الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

اقتلوا سلمان رشدي وليس الاتفاق الإيراني!

كيوبوست- ترجمات

محمد اليحيى♦

بعد نحو ثلاثة أسابيع من الهجوم الذي تعرض إليه الكاتب سلمان رشدي، لا يزال العديد من وسائل الإعلام يتناول دوافع وأبعاد ودلائل هذا الهجوم. صحيفة “جيروزاليم بوست” نشرت مقالاً بقلم محمد اليحيى، زميل مركز الشرق الأوسط للسلام والأمن في معهد هدسون، يطرح فيه وجهة نظره في الدوافع وراء الهجوم والجهة التي تتحمل المسؤولية النهائية عنه، وينتقد الطريقة التي تعاملت بها وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى مع هذه المسألة.

يرى اليحيى أن محاولة قتل رشدي جاءت نتيجة أكثر من ثلاثة عقود من تحريض الحكومة الإيرانية المستمر ضده. وعلى عكس الموقف الفرنسي والبريطاني الذي حمَّل الحكومة الإيرانية المسؤولية، كان الرد الأمريكي خافتاً للغاية، ولا تزال أهم الصحف الأمريكية تصف دوافع مهاجم رشدي بأنها “غير معروفة” على الرغم من اعتراف المهاجم نفسه والأدلة الدامغة على أنه مناصر للمرشد الأعلى في إيران ولـ”حزب الله” في لبنان؛ حيث كان يضع صور الخميني وعلي خامنئي عبر صفحته على “فيسبوك”، وكان يحمل رخصة قيادة مزورة باسم حسن مغنية؛ في ما يبدو أنه إشادة باثنين من قادة “حزب الله”، حسن نصر الله وعماد مغنية. وليس من المستغرب أن يكون قد تلقى تدريبات عسكرية أثناء زيارته إلى قريته في جنوب لبنان التي تُعرف بأنها معقل لـ”حزب الله” على الحدود مع إسرائيل.

اقرأ أيضاً: ردود أفعال الإيرانيين على الهجوم على سلمان رشدي تتراوح بين الإشادة والقلق

ويشير اليحيى إلى أنه على الرغم من قوة هذه الأدلة على العنف الذي ترعاه الدولة؛ فإن طريقة تقديم الصحافة الأمريكية والبيت الأبيض للهجوم لم تأخذها بعين الاعتبار، حيث لم يتضمن الرد الرسمي الأول لمستشار الأمن القومي الأمريكي جايك سوليفان، أية إشارات إلى “حزب الله” أو إيران، واكتفت المقالات التي نشرتها صحف مثل “واشنطن بوست” و”أتلانتيك” بالإشادة بالمستجيبين الأوائل الذين ساعدوا في إسعاف رشدي بعد الهجوم. ويلفت اليحيى إلى التناقض الكبير بين رد الفعل على الهجوم على رشدي وذلك الذي أعقب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي تصدر عناوين وسائل الإعلام لعدة أشهر.

هادي مطر يمثُل أمام المحكمة بتهمة محاولة القتل والاعتداء على الكاتب سلمان رشدي- “جيروزاليم بوست”

يعزو كاتب المقال هذا التناقض بين الحالتَين والتغاضي عن دور إيران في الهجوم على رشدي إلى الرغبة الجامحة لدى إدارة بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران؛ حتى مع وجود تقارير عن رفض إيران التخلي عن احتمال قتل مسؤولين حكوميين أمريكيين سابقين. وتأتي هذه الرغبة بالعودة إلى الاتفاق أملاً في أن تؤدي عودة إيران بقوة إلى أسواق النفط إلى انخفاض أسعار الوقود في الولايات المتحدة؛ الأمر الذي سيؤدي إلى تحسن فرص الديمقراطيين في انتخابات نوفمبر المقبلة.

اقرأ أيضاً: سلمان رشدي ولعنة الخميني!

السبب الآخر وراء تجاهل المسؤولين عن الهجوم على رشدي هو الانطباع السائد بأنه أساء إلى المسلمين والإسلام، وأنه يستحق ما أصابه، كما كانت حال الصحفيين الساخرين في “شارلي إيبدو”. هذا المنطق القبيح الذي ينكر في لبوس احترام الثقافات الأخرى يهين المسلمين؛ لأنه يربط دينهم بحملة العنف التي ترعاها الدولة الإيرانية.

بعض الحضور يحاولون إسعاف سلمان رشدي بعد تلقيه عدة طعنات- وكالات

كان الرد الرسمي لإيران على الهجوم هو إلقاء اللوم على رشدي والقول إنه يستحق ما أصابه، وفي الوقت نفسه نفي أي تورط مباشر للحكومة الإيرانية في الحادثة. بينما لا تزال الفتوى بقتله قائمة والثناء على المهاجم يملأ الصحف الإيرانية. وفي موقف مناقض تماماً، وصف الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الشيخ محمد العيسى، الهجوم على رشدي بأنه جريمة لا تغتفر ولا يقبلها الإسلام بأي شكل من الأشكال.

ومع إدانة أحد أهم المراجع الإسلامية في العالم ورجل دين ترعاه المملكة العربية السعودية هذا الهجوم ووصفه بأنه عمل إجرامي ورفض استخدام الإسلام كسلاح لأغراض سياسية، يصبح الفارق في غاية الوضوح بين الحكومتَين الإيرانية والسعودية. وعلى الرغم من ذلك، وبسبب حرص البيت الأبيض على العودة إلى الاتفاق النووي؛ فإنه يبدو أن الكثير من النخب السياسية والإعلامية الأمريكية عازمة على طمس الواقع على حساب الوهم بأن إيران ستتحول إلى دولة مسالمة بعد الاتفاق وستندمج مع جيرانها.

ويختم اليحيى مقاله بقوله إن ما حدث على مسرح تشوتاكوا في نيويورك يجب أن يكون تحذيراً من أن النظام الإيراني سيستمر في اتباع الوسائل العنيفة واستخدام الدين لتحقيق غايات سياسية، سواء بوجود الاتفاق النووي أو من دونه.

♦زميل مبادرة الشرق الأوسط لمركز بلفير للعلوم والشؤون الدولية في جامعة هارفارد، وزميل أول في مركز الشرق الأوسط للسلام والأمن في معهد هدسون.

المصدر: جيروزاليم بوست

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة