الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

الأردن: أصوات تحالفت مع الإخوان تصرخ في وجه التنظيم

مراقبون لـ"كيوبوست": دأب ليث شبيلات على مهاجمة التنظيم منذ عدة سنوات إلا أن حديثه الأخير يشير إلى انقسامات حادة ضربت عمق الجماعة في الأردن

كيوبوست

لا يكاد يمضي يوم من دون أن يتصدى سياسيون وكتاب ومفكرون ومحللون، بالنقد والتحليل والاستشراف لواقع جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة العربية، ومآلاتها، آخر هؤلاء كان المعارض الأردني البارز المهندس ليث شبيلات الذي هاجم في تسجيلٍ صوتي، تم تداوله بشكلٍ واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، جماعةَ الإخوان المسلمين، قائلاً: “نحن الإسلاميون المجرمون، الله لا يوفقكم والله لا يوفقني معكم، وبأس الرجل الذي يكون معكم”.

وأضاف شبيلات الذي اعتزل الحياة السياسية في الأردن منذ سنواتٍ، بالتسجيل أن “كل فساد الدنيا أصبح من جماعة الإخوان المسلمين”، وقال: “عند الغنائم تقولون نحن أكبر الناس والأغلبية، وعندما تأتي المصاعب تقولون لا نقدر”.

اقرأ أيضاً:  لماذا يهدد إخوان الأردن بالانسحاب من لجنة الحوار الوطني؟ 

شبيلات الذي يعد من أبرز معارضي النظام الأردني، وربما أكثرهم جرأة، حيث سبق وأن عارض الملك الراحل الحسين بن طلال، ووجه له انتقاداتٍ قاسية، ما تسبب بسجنه مرات عدة، ومحاولة الاعتداء عليه؛ اتهم الإخوان على حد قوله، أنهم “حافظوا على التنظيم، ولم يحافظوا على الدين”.

شبيلات مع الملك الراحل الحسين بن طلال

شبيلات زاد من حدّة هجومه على الإخوان المسلمين، وطالبهم بالاستقالة عن مناصبهم، قائلا: “استقيلوا واطلعوا عن المؤسسات؛ أنا بعرف فسادكم.. ما بيعرفوا المخابرات عنكم إلا 5% من هذا الفساد”.

شبيلات الذي ينتمي لإحدى عشائر جنوب الأردن، عُرف بانتقاده الدائم لجماعة الإخوان المسلمين التي كان يحسب عليها في وقتٍ سابق، خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات، قبل أن ينقلب عليها وينتقد خطها السياسي، وجه رسالة للشباب، قال فيها: “يا شباب لا تصدقوا الإسلاميين.. وكذبوا أول واحد منهم وهو أنا، كذبوا كل قيادات الإخوان المسلمين.. فليس لنا علاقة بالدين أو خدمة الدين”.

استمع لصوت شبيلات: 

وفي عام 2011، قام شبيلات بإطلاق تصريحاتٍ نارية ضد الحكومة الأردنية، مطالباً بإصلاحات شاملة تصل “مؤسسة العرش”، كما دعا لتغييرات تحقق قيام ملكية دستورية، عبر تقليص سلطات وصلاحيات الملك.

وفي عام 2009، تعرض شبيلات لاعتداء من قبل مجهولين، بعد ساعات من إلقائه محاضرة انتقد فيها الأوضاع السياسية في البلاد، وبعد الحادثة أمر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بتوفيرِ حماية له، وكان شبيلات في عام 1982 أول نقيب إسلامي يصل إلى إحدى أهم النقابات المهنية، وهي نقابة المهندسين التي تعد أكبر نقابة من حيث عدد المنتسبين اليها.

وكان شبيلات قد سجن عام 1989 بتهمة الضلوع في قضية “النفير الإسلامي”، ثم أفرج عنه الملك الحسين شخصياً، وسُجن بعد ذلك مرات عدة بتهمة “إطالة اللسان”، وأفرج عنه بعفو ملكي.

ويتهم شبيلات جماعة الإخوان المسلمين بشكل دائم بالانتهازية السياسية، وبأنها معارضة صورية تقدم مصلحة التنظيم على مصلحة الوطن، وتستغل اسم الدين الإسلامي لتبرير شرعيتها، ويتخذ شبيلات موقفاً مغايراً للجماعة حيال كثير من القضايا الداخلية الخارجية.

ليث شبيلات

حالة ضعف

التسجيل الصوتي الجديد لشبيلات يكشف، بحسب خبراء مختصين في الإسلام السياسي، حالة الضعف والفشل الداخلية التي تعاني منها جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وسقوطها السياسي والتنظيمي بلا رجعة، متوقعين لجوء التنظيم الدولي لجماعة الإخوان لسياسة الاغتيال المعنوي بحق شبيلات، جراء حديثه الأخير.

ماجد توبة

ويرى الكاتب والخبير في شؤون الاسلام السياسي ماجد توبة أن مثل هذه التسجيلات هو أقل بكثير مما يدور داخل التنظيم، في ظلِّ حالة العفن التي تملأ التنظيم غير الصالح لا للعمل السياسي، ولا للتعبير عن الدين أو التعامل مع القضايا الوطنية أو ايجاد حلولٍ منطقية لها.

وقال في حديثه لـ”كيوبوست”، إن شبيلات الذي اعتزل الحياة السياسية منذ سنوات، دأب على وصف أداء نواب الجماعة في البرلمان الأردني بأنه سلبي، على الرغم من تحالفه معهم لسنواتٍ طويلة مضت، موضحاً أن الأزمة بين النظام الأردني والإخوان بقيت تتدحرج، حتى وصلت إلى أسوأ مراحلها مع نجاح ثورات الربيع العربي، حيث قدّرت الدولة أن الإخوان لديهم نوايا حقيقية لإجراء انقلابٍ ناعم عليها.

اقرأ أيضاً:  العقاب ينتظر إخوان الأردن بعد تجاوز أزمة المعلمين 

مضيفاً أن قيادة الإخوان بالأردن لا تملك رؤية سياسية، أو فهماً لمجريات الأحداث، فعندما بدأ الربيع العربي حاولت هذه القيادة استغلاله، والانقلاب على سياسة الإخوان التي تقوم على الإصلاح وأنها رديف للدولة، معتقدة بأن ما يحدث في مصر يجب أن يحدث في الأردن.

نزيف دائم

من زاويةٍ أخرى، يرى الخبير في شؤون الحركات الاسلامية محمد ملكاوي، أن هناك ثمة ما يشبه الإجماع بين معظم المراقبين والمحللين من خارج الجماعة، بأنها لم تجرِ المراجعة المطلوبة لتجربتها التاريخية الممتدة على مدى تسعين عاما، وبالأخص في العقد الأخير، الذي بلغ فيه نفوذ الجماعة وسطوتها حداً غير مسبوق في تاريخها، وتاريخ المنطقة، قبل أن ينهار حكمها وسلطتها، بوتيرةٍ أسرع من وتائر صعودها على أجنحة الربيع العربي؛ بثوراته وانتفاضاته.

محمد الملكاوي

“المراجعة إن وقعت في هذه الساحة أو تلك”، بحسب حديث ملكاوي لـ”كيوبوست”: “فقد جاءت مجتزأة ومنقوصة، وقادت الجماعة إلى وقوع تشققاتٍ كبرى في جدران منظومة “السمع والطاعة” التي قامت عليها الحياة الداخلية للجماعة منذ تأسيسها في العام 1928، فرأينا ولادة أحزاب وتيارات خرجت من رحم الجماعة الأم، بعضها ذهب نحو مزيدٍ من التطرف والغلو والعنف، وبعضها الآخر ذهب في اتجاه تشكيل أحزاب وجماعات “مدنية ـ محافظة” ذات مرجعية إسلامية، في محاولة للسير على خطى حزبي العدالة والتنمية في تركيا والمغرب والنهضة في تونس”.

ويرى ملكاوي أنه وبالرغم من أهمية هذه الانشقاقات وخطورتها على صورة الجماعة ومكانتها ونفوذها، فإن الجماعة ستواجه ظاهرة أخرى، لا تقل أهمية وخطورة عن الأولى، وهي ظاهرة الانسحابات والاستقالات الفردية، ولعناصر قيادية عليا ووسطى فيما يشبه حالة “النزيف الدائم”، فضلاً عن “عزوف” الشباب والنشطاء عن مزاولة أنشطتهم داخل مؤسسات الجماعة، وأذرعها المختلفة، الأمر الذي أبقاها في أدنى درجات النشاط والفاعلية.

اقرأ أيضاً: خسارة مستحقة للإخوان المسلمين في انتخابات الأردن

تفكك داخلي

وفيما تناضل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن لوقف ما تتعرض له من تفكك وعزل على الساحة المحلية، رجح الخبير بشؤون الحركات الإسلامية الدكتور صلاح العبادي، أن تحصر الجماعات تركيزها بالأهداف الخارجية على غرار إعلان النوايا الخاص بتبادل الطاقة والمياه بين الأردن واسرائيل، من أجل تعزيز قاعدة دعمها في الداخل والتي تعاني من تناحر وتنافس شديد بين قيادات التنظيم.

صلاح العبادي

ويرى الدكتور العبادي أن حديث ليث شبيلات عن الجماعة يكشف حالة الانهيار الداخلي والتفكك الذي يشهده الإخوان في الأردن منذ سنوات.

الدكتور العبادي أوضح لـ”كيوبوست” أن حقيقة الخلافات داخل الحركة الإسلامية ينتقل في جوهره من المتغيرات الدولية والإقليمية التي طالت شبكة العلاقات الدولية وانعكاساتها على الوضع الداخلي الأردني، وبين مبادئ الحركة الثابتة ونظرتها للإسلام السياسي ودوره في الحياة العامة، ما يفرض على الحركة تغييراً أو تطويعاً أو على أقل تقدير تقديم مرونة أكثر في فهم هذه المتغيرات والتفاعل معها، بما لا يتعارض مع مصالح الدولة الأردنية، والاستحقاقات المفروضة عليها إقليمياً ودولياً، وهو الأمر الذي وجد فيه بعض قيادات الحركة تفهماً له، في حين وجدت فيه قيادات أخرى صعوبة في تقبل هذه المتغيرات مشددة على الثوابت التي قامت عليها الحركة وضرورة المحافظة عليها.

 اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة