال بعد خسارة مقاتليه الرجال!

ومن اللافت للانتباه أن تجنيد الأطفال لا يقتصر على الذكور. فوفقًا لتقرير الأمم المتحدة الصادر عام 2015، فإن 40% من الأطفال الجنود هم من الفتيات، يعملن كمفجرات انتحاريات، أو عبيد جنس، أو مهربات أسلحة، أو دروع بشرية، أو حتى مقاتلات في الميدان، وهذا ما يفعله جيش الرب في أوغندا. هنالك أسباب كثيرة تدفع الفتيات إلى الانضمام إلى صفوف الحركات الإرهابية، منها: الهرب من الفقر، والقمع الأسري، والإيذاء الجنسي، بالإضافة إلى أسباب نفسية كثيرة.

وبالطبع، آثار هذه الصدمات لا تنتهي بانتهاء الحرب، بل يتواصل الاضطراب إلى فترات قد تصل إلى مدى الحياة، حتى أن بعضهم يبحثون عن مجموعات بديلة. بعض هؤلاء الأطفال يعودون إلى مجتمعاتهم، فلا يلقون ترحيبًا على الإطلاق، بل يعانون من نظرة اشمئزاز مرعبة. ووفقًا لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، تعرضت بعض الفتيات العائدات لاغتصاب، سواء من عائلاتهن أو مجتمعهن، وبعضهن أصبحن حوامل وأمهات “غير طاهرات”. علاوة على ذلك، أفاد البعض بشعور “العار” الذي يرافقهم مدى الحياة، ما دفعهم إلى الانضمام إلى مجموعات مسلحة أخرى. هنالك بعض آخر من الجنود الأطفال طلبوا اللجوء إلى الغرب، إلا أن “المخاوف الأمنية” أجبرتهم على الرحيل. فمن يمكنه العيش إلى جانب طفل يبلغ من العمر 15 عامًا، يستطيع صنع وزرع وتفجير عبوات ناسفة!

 

الخلاصة

كافحت العديد من المنظمات لمعالجة هذه المشاكل، بما فيها اليونيسيف، وأطفال الحرب، والأطفال الجنود الدولية، وقد ركزت جهودهم على نزع التطرف، وإعادة إدماج الجنود الأطفال العائدين. ومع ذلك يبقى السؤال: هل يجب النظر إلى هؤلاء الأطفال كمحاربين خطيرين، وبالتالي وجوب إبعادهم عن المجتمع مهما كلف الأمر؟ أم أنهم ضحايا بحاجة إلى احتضان؟

لم تتمكن أي جهة من الإجابة على هذا التساؤل، ويبدو أن الدوامة ستستمر، والأزمة ستنمو يومًا بعد يوم.

اقرأ أيضًا: مسؤول يمني: 15 ألف طفل جنَدهم الحوثي خلال 3 سنوات

 

المصدر: معهد “المشروع الاستقصائي حول الإرهاب” الأمريكي

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة