الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون خليجيةشؤون دولية
استكشاف الزهرة.. مشروع جديد يواكب طموحات الإمارات في مجال الفضاء
المهمة الإماراتية الثانية للفضاء تهدف إلى تعظيم مداخيل الاستثمار والبحث عن مجالات نوعية جديدة

كيوبوست
بعد أشهر قليلة من نجاح مسبار الأمل في الدخول إلى مداره حول المريخ، أعلنت الإمارات عن مهمة جديدة في مجال الفضاء تتضمن مركبة فضائية إماراتية تقطع رحلة مقدارها 3.6 مليار كيلومتر تصل خلالها إلى كوكب الزهرة وسبع كويكبات ضمن المجموعة الشمسية؛ بحيث تنفذ هبوطاً تاريخياً على آخر كويكب ضمن الرحلة التي تستغرق 5 سنوات.
اقرأ أيضًا: الإمارات.. الحكم الرشيد مفتاح العبور الآمن
ويتضمن المشروع الفضائي الجديد إرسال مركبة فضائية لاستكشاف كوكب الزهرة وحزام الكويكبات داخل المجموعة الشمسية، وسيستغرق تطوير المركبة 7 سنوات، على أن تكون جاهزة للانطلاق في رحلتها الفضائية، ضمن نافذة إطلاق تحدد لها بداية 2028، بينما تستغرق مدة المهمة العلمية لمشروع الإمارات لاستكشاف كوكب الزهرة وحزام الكويكبات 5 سنوات تمتد من عام 2028 حتى عام 2033، وهي أحد المشروعات الرئيسية لاكتشاف الفضاء ضمن مشروعات الخمسين.

مهمة مثيرة للاهتمام

لا حدود لاستكشاف الفضاء، حسب كارل بيكر، مؤسس شركة “Summit Space” المتخصصة في أعمال الفضاء، الذي يقول لـ”كيوبوست” إن من الرائع رؤية محاولة من دولة مثل الإمارات العربية المتحدة للقيام بهذه المهمة الصعبة التي تعتبر خطوة طموحة للغاية تعبر عن قيادة عظيمة تسعى لتحقيق أي هدف صعب من خلال العمل عليه وتحويله إلى أمر واقع، مؤكداً أن تنفيذ هذه المشروعات أمر صعب للغاية؛ لكن ستكون التحديات طريقاً لجمع الأفكار والأفراد، وهو أمر جيد للغاية.
يشير كارل بيكر إلى أن المهمة الإماراتية الجديدة مثيرة للاهتمام للغاية، وتعتبر من المهات عالمية المستوى التي ستقدم مساهمات في العلوم والتكنولوجيا كافة؛ لأن المعلومات التي يتوقع أن تنتج عن هذه الرحلة لن تكون ذات أهمية من منظور علمي فحسب؛ ولكن أيضاً من منظور تكنولوجي.
يعتبر كوكب الزهرة توأماً لكوكب الأرض؛ لكنه يتمتع ببيئة قاسية جداً، بسبب درجة حرارة السطح القصوى الناتجة عن تأثير الاحتباس الحراري، حسب عضو اللجنة الاستشارية لوكالة الإمارات للفضاء ومدير مختبر الدفع النفاث ونائب رئيس معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، الدكتور تشارلز العشي، الذي يقول لـ”كيوبوست” إن فهم تطور كوكب الزهرة مهم جداً لفهم التأثير المحتمل للاحتباس الحراري على كوكب الأرض.
يشير العشي إلى أنه على مدى العقد المقبل تخطط “ناسا” لإرسال مركبة مدارية ومسبار جوي إلى كوكب الزهرة، وكذلك تخطط وكالة الفضاء الأوروبية لإرسال مركبة مدارية إلى الزهرة، وستُكمل مهمة الإمارات هذه المهام؛ مما يؤدي إلى جهد دولي فريد لاستكشاف هذا الكوكب في ظل وجود مهام لوكالة ناسا بجانب وكالتَي الفضاء الأوروبية واليابانية.

