الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةرفوف المكتبةشؤون دولية
الأرض “الموعودة”.. كتاب أوباما الأكثر مبيعاً 3-3
يعرض الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مذكراته في كتابه «الأرض الموعودة».. والتي تتضمن فصولاً مهمة لرئيس أمريكي شكلت إدارته علامة فارقة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية

كيوبوست
أراد أوباما من هذا الكتاب أن يحكي قصته الشخصية؛ لكي تلهم الشباب والناس الذين يفكرون في الخدمة العامة، وذلك من خلال توضيح مساره المهني في حقل السياسة، وكيف تمكَّن في النهاية من التأثير على وجهة المجتمع. ويشير أوباما إلى أنه كان يتوقع القيام بذلك في خمسمئة صفحة، وأن يستغرق إعداد الكتاب عاماً كاملاً.

يقول أوباما إنه إذا سأله أي شخص في نهاية عام 2010 عن الأزمة الجديدة التي سوف تندلع في الشرق الأوسط، كان بإمكانه أن يعرض عليهم قائمة غنية من الاحتمالات؛ فقد كان هناك العراق، والذي على الرغم من التقدم المحرز؛ فإنه كان هناك إحساس دائم بالفوضى، مع قصف الأسواق أو هجوم الميليشيات. وبالنسبة إلى إيران، فإن العقوبات الدولية التي فُرضت رداً على برنامجها النووي، بدأت تتسبب في ألم للنظام، كما أن أي تحدٍّ أو يأس من النظام يمكن أن يؤدي إلى مواجهة تخرج عن السيطرة. أما اليمن فكان واحداً من أسوأ المدن في العالم، فقد أصبح المقر الرئيسي لـ”القاعدة” في شبه الجزيرة العربية، والذي أصبح الآن الأكثر دموية والأكثر نشاطاً بالنسبة إلى الشبكات الإرهابية. ثم يسرد أوباما موقف بلاده تجاه عدد من القضايا، والتي يمكن إيجازها على النحو التالي:
سياسة واشنطن تجاه العالم الإسلامي
دعا أوباما العالم الإسلامى إلى بداية جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية على أساس المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل والسعي نحو تغيير الصورة النمطية عن الولايات المتحدة في العالم الإسلامي. ومن جهة ثانية، كانت صورة المسلمين سلبية في الإعلام الأمريكي والأفلام؛ حيث يتم تصويرهم كإرهابيين أو شيوخ النفط، كما أن معظم الأمريكيين يعرفون القليل حول الإسلام.
اقرأ أيضًا: من فتح أبواب البيت الأبيض لجماعة الإخوان في عهد أوباما؟
ويروي أوباما أن استطلاعات الرأي أوضحت أن المسلمين حول العالم يعتقدون أن الولايات المتحدة كانت معادية لدينهم، وأن سياستنا تجاه الشرق الأوسط لم تكن قائمة على الاهتمام بتحسين حياة الناس؛ بل بالأحرى الحفاظ على إمدادات النفط وقتل الإرهابيين وحماية إسرائيل.
ونظراً إلى هذه المدركات السلبية بين الجانبين، رأى أوباما أن الخطاب الخاص به، والموجه إلى العالم الإسلامي، من جامعة القاهرة وبعد تنصيبه رئيساً، يجب أن يتضمن سياسات جديدة وأكثر توجهاً نحو فهم الطرف الآخر، وهذا يعني الاعتراف بما هو استثنائي من مساهمات الحضارة الإسلامية في النهوض بالرياضيات والعلم والفن والاعتراف بالدور الذي لعبه الاستعمار في صراعات الشرق الأوسط المستمرة.

