الواجهة الرئيسيةترجمات
الأسئلة الأربعة الحرجة بعد اغتيال سليماني

كيوبوست- ترجمات
أخرجت الولايات المتحدة أهم رمز للقوة الإيرانية وأداة عملها الأكثر فاعلية في المنطقة، من المستحيل المبالغة في التأثير الذي كان يتمتع به قاسم سليماني في 22 عامًا قاد فيها “فيلق القدس” بالحرس الثوري الإيراني؛ فهو رجل كان يتمتع بقوة تجعله قادرًا على تشكيل الأحداث، فحضوره الجسدي على الخطوط الأمامية على مر السنوات مرورًا بدبلوماسيته الهادئة، جعلا له مكانة خاصة.
عملية اغتيال سليماني شكَّلت ضربة قاصمة للنظام الإيراني على مستوى العمليات وجمع المعلومات الاستخباراتية، وهي انقلاب كبير لإدارة ترامب؛ فمن دونه تصبح الأمور أقل قابلية للتنبؤ بها. والآن هناك سؤالان مهمان يجب طرحهما عن إيران، واثنان من الولايات المتحدة.
اقرأ أيضًا: كيف تعاون “الموساد” و”CIA” لاغتيال سليماني؟
هل ستتخلى إيران عن الحذر؟
منذ اضطرار القيادة الإيرانية لقبول تسوية مهينة في نهاية حربها الدموية في ثمانينيات القرن الماضي مع العراق، وامتنعت القيادة الإيرانية عن مواجهة خصومها مباشرةً؛ فقد كانت وفاة أكثر من مليون شخص في الحرب الإيرانية- العراقية، والاعتراف بأن إيران تفتقر إلى القوة اللازمة لخوض حرب مباشرة أخرى من العوامل الثابتة في استراتيجية سليماني الكبرى، والآن في غيابه عن مناقشات القيادة وفي ظل الغضب الشديد من عملية اغتياله فقد تؤثر هذه الدوافع على الحذر الذي التزمت به طهران خلال السنوات الماضية.

هناك مجموعة من الأهداف يمكن لإيران الرد من خلالها؛ هي: القوات الأمريكية في المنطقة، وناقلات النفط الغربية في الخليج، والحلفاء الرئيسيون لأمريكا، السعودية وإسرائيل؛ لكن يبقى التساؤل: هل تضرب إيران الآن؟ وهل سيكون كالعادة الضرب من قِبَل وكلائها؛ مثل الحوثيين في اليمن و”حزب الله”؟ أم أن الانتقام من قتل سليماني يستلزم أن يقود “فيلق القدس” الهجوم المضاد؟ أيًّا ما كان المسار، فسوف تحتاج إيران إلى أن تمتلك القدرة على احتواء التصعيد على الرغم من أن الرجل المسؤول عن هذه الاستراتيجية لم يعد موجودًا.
اقرأ أيضًا: صراعات يجب مراقبتها في 2020
كيف ستؤثر خسارة سليماني على القوة الإيرانية؟
ليس من قبيل الصدفة أن يبقى سليماني قائدًا لـ”فيلق القدس” بالحرس الثوري الإيراني لمدة 22 عامًا؛ فلا أحد يستطيع أن يمسك بيده كل الخيوط الفضفاضة للعب مع القوى الإقليمية المتغيرة، بل ويتلاعب بها مثل خيوط الدمى كما فعل هو. لعب سليماني الدور الرئيسي في زعزعة استقرار العراق بعد الغزو الأمريكي، وقام بتحويل “حزب الله” من ميليشيا متوسطة القوة والحجم إلى قوة جيش، بينما يأتي إنجازه الأعظم في الحفاظ على بقاء بشار الأسد رئيسًا لسوريا؛ وهو الأمر الذي جاء على حساب مئات الآلاف من القتلى.
اقرأ أيضًا: لماذا قررت الولايات المتحدة تنفيذ قرار استهداف سليماني الآن؟
صحيح أن لديه بعض الإخفاقات أيضًا؛ لكنه اعتمد على مساعدين ذوي ثقة وخبرة وقادرين على العمل، ومن ثَمَّ سيكون لخسارته تأثير داخل هيكل السلطة الإيرانية. فكانت قوة سليماني على الرغم من الانتكاسات التي تعرض إليها في سوريا خلال السنوات الثلاث الأخيرة عندما أحبطت إسرائيل عديدًا من خططه لإقامة قواعد عسكرية طويلة الأجل هناك، مستمدة من دعم خامنئي الذي واصل مساندته على الرغم من وجود فصيل محيط بالرئيس حسن روحاني، وتحركات من متظاهرين في شوارع إيران طالبت بضرورة استثمار موارد البلاد في الداخل بدلًا من تصدير الثورة الإسلامية إلى الخارج.
