الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

اغتيال جنرال تركي يفضح التواطؤ القطري- التركي مع التنظيمات الإرهابية

الخبير في الشؤون التركية كرم سعيد لـ"كيوبوست": حيثيات الاغتيال تكشف التوظيف السياسي والعسكري للجماعات المسلحة من قِبل الدوحة وأنقرة

كيوبوست

يكشف تقرير لموقع “نورديك مونيتور” عن عملية اغتيال تركية داخلية تشير إلى خيوط التواطؤ القطري- التركي مع التنظيمات الجهادية المتطرفة خلال سنوات الحرب في سوريا؛ لا سيما تنظيم داعش الإرهابي.

الضحية جنرال تركي، والقاتل جنرال تركي آخر، وبينهما كثير من التفاصيل أوردها الموقع الذي حصل على نَص جلسة استماع لشاهد في محكمة تركية عُقدت بهذا الخصوص.

 ووفقاً للتقرير، فإن الجنرال الضحية اكتشف عملية تحويل التمويل القطري غير المشروع إلى الجهاديين في سوريا عبر تركيا بموجب أوامر من جنرال يعمل مع المخابرات التركية، وذلك بغرض تعميق الصراع في سوريا.

اقرأ أيضاً: مصادر رسمية تكشف عن التمويل التركي للمنظمات المتطرفة في الهند عبر قطر

معاملات قذرة

العقيد فرات ألاكوش، هو الشاهد في المحكمة التي عقدت في قضية الاغتيال، ويعمل في قسم المخابرات لقيادة القوات الخاصة التركية، وكشف تحت القسَم أمام المحكمة الجنائية السابعة عشرة في أنقرة في العاصمة التركية، في 20 مارس 2019، عن أن اللفتنانت جنرال زكاي أكساكالي، المسؤول عن وحدة القوات الخاصة في ذلك الوقت، أمر باغتيال الجنرال سميح ترزي؛ لأنه اكتشف أن أكساكالي كان يعمل سراً مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في إدارة العمليات غير القانونية والسرية في سوريا، لتحقيق مكاسب شخصية.

ويضيف التقرير أن ترزي كان يعرف مقدار التمويل الذي تم تسليمه إلى تركيا من قِبل قطر لغرض شراء الأسلحة والذخيرة للمعارضة، والذي تم اختلاسه حسب العقيد ألاكوش.

وأضاف الشاهد أن ترزي كان يعرف كل المعاملات القذرة للاستخبارات التركية، وعن عصابة داخل الجيش بقيادة أكساكالي، كانت خارج سلسلة القيادة وتفتقر إلى التفويض من كبار الضباط في هيئة الأركان العامة. حيث منحت هذه القصة الخلفية الدوافعَ الفعلية لإعدام ترزي، بعد استدعائه إلى أنقرة من مقاطعة حدودية بحجة توفير الأمن في المقر ضد تهديدٍ إرهابي يستهدف العاصمة التركية.

الجنرال سميح ترزي

 وأكثر من ذلك، كان الجنرال ترزي مطلعاً على “تورط مسؤولين في الحكومة التركية في عملية تهريب نفط من سوريا، وكيف تم تقاسم الأرباح، وما الأنشطة التي شاركوا فيها”، وكان الجنرال ترزي على علم أيضاً بأنشطة بعض المسؤولين الحكوميين الذين جلبوا كبار قادة الجماعات الإرهابية والجهادية المسلحة لتلقي العلاج في تركيا تحت غطاء قوات الجيش السوري الحر.

وكان الشاهد ألاكوش ضابطاً مخضرماً شغل منصب رئيس مكتب المخابرات والاستخبارات المضادة لقيادة القوات الخاصة بين عامَي 2014 و2016. وقد تم تكليفه بالعمل في فريق تم تشكيله ضد تنظيم الدولة الإسلامية في ديسمبر 2015. وفي 8 يونيو تم تعيينه قائداً للوحدة الثالثة ضمن لواء القوات الخاصة الثانية في أنقرة. وكان من بين مسؤولياته حماية كبار الضباط، وتنظيم استجابة سريعة للتهديدات الإرهابية الفورية والناشئة، ونشر القناصين والقوات في المهام الخاصة.

ووفقاً لشهادة العقيد ألاكوش، فقد تم تكليف ترزي بالعمل على ملف سوريا من قِبل هيئة الأركان العامة، وكان يعرف جميع تفاصيل العمليات التي كانت الحكومة التركية تقوم بها عبر الحدود.

