الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة
اطمئنوا.. ليست هناك علاقة مباشرة بين فيروس كورونا والإيدز

كيوبوست – ترجمات
تسبب وباء كورونا الجديد المعروف بـ”كورونا 2019″ في صخب شديد حول العالم، صاحبه جدلٌ لا ينقطع في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي على مدى الأسابيع الماضية، وكانت أسئلة الناس تتراوح بين الاستفسار عن جدوى استخدام الأقنعة الواقية أو تطعيمات الإنفلونزا؛ لكن الأمر كان قد تطرق مؤخرًا إلى الحديث عن العلاقة بين فيروس ووهان والفيروس المسبب لمرض الإيدز. ومن هنا بدأت المعلومات والنقاشات تجتاح شبكة الإنترنت، وهكذا خرجت الأمور عن نطاق السيطرة واتخذت حالةً من الجدل المجتمعي الواسع مع قليل من الدقة العلمية.
شاهد أيضًا: فيديوغراف.. “كورونا” يواصل الانتشار في الصين
بدأت القصة بنشر مجموعة من الباحثين ورقة بحثية على موقع يُدعى “بيو ركسيف”. ومن المعتاد أن تتخذ الأبحاث الجديدة مصداقيتها بعد أن تُراجَع من قِبَل فريق من العلماء بخلاف هؤلاء الذين أعدّوها، و”بيو ركسيف” هو موقع متخصص في نشر الأوراق العلمية التي لم تتم مراجعتها بعد. وهنا قام فريق من الباحثين الهنديين بنشر ورقة بعنوان “التشابهات الإعجازية بين بعض التتابعات الجينية في فيروس كورونا 2019 والجينات المنتجة لبروتينات (جي بي 120 وجي إيه جي) في فيروس الإيدز”.
اقرأ أيضًا: بين مكافحة الأمراض وصناعة الأدوية.. البيولوجيا الاصطناعية مفهوم جديد للحياة
ربما تكون قراءة اسم فيروس كورونا وفيروس “إتش آي في” (المسبب للإيدز) غريبة ومدهشة لكثيرين؛ لكن هذا ما تم نشره بالورقة البحثية بالفعل. ويتكون الفيروس من “دي إن إيه” محاط بجدار من البروتين؛ حيث يقوم الـ”دي إن إيه” بإنتاج الأنواع المختلفة المكونة للبروتين الخارجي، وهكذا اعتمدت الدراسة على تحليل بعض المناطق بالغة القصر من بروتين فيروس الإيدز؛ وهو ما مكنهم من التنبؤ بالتتابعات الجينية، حيث أشار الباحثون إلى احتمالية انتقال بعض التتابعات الجينية من فيروس الإيدز إلى فيروس ووهان، هكذا صرَّح أرينجاي بانيرجي، وهو عالم في الفيروسات حاصل على درجة الدكتوراه ومنخرط في دراسات ما بعد الدكتوراه بجامعة مكماستر في كندا. وكان بانيرجي قد عكف على دراسة فيروسات “كورونا” بشكل مكثَّف.

وهنالك حقيقة مؤكدة حول الفيروسات؛ وهي أنه بإمكان أنواع الفيروسات المختلفة
أن تتبادل قطعًا من التتابع الجيني بعضها مع بعض. وكان الأمر الذي حرَّك مؤلفي الورقة البحثية هو أنهم وجدوا بعض التتابعات الجينية بفيروس كورونا الجديد 2019 لا يشابهها أيٌّ من جينات فيروسات كورونا الأخرى؛ كالفيروس المسبب لـ”سارس” على سبيل المثال. وطبقًا لمؤلفي الورقة العلمية، فإن تلك التتابعات تتشابه ببعض القطع الجينية لفيروس “إتش آي في” المسبب للإيدز.
اقرأ أيضًا: ما مصدر فيروس كورونا.. الثعابين والخفافيش أم البنغولات؟
وحتى الآن لا تبدو الأمور مثيرةً للتوتر؛ لكن ما حدث هو أن مؤلفي الورقة البحثية أشاروا إلى أن اكتساب “كورونا” تلك التتابعات الجينية ربما لا يكون قد حدث بمحض الصدفة، ومن الممكن أن يكون قد تم وضع تلك التتابعات على نحوٍ متعمَّد، وهكذا بدأت نظرية المؤامرة في الانتشار، تلك التي تلقفها عددٌ من العلماء الصينيين؛ فأعادوا تحليل البيانات وفنَّدوا مزاعم الباحثين.
اقرأ أيضًا: التغير المناخي والأوبئة الجديدة.. هل نحن مستعدون؟
كانت الورقة في انتظار ردة فعل المجتمع العلمي حول العالم؛ لذلك لم يكتفوا بالتصريح عن آرائهم حول الاستنتاجات التي توصل إليها الباحثون، لكنهم عكفوا على تحليل البيانات ومراجعتها مرةً أخرى. وأخيرًا، أقرّ العلماء أمرًا مهمًّا؛ وهو أن فيروس كورونا الجديد يحتوي على عدد من التتابعات الجينية غير الموجودة في فيروسات “كورونا” الأخرى، وهي تشبه بعض التتابعات لفيروس “إتش آي في” المسبب للإيدز كما سبق أن أشار الباحثون الهنود؛ لكن القصة لم تنتهِ هنا، حيث أشار العلماء أيضًا إلى أن التتابعات نفسها توجد في عدد لا يمكن حصره من الفيروسات، لا فيروس الإيدز وحده.
اقرأ أيضًا: سباق مع الزمن لتطوير مصل مضاد لوباء الصين الجديد
وقد تم سحب الورقة من موقع “بيو ركسيف” مؤخرًا. وصرَّح أحد مؤلفيها قائلًا: “لم نكن نقصد بالطبع تغذية النقاش حول نظريات المؤامرة”؛ فليس هناك مجال لأن يقوم أحدهم بأمرٍ من هذا القبيل على موقع “بيو ركسيف”. بينما أكد الباحثون الهنود أنهم سيقومون بمراجعة وتحليل بياناتهم مرة أخرى؛ للتأكد من نتائجها قبل إعادة نشرها.
المصدر: فوربس