الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

استمرار الصراع في اليمن يهدد بتزايد تجنيد الأطفال

يعتبر حمل الأطفال السلاح وتجنيدهم ظاهرة متفشية في اليمن.. بسبب انتشار الأسلحة والطبيعة القبلية والصراع خصوصاً في شمال البلاد

كيوبوست – منير بن وبر

أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، في 12 مارس الجاري، تمكنها من لم شمل 14 قاصراً مع ذويهم، بعد فترةٍ طويلة من الفراق، وذلك عبر تغريدة على حساب المنظمة الرسمي في صفحتها على “تويتر”. وفي حين أن اللجنة لم توضح سبب افتراق الأطفال عن ذويهم، فإن العديد من المغردين والمصادر الصحفية المحلية أشاروا إلى أنهم كانوا مجندين من قِبل الحوثيين.

وفي مكالمةٍ هاتفية أجراها “كيوبوست” مع المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، بشير عمر، أفاد بشير أن اللجنة لا تستطيع تأكيد ما إذا كان أولئك القُصَّر مجندين من قِبل الحوثيين أم لا، وأن دور الصليب الأحمر كان مقتصراً على الجانب اللوجستي فقط.

وحسب بشير عمر، فإن فريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد عمل على نقل الأربعة عشر طفلاً من مركز الشؤون الاجتماعية والعمل في محافظة مأرب إلى محافظة حضرموت براً، ثم نقلهم جواً إلى صنعاء بالتنسيق مع سلطات كل من مأرب وصنعاء والتحالف العربي. وأكد بشير لـ”كيوبوست” أن جميع الجهات قد أبدت تعاوناً قوياً؛ لتسهيل هذه العملية الإنسانية.

اقرأ أيضاً: ماذا بعد رفض الحوثي اقتراح وقف إطلاق النار في اليمن؟

سبق أن أسهمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لم شمل المئات من الأسرى وضحايا النزاع في اليمن؛ ففي أكتوبر العام الماضي أشرفت اللجنة على أكبر عملية تبادل للأسرى في اليمن منذ عام 2015، كما قامت في عام 2018 بتسلّم مجندين أطفال لدى الحوثيين، بعد أن تم إنقاذهم بواسطة قوات التحالف العربي.

ظاهرة تجنيد الأطفال

في العام الماضي، قام فريق الخبراء المعني باليمن، والتابع للأمم المتحدة، بزيارة مركزٍ لإعادة تأهيل المتضررين من النزاع في مأرب؛ كالنازحين داخلياً. وقد أُبلغ الفريق أن المركز قد استضاف أطفالاً بين عمر 12 و16 سنة كانت قوات الحوثيين قد جندتهم في عدة محافظات.

لا يُعد تجنيد الأطفال في اليمن ظاهرة حديثة؛ إذ قد تناولت تقارير الأمم المتحدة هذا الانتهاك منذ الأشهر الأولى لانقلاب الحوثيين؛ حيث أشار تقرير فريق الخبراء المعني باليمن في عام 2015 إلى قيام الحوثيين بتجنيد الأطفال، وأن الأمم المتحدة قد تحققت من عدة حوادث لأطفال يحملون أسلحة، ويحرسون نقاط تفتيش. وبمرور الزمن، أصبح هناك المزيد والمزيد من الصراع، والقليل من الطفولة.

صبي يركب مع أتباع الحوثي على ظهر شاحنة دورية- “رويترز”

أفاد تقرير فريق الخبراء لعام 2015 أيضاً أن الحوثيين يرغمون الأطفال على القتال، وأن الأُسر التي ترفض تجنيد أطفالها تُجبر على دفع مبالغ مالية مقابل ذلك الرفض. كما أشارت تقارير أخرى إلى تعرض الأطفال إلى التشويه والقتل، سواء نتيجة وجودهم في مرمى النيران، أو من جراء التعذيب، أو في حوادث متعلقة بتجنيد الأطفال.