عنصر من تنظيم داعش الإرهابي في سوريا- أرشيف “رويترز”

وكان جزء من عمل الجنرال الذي تم اغتياله، تنسيق الإجراءات مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بقيادة المقرب من الرئيس رجب طيب أردوغان، هاكان فيدان، الذي عمل بشكل وثيق مع البنتاغون في برنامج تدريب وتجهيز لمقاتلي المعارضة السورية. لكن عندما لاحظ الجنرال ترزي أن المعهد كان يحاول تمرير المتشددين المتطرفين كمعتدلين، أثار اعتراضاً واحتج على الخداع؛ ما جعل نفسه هدفاً للمعهد ورئيسه أكساكالي.

ومضى الشاهد يقول إن ترزي كان يعرف مقدار الأسلحة والذخائر التي تم توفيرها لمختلف الجماعات الإرهابية في سوريا بذريعة مساعدة الجيش السوري الحر.

وشهد ألاكوش، قائلاً: “كان مقتل ترزي مرتبطاً بمصيدة ابتكرها زكاي أكساكالي، الذي لم يرغب في ظهور مثل هذه الحقائق في العلن”.

اقرأ أيضاً: تسجيلات صوتية تكشف مساعدة تركيا لداعش في سوريا

علاقات ومصالح

ووفقاً للشاهد، فإن الجنرال سميح ترزي كان يعرف جيداً كيف تم تحويل النفط المأخوذ من “داعش” في سوريا إلى تركيا عبر حكومة إقليم كردستان العراق، بمساعدة سياسي محلي بارز في كردستان، وبالتعاون مع بعض المسؤولين واستخدام قدرات وكالة حكومية.

وخلال جلسة الاستماع في المحكمة، كشف الشاهد ألاكوش أيضاً عن شراء أسلحة غير مشروعة من العراق، وكيف تم إهدار الأموال في الصفقة، قائلاً إن ترزي احتج كتابياً على شراء أسلحة وذخائر بقيمة 16 مليون دولار من العراق من قِبل قيادة القوات الخاصة في ربيع عام 2016، على الرغم من أن الجزء الأكبر من الذخيرة المشتراة لم يكن مناسباً لاحتياجات الجيش السوري الحر، الذي كان يستخدم بنادق عيار مختلفة في ذلك الوقت.

وخلال محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016، تمت دعوة الجنرال ترزي إلى أنقرة من قِبل الجنرال المتورط في قتله أكساكالي، على الرغم من حظر الطيران الذي فرضته هيئة الأركان العامة. في غضون ذلك، أمر أكساكالي ضابط صف اسمه عمر هليسديمير، بقتل ترزي. وعندما وصل الأخير إلى مقر قيادة القوات الخاصة أطلق الضابط النار عليه وجرحه، وهو على وشك الدخول إلى المقر؛ مما أدى إلى مقتله في ما بعد.

وفي تعليقه على فحوى التقرير، قال الخبير في الشؤون التركية كرم سعيد، إن حيثيات عملية الاغتيال تكشف عن التوظيف السياسي والعسكري للجماعات المسلحة من قِبل الدوحة وأنقرة في صراعات الإقليم.

وأضاف سعيد، في حديث إلى “كيوبوست”، أن تركيا تتجه إلى الاستعاضة بمقاتلين ومرتزقة؛ سواء من الجماعات المسلحة أو غيرها، للقتال عنها في ليبيا وسوريا؛ لحماية مصالحها.

الباحث في الشأن التركي كرم سعيد

وبيَّن سعيد أن العلاقة بين الطرفَين (تركيا و”داعش”) ليست جديدة؛ إنما ممتدة منذ اعتقال أفراد القنصلية التركية في العراق عام 2014، حيث تم الإفراج عن الرهائن بشكلٍ سلس، مشيراً إلى أن العلاقة تكشفت مع سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة من العراق وسوريا؛ خصوصاً مكان النفط في سوريا، حيث كانت تركيا تحصل عليه بمبالغ زهيدة.

ولفت سعيد إلى حادثة أخرى عندما جرى احتجاز راهبات في لبنان قبل عدة أعوام، وحينها تدخلت قطر على خط الوساطة للإفراج عنهن، وبالفعل تم الإفراج، مبيناً أنها مؤشرات تكشف عن حجم العلاقة بين هذه التنظيمات المسلحة وأنقرة والدوحة. 

وقال الخبير في الشأن التركي إن هناك إصراراً على التوظيف السياسي لهذه الجماعات الإرهابية؛ لتحقيق عدة أهداف، يرتبط أولها بالدفاع عن مصالح قطر وتركيا في الإقليم، وثانيها يأتي من أن هذه الجماعات المسلحة تمثل ورقة ضاغطة للتأثير على الخصوم والدول الممانعة للتوسعات التركية.

وأوضح سعيد أن هذه الجماعات تمثل أيضاً ورقة رابحة في صراعات الإقليم؛ حيث تستخدمها تركيا بشكل جيد لقتال الأكراد في سوريا ومواجهة الجيش الوطني في ليبيا. 

 اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة