الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

استكشاف النقاط الخفيّة في قضية المقاتلين الأجانب

كيوبوست- ترجمات

عقد برنامج مكافحة التطرف في جامعة جورج واشنطن، والمركز الوطني للابتكار والتكنولوجيا والتعليم لمكافحة الإرهاب، ندوة عبر الإنترنت في 2 فبراير، بعنوان “جذور مشكلة المقاتلين الأجانب: استكشاف النقاط الخفيّة المتعلقة بنوع الجنس والقُصّر والأسر”.

منذ سقوط “خلافة” تنظيم داعش في سوريا والعراق، يناقش صناع السياسات والخبراء والممارسون، والعاملون في المجال الإنساني والرأي العام، قضايا متعددة، تتعلق بالمقاتلين الأجانب وأسرهم. وقد ركَّزت هذه الندوة على بعضٍ من أهم المشكلات المتعلقة بهذه القضية، وقدمت رؤى قيّمة عن الأبعاد المتمثلة في نوع الجنس والقُصّر والأسر.

اقرأ أيضًا: ندوة عين أوروبية على التطرف عبر الإنترنت: هل نسينا المقاتلين الأجانب؟

أدارت ديفورا مارجولين؛ مديرة المبادرات الاستراتيجية في برنامج مكافحة التطرف في جامعة جورج واشنطن، المناقشة مع كوكبةٍ من المتحدثين؛ هم:

  • ماري بيث ألتير؛ أستاذ مشارك في مركز الشؤون العالمية بجامعة نيويورك.
  • مصطفى عياد؛ المدير التنفيذي لقطاع إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا في معهد الحوار الاستراتيجي (ISD).
  • جوانا كوك؛ أستاذ مساعد في شؤون الإرهاب والعنف السياسي في كلية الحوكمة والشؤون العالمية، جامعة ليدن، ومديرة مشروع في المركز الدولي لمكافحة الإرهاب (ICCT)، ورئيسة تحرير مجلة المركز الدولي لمكافحة الإرهاب.
  • أوستن دكتر؛ أستاذ مساعد في العلوم السياسية، جامعة نبراسكا في أوماها، وعضو اللجنة التنفيذية للمركز الوطني للابتكار والتكنولوجيا والتعليم في مكافحة الإرهاب، أحد مراكز التميز في وزارة الأمن الوطني، وباحث غير مقيم في معهد الحرب الحديثة في أكاديمية ويست بوينت.

بداية، سلّط أوستن الضوءَ على أهمية الأسرة و”دورة حياة” أسرة المقاتل الأجنبي، مشيرًا إلى أنه بين عامي 2011 و2015، كان نصف المسافرين متزوجين، وثلثهم لديه أطفالٌ. ويبدو الوجودُ القوي للأسر ذا تأثيرٍ قوي في استمرار تدفقات المقاتلين الأجانب، وتشجيعهم للانضمام إلى الجماعات الإرهابية، وهو أمرٌ شائع في نوعٍ معين من الحركات، لا سيّما تلك التي لديها تطلعات واضحة لبناء الدولة، وبالطبع ظهر ذلك في داعش بشكل أوضح، وفي حركة الشباب، فرع القاعدة في الصومال، وفي طالبان، المنظمة الروحية الأم للقاعدة.

عناصر من حركة طالبان- وكالات

بحكم طبيعتها، تحتاج الدولة إلى مجتمع، وليس فقط إلى جنود، وهذا الأمر واضح جدًا في هذه الجماعات. ذلك أنه بعد وصولهم إلى “الخلافة” وفحصهم من قبل داعش، الذي كان مذعورًا بسبب هاجس الجواسيس والتحديات الأمنية الأخرى، انخرط أولئك الذين وصلوا مع أسرهم في مجموعة متنوعة من أنماط الحياة. كان مصير النساء والأطفال متعدد الأوجه، ومتنوعًا، وإن كان كل ذلك ينطوي على الإكراه والصدمة، وإن كان بدرجاتٍ متفاوتة من الشدة.

بالنسبة للنساء المتزوجات، أطلقت عليهن وسائل الإعلام اسم “العرائس الجهاديات”، كما لو أن هؤلاء النساء لم يكن لهن دور في الدولة والمجتمع الذي شيّده داعش سوى تربية الجيل المقبل، ولكن -على الرغم من أهمية هذا الدور- كان الواقع هو أن النساء، حتى داخل الأسر المعيشية، غالبًا ما يشاركن في إساءة معاملة الإيزيديين والأقليات الدينية الأخرى التي يؤخذ أفرادها كعبيد، وخارج المنزل، كانتِ النساء يعملن في عددٍ من الوظائف المدنية، كطبيباتٍ ومعلماتٍ، وما إلى ذلك، بينما يعملن أيضًا في الشرطة الدينية (الحسبة) وحتى في الوحدات المقاتلة.

اقرأ أيضاً: دوافع تطرف النساء والدور المتنامي للجهاديات

ولهذه الأسباب، يحذر أوستن من أن معالجة القضايا المتعلقة بالإعادة إلى الوطن، وإعادة الإدماج، تتطلب فهمًا جديدًا لهؤلاء النساء والأطفال كأفرادٍ وكجزءٍ من الأسرة الأوسع نطاقًا للمقاتل الأجنبي.

أبرزت جوانا كوك، التي تعمل على نطاقٍ واسع في هذا الشأن، بعض التحديات التي تكتنف تتبع وفهم السكان الذين كانوا يعيشون في ظلِّ داعش. ويتعلق أحدها بالأفكار النمطية الجنسانية: فكثيرًا ما يُنظر إلى النساء على أنهن لا يشكلن تهديدًا أو أنهن مجرد أفراد في الأسر.

كان لهذه الصورة النمطية، في بعض الأحيان ،تأثير ضار على الأمن العالمي لأن الحكومات لم تتعقب النساء اللواتي غادرن بلدانهن المختلفة للانضمام إلى “الخلافة”. وقد كان هذا صحيحًا بشكلٍ خاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو خطأ كان له تأثير كبير على الأرقام والبيانات.

صورة من وسائل إعلام تابعة لـ”داعش” تظهر فيها نساء التنظيم وهن يحملن السلاح

في هذا الملمح، يشير كوك إلى أن هناك ثغرات في كل جانب من جوانب الخصائص الديموغرافية، بما في ذلك العمر والخلفية والدافع للسفر. ما فعله الناس في المناطق الخاضعة لحكم داعش مبهم بشكل واضح، خاصة النساء لأن التركيز على تطرف الذكور جعل المحللين لا يحاولون حتى معرفة ما تفعله النساء.

بالمثل، فإن للعمر تأثيرات عدة على تعقب السكان الذين انتقلوا للعيش في ظلِّ “دولة” داعش. بالنسبة للأطفال الأكبر سنًا، أو الأطفال الذين أصبحوا بالغين أثناء وجودهم في الأراضي التي يسيطر عليها داعش، من الصعب جدًا في بعض الأحيان التمييز بين المقاتلين والضحايا الأطفال. ما الذي يجب فعله مع هؤلاء الأطفال؟ العقاب؟ أم العلاج النفسي الاجتماعي؟ أم الاثنين؟

في الطرف الآخر من الطيف العمري، من المحتمل أن يكون أي طفل دون السابعة من العمر قد ولد في أراضي داعش؛ إذا وضعنا جانبًا القضايا النفسية والتطرفية مع الأطفال الذين وُلدوا في ظلِّ نظام جهادي، ولم يعرفوا أي شيء آخر في السنوات القليلة الأولى من الحياة، هناك مسألة قانونية صعبة: ما هي جنسية هؤلاء الأطفال الذين ولدوا في أرض “الخلافة”؟ الجواب التقليدي هو جنسية والديهم، ولكن إذا كان آباؤهم من جنسياتٍ مختلفة، وأحدهما أو كلاهما في عداد المفقودين، فإن مسألة الولاية القضائية ذات الصلة في منح الجنسية -وخدمات الرعاية الاجتماعية، إذا تمت مقاضاة والديهم- تصبح صعبة للغاية.

اقرأ أيضاً: فنلندا: قضية إعادة النساء والأطفال من مناطق “الخلافة” تسلط الضوء على التكفيريين

ومن الواضح أنه سيكون لهذه المسائل والحلول التي ستقرر لها عواقب وخيمة على الأفراد المعنيين، كما أن السوابق التي سوف ترسيها مثل هذه القضايا ستؤثر على إجراءات مقاضاة الأحداث لسنواتٍ مقبلة.

عمل مصطفى عياد؛ المدير التنفيذي لقطاع إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا في معهد الحوار الاستراتيجي، مع مقاتلين وقاصرين أجانب في الشرق الأوسط، ومقاتلين أجانب في الولايات المتحدة.

شدَّد عياد على ثلاثة تحديات أساسية تحتاج إلى معالجة: أولًا، عدم وجود بيانات دقيقة في مراكز النازحين داخليًا، ومخيمات اللاجئين، والسجون في سوريا، وعلى مجموعة انتهاكات حقوق الإنسان، داخل هذه المنشآت التي لا تعالج بشكلٍ مباشر.

يواجه العالم تحدي التطرف وثقافة الكراهية لدى المقاتلين الأجانب بعد عودتهم من مناطق الصراع- أرشيف

ثانيًا، أن نظم إعادة التأهيل نفسها، التي تشمل مجموعاتٍ مختلفة من الناس، مع مستوياتٍ مختلفة من الانخراط (وأحيانا لا شيء على الإطلاق)، ليست مجهزة لمواجهة هذا التحدي. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تركِّز هذه البرامج بشكل أكبر على الجوانب الأيديولوجية والدينية، وليس على علاج الصدمات النفسية. ومهما كانت المشكلة كبيرة، فإنها غالبًا ما تنتهي إلى أن تكون أسوأ بكثير لأن العديد منهم يتعرضون باستمرار للصدمة من جديد، بسبب ظروف التشريد ومعسكرات الاحتجاز.

ثالثًا، أن ردود الحكومات الغربية على مشكلة المقاتلين الأجانب هذه لا تتجاوز كونها نفاقًا بشأن حقوق الإنسان للنساء والأطفال في هذه المخيمات. وهذه المسألة الحاسمة تحتاج إلى معالجة لأسبابٍ أمنية أيضًا.

اقرأ أيضًا: لماذا لا تعيد الدول الأوروبية مقاتليها الأجانب؟

من جانبها، قدَّمت ماري بيث بعضَ الملاحظات المثيرة للاهتمام حول الجنس والقُصّر والأسر:

أولًا، من الأهمية بمكان عدم الاستهانة بحريةِ بعض النساء في التصرف، ليس فقط داخل المجموعة، ولكن داخل أسرهن أيضًا.

ثانيًا، تواجه النساء بشكل عام صعوبةً أكبر في فك الارتباط بالتنظيمات الإرهابية، على الرغم من أن خيبة الأمل تكون أعمق في بعض الأحيان. وفي كثيرٍ من الأحيان، تواجه النساء صعوبة في تدبير مخرجٍ من هذه الجماعات، ويعود هذا للوصم الاجتماعي، والتحديات اللوجستية، وفرص العمل الأقل مقارنة بالرجال.

وتوضح ماري بيث أن برامج فك الارتباط والتسريح وإعادة الدمج تعطي الأولوية تاريخيًا للرجال، وتزيل الطابع السياسي والأمني عن النساء والفتيات في هذه القضايا. وتصف بعض النساء المشاركات هذه الأنواع من البرامج بأنها تزيد من اعتمادهن على الرجال، وتعاملهن عمومًا كأطفالٍ غير ناضجات.

النساء من ضحايا إلى صانعات للإرهاب- مواقع التواصل الاجتماعي

علاوة على ذلك، يختار بعضهن عدم المشاركة في برامج فك الارتباط والتسريح وإعادة الدمج لتجنب الوصم الاجتماعي، لا سيّما في حالات الزواج القسري.

بناءً على ما سبق، ينبغي أن نفهم أن برامج إعادة تأهيل المتطرفين ليست سوى أحد أجزاء الحل والدمج الناجح، يتطلب أكثر من ذلك بكثير. ويتعين على الحكومات والممارسين توخي الحذر في كيفية صياغة البرامج واختيار المشاركين. كما ينبغي التفكير بجدية، ليس فقط في محتوى البرامج، ولكن أيضًا في كيفية الترويج لها لضمان قبول المجتمع لها.

المصدر: عين أوروبية على التطرف

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة