الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

استغلال الأزمة الأوكرانية.. ورقة جديدة لتنظيم الدولة الإسلامية

دعوة التنظيم المتطرف إلى الثأر تأتي متأخرة لتعكس حالة الإرباك داخل صفوفه

كيوبوست- مصطفى أبو عمشة

بعد إعلان تنظيم داعش، في تسجيل صوتي، إطلاق حملة “ثأر” لزعيمه السابق الذي قُتل في فبراير الماضي، خلال عملية أمريكية شمال غربي سوريا، فإن الجدل يبقى محتدماً عن مدى استغلال التنظيم الأحداث والمتغيرات التي تدور بالمنطقة والعالم؛ وبخاصة الأزمة الروسية- الأوكرانية.

وبهذا الصدد، أعلن المتحدث باسم التنظيم، أبو عمر المهاجر، في تسجيل على “تيليغرام”، ما سماه “غزوة الثأر” للشيخَين: الشيخ أبي إبراهيم الهاشمي القرشي، والشيخ المهاجر أبي حمزة القرشي، ودعا مناصري التنظيم إلى استغلال “الفرصة المتاحة، فأوروبا على صفيح ساخن”؛ في إشارة إلى الحرب في أوكرانيا، لاستئناف شن عمليات في أوروبا.

وكان التنظيم قد أكد، في العاشر من مارس الماضي، مقتل زعيمه السابق “أبو إبراهيم القرشي”، والمتحدث الرسمي السابق “أبو حمزة القرشي”، وعرف عن زعيمه الجديد باسم “أبو الحسن الهاشمي القرشي”، ليكون الزعيم الثالث للتنظيم منذ عام 2014.

زعيم تنظيم داعش السابق أبو إبراهيم القرشي (عبدالله قرداش).

دعوة متأخرة

حول هذا الموضوع، يؤكد خبير الأمن الاستراتيجي عمر الرداد، مدير عام الطريق الثالث للاستشارات الاستراتيجية، أن رسالة “داعش” الجديدة رغم أنها جاءت عبر رسالة صوتية، وهو ما يجعل التأكد من صحتها موضوعاً ذا أهمية؛ فإنه من غير المستبعد أن تبدأ القيادة الجديدة لـ”داعش” نشاطها الإعلامي بصيغة رسائل صوتية، وهو أسلوب معروف، وسبق أن وجه قادة التنظيم مثل هذه الرسائل.

عمر الرداد

ويرى الرداد أن دعوة عناصر التنظيم إلى الثأر لمقتل زعيمه السابق “القرشي” في شمال غرب سوريا، في فبراير الماضي، هي دعوة متأخرة؛ إذ تأتي بعد شهرَين من مقتل القرشي، وبعد تعرض التنظيم إلى ضربات نوعية متتالية في سوريا والعراق؛ إذ جرت العادة بالإعلان عن اسم “الخليفة” الجديد والدعوة إلى الثأر ومواصلة العمليات، وهو ما يمكن تفسيره إما بضعف التنظيم وحالة الفوضى التي يعيشها بعد مقتل القرشي، وإما نتيجة الضربات الأمنية اللاحقة التي تعرض إليها التنظيم في سوريا والعراق.

ويضيف خبير الأمن الاستراتيجي، في حديثه إلى ”كيوبوست”، بالقول: “الدعوة إلى الثأر موجهة إلى عناصر التنظيم في سوريا والعراق، وهو محاولة في ما يبدو من التنظيم لبثّ الروح القتالية بين كوادر وعناصر التنظيم رغم أن تخطيط العمليات لا يحتاج إلى دعوات عبر رسائل صوتية، وهو ما يطرح تساؤلات حول حقيقة الدعوة من جهة، وفي ما إذا كانت مجرد رسالة إعلامية أكثر منها تعبيراً عن مخططات جادة؟!”.

اقرأ أيضًا: المجد لأوكرانيا: تحليل الرواية التي تستخدمها كييف لجذب المقاتلين الأجانب

الدعوة إلى استغلال الفرصة السانحة في أوروبا بعد الحرب الروسية- الأوكرانية والتقدير بأن أوروبا “على صفيح ساخن”، من المؤكد أنها، حسب رؤية الرداد، موجهة إلى الخلايا النائمة والذئاب المنفردة، مشيراً إلى أن الاستجابة لهذه الدعوة من قِبل تلك الخلايا والذئاب تبقى موضع شكوك، إلا أن إقدام خلايا أو ذئاب على تنفيذ عمليات لا تحتاج إلى تخطيط ودعم لوجستي يبقى احتمالات واردة، وتحديداً عمليات “الطعن، الدهس، إطلاق النار في محطات القطارات.. إلخ”، لا سيما أن هناك سياقات توفر أرضية مناسبة لمثل تلك العمليات، في ظل إحراق القرآن الكريم من قِبل جماعات سويدية متطرفة، إضافة إلى التعامل بصورة مختلفة مع قضية اللجوء الأوكراني وحالة الانكشاف التي توفر “شرعية” لمقاربات “داعش” تجاه الغرب، هذا بالإضافة إلى ما تشهده القدس والأماكن المقدسة في فلسطين من اعتداءات تؤكد مقاربات المرجعيات الدينية للصراع، والتي تشكل إحدى مفردات خطاب تنظيم داعش.

يأتي هذا التسجيل لـ”داعش” بعد 5 أشهر من وقوع انفجار قرب مستشفى في ليفربول اعتبره خبراء رسالة تحذيرية من التنظيم لأوروبا

ورقة ضغط

من جانبه، يرى الباحث المغربي في شؤون الإسلام السياسي عادل الحسني، أن التنظيمات الجهادية جرت العادة على أن تكون تحركاتها العنيفة والإعلان عنها، هي ضرائب عن تحرك الغرب في أراضي الشرق الأوسط، منوهاً بأن هذه التنظيمات كانت وما زالت ورقة ضغط غير مباشرة على الغرب لتخفيف ضغوط استراتيجياته في المنطقة، مشيراً إلى أنه في التسعينيات من القرن الماضي كانت تطلق يد هذه الجماعات لخفض مبرر حقوق الإنسان، واليوم يبدو أنها توظف في صراع التحالفات في الحرب الأوكرانية- الروسية.

اقرأ أيضاً: تداعيات الصراع الروسي-الأوكراني على الحركات المتطرفة والإرهابية

عادل الحسني

بالنظر إلى تاريخ الدواعش؛ فالتحرك الإعلامي لـ”داعش” بعد كل هذه النكسات التي أصابته، حسب رؤية الباحث المغربي في شؤون الإسلام السياسي، يعني أنه ينتعش بتعزيزات جديدة من التمويل وحرية التواصل والحركة، مؤكداً أنه لن تتحمل دولة واحدة هذا الوزر، ومن هنا فإن الحسني يؤكد حالة الانتقال الطاقي في العالم الذي تحاول أمريكا قيادته اقتصادياً لصالحها، وضمان مستقبل الصناعات الطاقية لصالحها، يصعب أن يتحقق لها دون حرب تضعف المزودين التقليديين للطاقة النفطية والغازية، منوهاً بأن حرب أوكرانيا هي تعبير عن هذا التوجه.

ويختم الحسني، في سياق حديثه إلى “كيوبوست”، بأن هذه الجماعات لا تعلن نفسها وما تتعود به بقدر ما تعطي إشارات بأن الدول الشرق أوسطية، والتي تمسك بخيوط تحرك هذه التنظيمات، يمكن أن تطلقها سائبة على أوروبا عبر حجب معلومات تحركاتها، لافتاً إلى وقوع ارتباك كبير في التعاون الأمني على سبيل المثال بعد انقسام الدول العربية مع تركيا حول إدانة روسيا؛ استجابة لدعوة أمريكا.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مصطفى أبو عمشة

باحث وكاتب صحفي فلسطيني مهتم بشأن الشرق الأوسط والإسلام السياسي

مقالات ذات صلة