اقرأ أيضاً: اليمن.. المهاجرون الأفارقة والإجرام الحوثي

يعتبر حمل الأطفال السلاح وتجنيدهم ظاهرة متفشية في اليمن؛ بسبب انتشار الأسلحة والطبيعة القبلية والصراع، خصوصاً في شمال اليمن. تاريخياً، أسهمت التركيبة السكانية الفتية لليمن في رفد جبهات الحوثيين طوال حروبها الست مع الحكومة اليمنية منذ عام 2004؛ حيث تبلغ نسبة الأطفال دون الرابعة عشرة في اليمن نحو 42% من إجمالي السكان، كما يبلغ عدد السكان دون سن 18 نحو 12.3 مليون من إجمالي السكان البالغ عددهم 30.5 مليون نسمة.

انتهاكات مروعة ضد الطفولة

من ناحيةٍ أخرى، لطالما أدى الفقر دوراً بارزاً في ازدياد نسبة عمالة الأطفال في اليمن، ولا شك في أن الصراع الذي يفاقم الأزمة الاقتصادية يدفع تلك النسبة إلى الزيادة. ووفقاً لعدة تقارير وشهود عيان وناشطين، فإن الكثير من الشباب والأطفال والعاطلين عن العمل عموماً قد ينضمون، أو يُجبرون على الانضمام، إلى قوات الحوثيين؛ لدوافع اقتصادية. ووفقاً لتقرير حديثٍ صادر عن منظمتَي سام والمرصد الأورومتوسطي الحقوقيتَين، فإن الحوثيين قد جندوا الأطفال في بعض الحالات، مقابل مكافآت مالية تبلغ 150 دولاراً شهرياً.

اقرأ أيضاً: لماذا باع رجل ابنته في اليمن؟

يُذكر أن عمالة الأطفال تجتذب نحو 23% من أطفال اليمن بين سن الخامسة والرابعة عشرة، وتأتي محافظات صعدة، معقل الحوثيين، والمحويت وعمران، في صدارة المحافظات التي تنتشر بها ظاهرة عمالة الأطفال. بشكل عام، يتعرض الأطفال العاملون إلى مخاطر الاستغلال الجنسي والاستعباد والإساءة.

وبطبيعة الحال، يصبح العمل كجندي أكثر قسوة وانتهاكاً لحقوق الأطفال. وقد أشارت تقارير الأمم المتحدة إلى تعرض الأطفال المجندين لدى الحوثيين إلى الإهانة والتحرش والاعتداءات الجنسية والضرب، كما أن بعضهم قد لا يتلقى أي مردود مالي مقابل عمله.

 وتتراوح الأعمال التي يقوم بها الأطفال المجندون بين جلب الإمدادات إلى المقاتلين، وحراسة نقاط التفتيش، وزرع الألغام، وحتى استخدامهم كجنود في المعارك بشكل مباشر؛ الأمر الذي يعرضهم إلى آثار نفسية هائلة، ناهيك بالإصابة أو القتل. وقد حذَّرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” منذ عام 2015 من تزايد استخدام الحوثيين للأطفال ككشافة وسُعاة وحراس ومقاتلين.

صبي يمني مسلح تظهر خلفة راية تحمل صورة الزعيم الحوثي- AFP

يُذكر أن عدة فصائل مسلحة متورطة في تجنيد الأطفال في اليمن؛ من بينها فصائل تابعة للحكومة الشرعية، إلا أن الحوثيين، حسب التقارير، مسؤولون عن العدد الأكبر من الأطفال المجندين. وعلى الرغم من تعهُّد الحكومة اليمنية منذ عام 2012، وكذلك تعهُّد قائد جماعة الحوثي، عبدالملك الحوثي، بإنهاء تجنيد واستخدام الأطفال في النزاع، والعمل على إعادة تأهيلهم ودمجهم؛ فإن الوفاء بتلك الالتزامات، على ما يبدو، لا يزال بعيد المنال في ظل استمرار الصراع وتزايد حدته؛ وهو ما يهدد بضياع جيل بريء من الأطفال، إن لم تبذل الجهات الدولية الفاعلة وأطراف الصراع في اليمن المزيدَ من الجهود المشتركة لحماية الطفولة في اليمن.

♦منير بن وبر. باحث في العلاقات الدولية وشؤون اليمن والخليج.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

منير بن وبر

باحث في العلاقات الدولية وشؤون اليمن والخليج

مقالات ذات صلة