الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة
اختبارات الحمض النووي تكشف عن خطر الإصابة بالنوبات القلبية

كيوبوست- ترجمات
رايس بلاكلي♦
يشبه البروفيسور السير بيتر دونيلي، ذلك بشخصٍ يسير على طول سلسلة الكروموسومات، حاملاً كيساً فوق كتفه، ويشبه بعض المتغيرات الجينية بأنها تضيف حفنة من الرمل إلى الكيس؛ بينما البعض الآخر يأخذ حفنة منه. كلما زاد ثقل الكيس في نهاية الرحلة، ازدادت فرصة تعرضك إلى أمراض القلب والأوعية الدموية.هناك ثلاثة عوامل تعني أن تقنية “درجة المخاطر متعددة الجينات” جاهزة الآن للاختبار بواسطة هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية. فقد سمح التقدم في مجال الإحصاءات المحوسبة بربط أعداد كبيرة من الجينات بمخاطر الأمراض، وانخفضت تكلفة هذه التقنية إلى درجة أصبح من الممكن التفكير في القيام بها على نطاق واسع. وكذلك تحققت الدراسات من أن الطريقة تعمل بنجاح على المجموعات العرقية المختلفة.
تتجه هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا نحو عصر “الطب المخصص لكل فرد” من خلال التجربة الأولى لتقنية مسح الحمض النووي للأشخاص، من أجل حساب مخاطر إصابتهم بالأمراض؛ ويمكن للأطباء في النهاية استخدام هذه التقنية لتحديد مئات الآلاف من الأشخاص الذين تجعلهم مورثاتهم أكثر تعرضاً للإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية. سوف تشمل الدراسة التجريبية التي تجري في شمال شرق إنجلترا نحو ألف شخص. وتبدأ الدراسة بعينة دم تؤخذ كجزء من فحص طبي عادي، ثم تتم دراسة نحو مليون نقطة من الحمض النووي لكل شخص من أجل قياس القابلية للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

تم تطوير الاختبار بواسطة شركة “جينوميكس”، وهي شركة تكنولوجيا حيوية انبثقت عن جامعة أكسفورد. قال البروفيسور السير بيتر دونيلي، مؤسسها ورئيسها التنفيذي: “هذا يمثل سابقة حقيقية في الطب المخصص؛ فباستخدام علم الوراثة، يمكننا تحسين إمكانية التنبؤ بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ويصبح بالإمكان اعتماد العلاجات المناسبة؛ مثل الأدوية الخافضة للكوليسترول أو تغيير نمط الحياة بما يتناسب بشكل أفضل لكل فرد”.يمكن استخدام هذه التقنية لعشرات الحالات الأخرى؛ بما في ذلك سرطان الثدي، والبروستات، والجلد، والسكري من النوع 2، والاضطراب ثنائي القطب. يقول دونيلي: “هذه الدراسة التجريبية مع هيئة الخدمات الصحية الوطنية ستبقي المملكة المتحدة في المقدمة عالمياً في استخدام قوة علم الوراثة لتحسين الرعاية الصحية”.
اقرأ أيضاً: قبل 8000 عام كان هنالك 17 امرأة لكل رجل!
يوفر الاختبار ما يُعرف باسم “درجة المخاطر متعددة الجينات” (PRS). اعتمدت هذه التقنية على معرفة أن التعرض إلى المرض يعتمد غالباً على تفاعل عددٍ كبير من الجينات. كل نقطة من المليون نقطة على الحمض النووي للشخص التي يتم تحليلها سيكون لها تأثير ضئيل على معرفة مدى مخاطر الإصابة بأمراض القلب.يتم تجميع هذه البيانات لمعرفة درجة المخاطر النهائية. وستضاف هذه البيانات إلى أداة تنبؤ بالمخاطر تدعى “كيوريسك”، ويستخدمها الأطباء بالفعل، وتبحث في عوامل مثل الكوليسترول ومؤشر كتلة الجسم (BMI). أولئك الذين يصنفون على أنهم “معرضون إلى خطر كبير” سيكون لديهم فرصة بنسبة 10 في المئة للإصابة بأمراض القلب في السنوات العشر القادمة.وجدت دراسة حديثة أن هذه التقنية كانت فعالة بشكل خاص عند الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و55 عاماً؛ حيث كانت درجة المخاطر متعددة الجينات (PRS) أقوى مؤشر يتنبأ بمخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أكثر من مؤشرات أخرى؛ مثل بيانات ضغط الدم أو معدل التدخين. يقول دونيلي: “هناك الكثير من المزايا مع التكنولوجيا التي يعتمد عليها هذا البرنامج التجريبي”.
اقرأ أيضاً: التعديل الجيني على البشر والحيوان والنبات.. خطر مميت يلوح في الأفق

والأهم من ذلك، أنه يتناسب تماماً مع الطريقة التي يعمل بها الأطباء عادة في وقتنا الحالي؛ وهي محاولة أن نجعل الحياة أسهل وليس أكثر صعوبة. يقول علماء المورثات إنه إذا تم تطبيق الاختبار الجديد على جميع الأشخاص في بريطانيا الذين تُراوح أعمارهم بين 40 و60 عاماً، فيمكن أن يتم التعرف على أكثر من 650 ألف شخص معرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، غير معروفين حالياً. من المتوقع أن يؤدي علاج هؤلاء الأشخاص إلى تجنب نحو 15000 حالة مرضية على مدى عقد من الزمن، وتجنب حدوث ما يقارب ألفَي حالة وفاة.
♦مراسل علمي لصحيفة “التايمز”.
المصدر: ذا تايمز