الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
اعتقال باحثة تحمل الجنسية الفرنسية في طهران بتهمة التجسُّس

كيوبوست
تأكَّد رسميًّا اعتقال عالمة الأنثروبولوجيا الفرنسية- الإيرانية المعروفة فاريبا عادلخاه، Fariba Adelkhah، التي تعمل مع عديد من الشبكات العلمية المتخصصة في المذهب الشيعي، في سجن “إيفين” سيئ السمعة شمال طهران.
وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، قال: “إن إيران تحتجز باحثة تحمل جنسية بلاده بلا سبب مقنع”، بينما دعت السلطات الفرنسية إلى الإفراج الفوري عن عادلخاه، كما طلبت الحصول على معلومات عن وضعها الحالي وظروف اعتقالها؛ فضلًا عن تمكينها من المساعدة القنصلية، لكنها لم تتلقَّ ردًّا حتى الساعة.
ووَفقًا لوسائل الإعلام الفارسية، فقد تم القبض على عالمة الأنثروبولوجيا البالغة من العمر 60 عامًا في 7 يونيو الماضي، من قِبَل جهاز المخابرات التابع للحرس الثوري، القوة المسلحة الرئيسية في البلاد، بتهمة التجسُّس لصالح جهات خارجية، وقد تمكَّنت عائلتها من زيارتها في السجن مرة واحدة.
ويأتي هذا الاعتقال بالتزامن مع ارتفاع حدة التوتر بين طهران ودول الغرب، بشأن تجاوزاتها الأخيرة في ما يتعلق بالاتفاق النووي المبرم مع الدول العظمى، كما أن الإعلان عنه رسميًّا يأتي بعد أيام من زيارة المبعوث السياسي للرئاسة الفرنسية إيمانويل بون، إلى طهران؛ في محاولة للعب دور الوساطة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.
اعتقال مفاجئ
فاريبا عادلخاه، باحثة في مركز البحوث الدولية في كلية العلوم السياسية بباريس، وهي دكتورة في الأنثروبولوجيا من مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية بباريس.
والغريب في الأمر أنها كانت تسافر بشكل دوري إلى إيران، كما أنها تحرص على التعاون مع جامعات إيرانية؛ لإلقاء المحاضرات والدروس؛ لذا كان الحديث عن اعتقالها أمرًا مفاجئًا بالنسبة إلى المحيطين بها.
يقول أحد أصدقائها في إيران، راغبًا في عدم الكشف عن هويته: “لقد وصلت إلى باريس في سبعينيات القرن الماضي للدراسة لا كلاجئة، لم تكن لديها مشكلات مع النظام في بلدها إيران الذي ما زالت تحمل جنسيته”.
اقرأ ايضًا: كيف نجحت ماكينة الدعاية الإيرانية بتغيير الوقائع وتضليل الغرب؟
ويضيف صديقها: “لم تكن عادلخاه تنتقد النظام بشكل صريح في كتاباتها؛ بل كانت تحلل الوضع الديني في طهران. أنا مصدوم فعلًا؛ فلا يوجد أي سبب مقنع لاعتقالها!”.
وتتعاون عادلخاه مع عديد من الدوريات العلمية؛ على غرار “الدراسات الإيرانية” و”مجلة العالمَين الإسلامي والمتوسط”. كما ألَّفت عديدًا من الكتب المرجعية، وتدرس خصوصًا العلاقات التي تربط رجال الدين الشيعة في إيران بالعراق وأفغانستان؛ وهو ما يدفعها لزيارة هذه الدول بانتظام.
يُذكر أن فاريبا عادلخاه توقفت عن دراسة إيران في عام 2009؛ احتجاجًا على مناخ الخوف الذي كان سائدًا، عندما تم قمع الاحتجاجات التي عُرفت حينها باسم “الحركة الخضراء”، وهي احتجاجات قوية شهدتها إيران على مدى شهور؛ اندلعت إثر إعلان فشل مرشح قوى المعارضة مير حسين موسوي، في الانتخابات الرئاسية عام 2009، أمام الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وانتقدت حينها عادلخاه في رسالة علنية، اعتقال الجامعية الفرنسية كلوتيلد ريس، Clotilde Reiss، بتهمة التجسس، والتي تم الإفراج عنها لاحقًا بكفالة مالية.
اقرأ أيضًا: إيران: مصير مجهول لمئات من معتقلي عرب الأهواز
ومع انتخاب الرئيس حسن روحاني، في عام 2013، استأنفت الباحثة الفرنسية الإيرانية رحلاتها إلى إيران. وفي الأشهر الأخيرة، كرَّست نفسها لدراسة المؤسسة الدينية الشيعية؛ خصوصًا في مدينة قم الدينية.
ورقة تفاوض
لا تعترف إيران بالجنسية المزدوجة لمواطنيها، ووَفقًا لآخر الأرقام الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان، فإن هناك 11 من المواطنين الإيرانيين مزدوجي الجنسية معتقلون حاليًّا في إيران، ضمن ظروف غير معروفة، وهم غير قادرين على التواصل مع سفارات البلدان التي يحملون جنسياتها.
في الماضي، استخدمت طهران هؤلاء المواطنين كورقة مساومة في مفاوضاتها مع الغرب؛ كما حدث مع الصحفي الإيراني- الأمريكي جاسون ريزايان، Jason Rezaian، الذي قُبض عليه بتهمة “التجسس” وأُطلق سراحه في وقت تم فيه رفع جزء من العقوبات الدولية بموجب الاتفاق النووي، في يناير 2016، في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وكان وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، رفض في الخميس 25 أبريل الماضي عرض طهران تبادل سجينتَين إحداهما امرأة بريطانية من أصل إيراني مسجونة في طهران، معتبرًا أن العرض يترجم استراتيجية دبلوماسية “خسيسة”.
يُذكر أن هذا الاعتقال يُضاف إلى سلسلة أخيرة من الاعتقالات التي تستهدف صحفيين وأكاديميين ونشطاء سياسيين؛ حيث ازدادت خلال الأشهر الأخيرة وتيرة الاعتقالات بشكل ملحوظ؛ كان آخرها يوم الإثنين 15 يوليو الجاري، عندما تم اعتقال الصحفية النسوية مولود حجي زادة، Moloud Hajizadeh، في طهران.