تعاون وتنسيق عالمي
يتدرب من الإمارات رواد فضاء لدى “ناسا”، وهناك تعاون وتنسيق مشترك بين الإمارات والوكالة، حسب شيريل وارنر، مديرة الأخبار بالنيابة في وكالة ناسا، التي تقول لـ”كيوبوست”: إن الإمارات وقعت على اتفاقيات تعزز التعاون المشترك، لافتةً إلى أن هناك اهتماماً مشتركاً بين ما تخطط له “ناسا” التي أعلنت في وقت سابق خططاً لبعثات لكوكب الزهرة، بداية هذا العام، وما تخطط له الإمارات.
وحسب مقال تحليل نشره محمد جلال الريسي، مدير عام وكالة أنباء الإمارات، فإن استراتيجية أبوظبي في مجال الفضاء تعتمد على البدء مما انتهى إليه الآخرون، وفي المقدمة الاستثمار في البشر وتسليحهم بالعلوم الحديثة والتأسيس لقاعدة وطنية وعربية في علوم الفضاء كما فعل الأسلاف، مشيراً إلى أن المهمة ليست سهلة؛ بل تعد تحدياً، ولكن هذا الأمر اعتادت عليه الإمارات بأن تحول التحديات إلى فرص.
اقرأ أيضًا: واكاتا لـ”كيوبوست”: “مسبار الأمل” يدعم جمع المعلومات عن المريخ
وأكد الريسي أن المهمة الإماراتية الثانية للفضاء ليست لمجرد تسجيل اسم الدولة بين الكبار؛ بل أيضاً لتعظيم مداخيل الاستثمار والبحث عن مجالات نوعية جديدة والتفكير خارج الصندوق بما يتناسب واستراتيجية الخمسين، مشيراً إلى أن الرسالة التي تنطلق منها دولة الإمارات في كل مشروعاتها الطموحة وفي طليعتها مشروعها الفضائي، هي أننا لسنا أقل من غيرنا.
وهناك مجموعة عوامل سيتم أخذها في الاعتبار لدى تصميم المركبة الفضائية الإماراتية للمهمة الجديدة؛ نظراً لطبيعتها والظروف المحيطة بحزام الكويكبات، بما في ذلك تزويد المركبة الفضائية بتغليف حراري وميكانيكي مختلف؛ نظراً لتعرضها إلى الإشعاع الشمسي ودرجات حرارة عالية بصورة مباشرة، حيث ستكون أقرب نقطة للمركبة الفضائية من الشمس على مسافة 109 ملايين كيلومتر، إضافة إلى تزويد المركبة الفضائية بأنظمة ملاحة وتوجيه وتحكم خاصة؛ بسبب عبورها عبر سديم من الأجرام السماوية، مع تخصيص تقنيات خاصة لتشغيل المركبة الفضائية بطاقة شمسية قليلة جداً عند ابتعادها في رحلتها عن الشمس بمسافة 440 مليون كيلومتر.

تحدٍّ صعب
يؤكد بيكر أن الوقت المستغرق لتحضير المهمة مرتبط بصعوبة بناء أجهزة الفضاء التي تعتبر دقيقة للغاية وصعبة في التنفيذ؛ لأنه بمجرد التحرك من على سطح الأرض يتم العمل إلكترونياً ولا يمكن لمسها أو إضافة تعديلات فيها، لافتاً إلى أن القيام بعمل طموح مثل الهبوط على جسم آخر يتطلب مجهوداً هندسياً كبيراً وأجهزة خاصة، وهو ما سيدفع الإمارات وشركاءها لتطوير عمليات وتقنيات جديدة ستعود بالفائدة على صناعة الفضاء داخل وخارج أبوظبي.
شاهد: الإمارات: العمل والأمل
يعتبر تشارلز العشي أن المهمة الإماراتية الجديدة للفضاء إذا أُضيفت إلى مهمة مسبار الأمل التي نفذتها الإمارات من قبل، فإن أبوظبي تصبح لاعباً رئيسياً في استكشاف النظام الشمسي، والخطوة الجديدة تضع الإمارات على الطريق الصحيح لتصبح لاعباً دولياً رئيسياً في هذا المجال المثير للاهتمام.
يختتم بيكر حديثه بالتأكيد أن التجارب الملهمة مثل التجربة الإماراتية يمكن أن تلهم العرب بل والعالم لمزيد من المهمات، مشيراً إلى أن سبب اهتمامه بمجال الفضاء كان مشاهدته مهمة “أبولو 11” قبل 35 عاماً على شاشات التليفزيون، لافتاً إلى أنه اليوم كمواطن أمريكي متحمس للغاية لمشاهدة الأخبار ومتابعة المشروع الإماراتي الجديد.