وأبدى أوباما اعتقاده بأن سماع مثل هذه الكلمات من فم رئيس الولايات المتحدة سيفتح عقول الناس على الحقائق الصعبة، والتي تساعد في كشف الأصولية الإسلامية التي هيمنت على الكثير من المسلمين، وكذلك محاولة القادة المسلمين إثارة مظالم ضد الغرب؛ من أجل صرف الانتباه عن إخفاقاتهم. وأبدى أوباما اعتقاده أن الدولة الفلسطينية لن تتم إقامتها، إلا من خلال التفاوض والتسوية، بدلاً من التحريض على العنف ومعاداة السامية.
سياسة واشنطن تجاه العراق
وفي ما يتعلق باحتلال العراق، كان أوباما يرى أن الطريقة التي صاغت بها إدارة بوش المعلومات الاستخباراتية لكسب التأييد الشعبي لغزو العراق (ناهيك باستخدامه الإرهاب كأداة سياسية في انتخابات 2004)، كانت مؤسفة، واعتبر الغزو نفسه خطأ استراتيجياً فادحاً يشابه سقوط الولايات المتحدة في مستنقع فيتنام على مدار عقود.
ويرى أوباما أن الجيش الأمريكي في أفغانستان والعراق لم يتورط في قصف عشوائي أو استهداف متعمد للمدنيين؛ وباستثناءات صارخة مثل “أبو غريب”، أظهرت القوات الأمريكية في الميدان مستوى رائعاً من الانضباط والاحترافية. وشرع أوباما في وضع خطط للإصلاح؛ مثل التفكير في إغلاق سجن خليج غوانتانامو، ووقف التدفق المستمر للسجناء المحتجزين إلى أجل غير مسمى هناك، كما أصدر قراراً تنفيذياً بإنهاء التعذيب، كما كان من ضمن أولوياته خلق أنظمة تمتلك شفافية وقوة ومساءلة ورقابة، على البنتاجون ووكالة المخابرات المركزية.

تصفية أسامة بن لادن
كشف أوباما عن أن جو بايدن، الذي كان يشغل منصب نائب أوباما حينها، كان معارضاً لتصفية زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، ودعاه إلى التريث، وعدم التسرع في القيام بالعملية العسكرية التي أفضت إلى مقتله، حين قامت بذلك عناصر من نخبة البحرية الأمريكية في مدينة أبوت آباد الباكستانية، ليلة الأول والثاني من مايو 2011.

كما عرض أوباما وجهة نظر وزير الدفاع، وقتها، روبرت فيتس، والذي نبَّه إلى التبعات الوخيمة، المترتبة على الإخفاق في تصفية أسامة بن لادن، وأكد ضرورة الانتظار إلى أن تصبح المخابرات على يقين بأنه موجود فعلاً في المكان الذي جرت الإشارة إليه في باكستان؛ لكن أوباما أشاد بموقف بايدن حتى إن كان متحفظاً، لأنه حرص على طرح “الأسئلة الصعبة”.
الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي
يروي أوباما: بحلول الوقت الذي توليت فيه منصب رئيس الولايات المتحدة، تخلى معظم الجمهوريين في الكونجرس عن دعم الفلسطينيين. وفي الواقع، اعتقدت الغالبية العظمى من الإنجيليين البيض، وهي الكتلة الانتخابية الأكثر ولاءً للحزب الجمهوري، أن إنشاء إسرائيل والتوسع التدريجي لإسرائيل يحقق وعد الله لإبراهيم ويبشر بعودة المسيح في نهاية المطاف. وعلى الجانب الديمقراطي، حتى التقدميون منهم، كانوا يكرهون أن يبدوا أقل تأييداً لإسرائيل مقارنة بالجمهوريين؛ خصوصاً أن العديد منهم كانوا يهوداً، أو يمثلون قاعدة يهودية كبيرة.
ويشير أوباما إلى أن الأعضاء من كلا الحزبَين كانوا يسعون دائماً للحفاظ على علاقات جيدة من “لجنة الشؤون العامة الأمريكية- الإسرائيلية” (AIPAC)؛ وهي منظمة ضغط قوية من الحزبَين ومكرسة لضمان الدعم الأمريكي الثابت لإسرائيل. ويمكن استخدام نفوذ إيباك، وفقاً لأوباما، للتأثير على كل منطقة تقريباً في البلاد، وكل سياسي تقريباً في واشنطن، بمَن فيهم أوباما نفسه، يعتبر “إيباك” من بين الداعمين والمانحين الرئيسيين له.