ومن دون أن يقود سليماني التحركات، يمكن لإيران الآن أن تسيء تقدير ردِّها وتؤدي إلى حرب شاملة؛ لكن إذا تم احتواء التداعيات فهناك أمل في أن تبدأ إيران في الحد من تطلعاتها الإقليمية.
اقرأ أيضًا: “ماذا ينتظر الشرق الأوسط بعد تصفية سليماني؟” تحليلات غربية تُجيب
ما الذي كان يحاول ترامب تحقيقه؟
بعد عام مما ظهر وكأنه تردد على الجبهة الإيرانية، وفشل في الرد على الهجمات التي وقعت على السفن بالخليج، وإسقاط طائرة أمريكية دون طيار، والصواريخ التي أُطلقت على المنشآت النفطية السعودية، وربما الأهم من ذلك أنه بعد منح ترامب إيران الجائزة الأكثر بريقًا بانسحاب القوات الأمريكية من سوريا، فقد قام فجأة بتحويل الأمر 180 درجة وبشكل مفاجئ إلى مواجهة كاملة، بشن غارات جوية على الميليشيات التي تدعمها إيران في العراق، والنشر الفوري للقوات المقاتلة، والآن اغتيال سليماني.
ظاهريًّا، كان سبب الضربات الجوية هو مقتل مواطن أمريكي في هجوم شنته ميليشيات تدعمها إيران شمال العراق، وكان مقتل سليماني جزءًا من تحرك أوسع؛ لمنع المزيد من الهجمات على الأفراد والقواعد الأمريكية، ومع ذلك فإن قتل شخصية مثل سليماني يعد خطوة استراتيجية، فهل كان لترامب هدف أوسع أم أنه حاول استغلال الفرصة من أجل إخراج هذه الشخصية البارزة؟
اقرأ أيضًا: واشنطن تقتل سليماني في العراق.. وإيران تتوعَّد
كانت لدى الولايات المتحدة فرص مماثلة لضرب سليماني في الماضي؛ لكن تم اعتبار رد الفعل المحتمل كبيرًا جدًّا، كما أن واشنطن تعاونت معه بشكل غير مباشر في عدة نقاط على مدى العقدَين الماضيين؛ على أمل أن يؤدي ذلك إلى استقرار العراق والمساعدة في محاربة تنظيمَي القاعدة وداعش. أما إذا كان ترامب قد أصدر الأمر هذه المرة باعتباره جزءًا من حملة أوسع ضد إيران، أملًا في أن يعزز ذلك من فرص دخوله الانتخابات، فإن تأثير هذه الخطوة سيكون كبيرًا على ما سيحدث بعد ذلك.
اقرأ أيضًا: ميليشيات الحشد الشعبي.. دولة إيرانية داخل الدولة العراقية
هل لدى أي شخص في الإدارة خطة؟
قبل أربعة أشهر، كان لدى ترامب فريق من الصقور المهتمين بإيران في مجلس الأمن القومي؛ لكن جون بولتون رحل ونبذ ترامب علنًا، ومع تفريغ مجلس الأمن القومي والوظائف العليا بوزارة الخارجية لا يوجد بالكاد هيكل من الموظفين المحترفين والمستشارين حول ترامب؛ فلا يوجد أحد مسؤول عن التفكير والتخطيط الاستراتيجي على الرغم من أنه لا يزال لديه أكبر قوات مسلحة واستخبارات في العالم، بل وأكثرها جاهزية واحترافية.
اقرأ أيضًا: كيف يعجل نهج ترامب الجديد للحروب بنشوب المواجهة المباشرة مع إيران؟
ترامب يمكن أن يحول الأمر إلى حرب شرسة مع إيران دون خطة، حتى لو لم يذهب إلى الحرب فإن اتخاذ الولايات المتحدة هذا التصعيد قد يلحق الضرر بمصالحها ومصالح حلفائها على حد سواء، صحيح أن الولايات المتحدة أقوى ألف مرة؛ لكن إيران أثبتت قدرتها على استغلال كل لحظة من الفراغ المؤقت الذي يحدث في الإدارات الأمريكية وسوء التقدير والتردد الذي يحدث.
المصدر: هآرتس