الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
استمرار وزير الإعلام يغضب المثقفين الكويتيين
تشدَّد في الإجراءات العقابية.. ووسَّع سلطات الرقيب.. وعاقب صناع الفن

كيوبوست – خاص
أن تكون الكويت دولة من منارات الإشعاع الفكري كما وصفها محمد الجبري وزير إعلامها، خلال الدورة الأخيرة من معرض الكويت الدولي للكتاب، ويتولى وزارة الإعلام فيها وزيرٌ لا يعرف جلال الدين الرومي، بل ويسعى للقبض عليه عند عقد ندوة عنه في بلاده، ويبلغ المسؤولين عن مكان انعقاد ندوته وهو نائب في البرلمان، قبل أن يصبح وزيرًا، فهذه هي المفارقة الغريبة! والأغرب أن الجبري مستمر في منصبه بالحكومة الجديدة رغم الانتقادات التي تواجهه من الكتَّاب والمثقفين الكويتيين.
سقطات الوزير الجبري لم تشمل الفترة التي قضاها كنائب في مجلس الأمة قبل اختياره وزيرًا، ولكنها امتدت إلى توسعه في اتخاذ إجراءات عقابية بحق الهيئات التي تتابعها الوزارة؛ وهو ما ظهر في أكثر من مرة محاولاً الظهور باعتباره حامي الفضيلة في المجتمع الكويتي، غير عابئ بالتحولات التي فرضت تغيرًا جذريًّا في العالم وأتاحت كل شيء عبر الإنترنت، ولا بالانفتاح حتى في محيطه الخليجي الذي يشهد طفرة غير مسبوقة!
اقرأ أيضًا: إرهاب الإخوان بالكويت.. مواجهة واقعية وتحذيرات من المستقبل
محاولات انفتاح
ورغم محاولات الانفتاح التي حاول الجبري إظهارها بعد توليه الوزارة في الحكومة السابقة؛ فإن قرارات المنع والتشديد الرقابي كانت الأولى على أجندته بشكل واضح، سواء أكانت بمنع أسماء كتب عديدة من المشاركة في معرض الكويت الدولي للكتاب أم باتخاذ إجراءات عقابية ضد بعض الجهات والهيئات؛ ومنها ما صدر مؤخرًا تجاه إحدى شركات تنظيم الحفلات، بمنعها من العمل 3 أشهر؛ بسبب انتشار مقاطع اعتبرها غير لائقة.
يستمر الجبري وزيرًا للإعلام والشباب بالحكومة التي ستواجه مجلس الأمة، الثلاثاء المقبل، للمرة الأولى بعد تشكيلها الأسبوع الماضي، وسط إعادة تداول لمقطع الفيديو الشهير الذي طالب فيه بالقبض على جلال الدين الرومي، واعتراضه على حديث محبيه بوصفه “مولانا”؛ بل إن الاتهامات التي وجهها إليه دون أن يعرفه عكست مستوًى ثقافيًّا لا يناسب اختياره بعدها بسنوات قليلة وزيرًا للإعلام!
اقرأ أيضًا: مصادر لـ”كيوبوست”: الأزمة الخليجية تتجه إلى التهدئة.. والحل يحتاج إلى وقت
خطأ كبير
الكاتب الكويتي فاخر السلطان، قال في تعليق لـ”كيوبوست”: “إن الكويت عاشت خلال فترة الوزارة الأولى للجبري حالة ثقافية سيئة؛ خصوصًا في ما يتعلق بحرية الكتابة ونشر الكتب”، مشيرًا إلى أن الجبري قام بتشديد الرقابة على النصوص المسرحية والتليفزيونية؛ لدرجة أنه عاقب نصًّا مسرحيًّا عُرض في مهرجان المسرح مؤخرًا وشكَّل لجنة لهذا الغرض.

وأكد السلطان أن طريقة تعامل الجبري في الوزارة السابقة واستمراره في التشكيل الوزاري، يؤكدان أنه لن يحدث أي تغيير ولن يكون هناك مجال للحديث عن تحسُّن في الأجواء الثقافية بالكويت في ظل وجوده على رأس الوزارة.
وشدد الكاتب الكويتي على أن استمرار الجبري على رأس الوزارة خطأ كبير، واستمرار إدارة الإعلام من خلال وزارة أمر لم يعد مناسبًا في ظل الانفتاح الرقمي والتكنولوجي، مشيرًا إلى أن الحكومة الكويتية عليها، إذا كانت جادة في التعامل مع الملفَّين الإعلامي والثقافي، أن تحيل الملفَّين إلى شخص يفهم فيهما جيدًا ويتفهم طبيعتيهما؛ وهو ما لا يتوافر في الجبري.
مشهد متدهور

أستاذة الفلسفة في جامعة الكويت د.شيخة الجاسم، أكدت في تعليق لـ”كيوبوست”، أن المشهد الثقافي في الكويت يتدهور منذ تولِّي محمد الجبري حقيبة وزارة الإعلام، حيث قام بمنع كثير من الكتب بتعسف ودون دراية؛ ما جعل معرض الكتاب الكويتي أقل شأنًا من المعارض في الدول المجاورة.
وبالإضافة إلى مقبرة الكتب، كما وصفتها، نوهت الجاسم بأن الجبري يوقف أي عمل فني أو مسرحي لمجرد اعتراض صوت نائب، ويُحيل المسؤولين إلى التحقيق؛ وهو ما يعكس اهتمامه بالبقاء في المنصب، بينما يبقى الواقع الثقافي بعيدًا عنه.
وأشارت أستاذة الفلسفة في جامعة الكويت إلى أنه يكفي دليلاً على ذلك اعتراضه منذ عدة سنوات على دخول جلال الدين الرومي إلى أرض الكويت، فهو يجهل أن الرومي شخصية تراثية قديمة توفى منذ قرون عدة! معتبرة أنه شخص غريب على الثقافة ولا يصلح لوزارة الإعلام؛ ومن ثَمَّ هناك استغراب لإعادة تكليفه من قِبَل سمو الشيخ صباح الخالد، في الحكومة الجديدة.
اقرأ أيضًا: الإخوان يتمددون في الكويت، فهل يسيطرون على مفاصل الدولة؟
وعبَّرت أستاذة الفلسفة في جامعة الكويت عن أملها في إعفائه خلال الأسابيع المقبلة، وتكليف شخصية مثقفة ومنفتحة لهذا المنصب، متوقعةً من نواب مجلس الأمة فتح ملف وزارة الإعلام والتحري حول بعض القضايا التي نسمع عنها وأن لا يغضوا الطرف عن التجاوزات إن وجدت.