وفي الماضي، استوعبت المنظمة وجهات النظر حول السلام في الشرق الأوسط، وأصرت بشكل أساسي على أن أولئك الذين يسعون للحصول على تأييدها يدعمون استمرار المساعدة الأمريكية لإسرائيل ويعارضون الجهود المبذولة لعزل إسرائيل، أو إدانتها في الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى.
ويعتبر أوباما أن نتنياهو كان لطيفاً وودوداً، عندما يسعى لتنفيذ أهدافه. فقد ذهب لمقابلة أوباما، على سبيل المثال، في صالة مطار شيكاغو بعد فترة وجيزة من انتخابه لمجلس الشيوخ الأمريكي؛ حيث أشاد به بسبب تأييده مشروع قانون غير مهم مؤيد لإسرائيل، كان أوباما قد أيده في مجلس إلينوي التشريعي. لكن رؤيته لنفسه على أنه المدافع الرئيسي عن الشعب اليهودي ضد “كارثة”، سمحت له بتبرير أي شيء تقريباً من شأنه أن يبقيه في السلطة، كما أن إلمامه بالسياسة والإعلام الأمريكيين أعطاه الثقة في أنه يستطيع مقاومة أي ضغط من قِبل إدارة ديمقراطية مثل إدارة أوباما.
اقرأ أيضًا: بالوثائق: كيف سمح أوباما لحزب الله بالتخلص من مأزقه؟
الاحتجاجات الشعبية في مصر
يذكر أوباما في كتابه فترة الاحتجاجات التي شهدها ميدان التحرير، وكيف أخذت في الاتساع، كما ارتفعت وتيرة العنف، مع اشتباك المتظاهرين والشرطة. ويقول أوباما إن الشعب المصري استيقظ، على ما يبدو، من سبات. وذهب مبارك ليعلن في خطابه، بالتليفزيون المصري يوم 28 يناير، أنه سيستبدل حكومته؛ لكنه لم يقدم أية إشارات على أنه كان ينوي القيام بالاستجابة لمطالب الإصلاح.

ويقول أوباما: “استشرت فريق الأمن القومي الخاص وقد نصحوني بالحذر؛ فقد عملوا جميعاً مع مبارك لسنوات، وأكدوا دوره؛ فلطالما لعبت الحكومة دوراً في حفظ السلام مع إسرائيل، ومكافحة الإرهاب والشراكة مع الولايات المتحدة، بينما أقر بعض منهم ضرورة الضغط على الزعيم المصري للقيام بعملية إصلاح سياسي، كما حذروا من أنه لا توجد طريقة لمعرفة مَن يمكن أن يحل محله في هذه الأثناء”.

ويشير أوباما إلى تقديره أنه باستثناء الجيش المصري، الذي كان متجذراً بعمق في جميع أنحاء المجتمع المصري، والذي له استثمارات واسعة في قطاعات مختلفة من الاقتصاد المصري، كانت أكبر قوة متماسكة ومنظمة في البلاد هي جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بفضل تنظيمها، وإقامتها مشروعات خيرية.
كما تبنت الجماعة المشاركة السياسية بدلاً من العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها، وفي أي انتخابات نزيهة وحرة، سيكون المرشحون الذين دعمتهم هم المرشحين المحتمل فوزهم في الانتخابات. ومع ذلك، اعتبرت العديد من الحكومات في المنطقة جماعة الإخوان تهديداً خطيراً، كما أن فلسفة التنظيم الأصولية جعلتها غير موثوقة كوصي على التعددية الديمقراطية، وربما تثير إشكالية للعلاقات الأمريكية- المصرية.

ويروي أوباما أنه عندما عبَّرت هيلاري كلينتون، عن دعمها بقاء مبارك في السلطة، اتصل بها غاضباً، وطلب منها ألا تقوم بمثل هذه التصريحات، حتى لا ترسل رسائل متضاربة حيال موقف الإدارة الأمريكية، كما أن الجيش والاستخبارات الأمريكية كانا على اتصال بنظرائهما في القاهرة، وأبلغاهم بأن أية مشاركة في قمع التظاهرات سوف يترتب عليها وقف التعاون بين الجانبَين، وذلك للضغط عليهم لعدم دعم مبارك.
ويستطرد أوباما بأن الشيخ محمد بن زايد أبلغه وقال: “إنه إذا انهارت مصر وتولى الإخوان المسلمون زمام الأمور، سيكون هناك ثمانية قادة عرب آخرون سيسقطون”. ولهذا انتقد بيان الرئيس أوباما، الذي طالب فيه مبارك بالرحيل الآن. كما أضاف زايد: “إن الولايات المتحدة ليست شريكاً يمكننا الاعتماد عليه على المدى الطويل”، ويصف أوباما صوته بأنه كان هادئاً وبارداً. وعقب أوباما قائلاً: “أدركت أنه لم يكن يطلب المساعدة؛ بل كان يقوم بتحذيري”.
لقراءة الجزء الأول: «الأرض الموعودة».. كتاب أوباما الأكثر مبيعاً 1-3
لقراءة الجزء الثاني: الأرض الموعودة”.. كتاب أوباما الأكثر مبيعاً 2-3
- اسم الكتاب: «الأرض الموعودة»
- المؤلف: باراك أوباما
- المطبعة: كراون
- سنة النشر: 2020