شؤون عربية
احتياطي تونس إلى أدنى مستوى: هل تفسد الأزمة إنجازات الثورة؟
هل تتجاوز تونس الأزمة وتبقى تجربة النجاح الوحيدة في الربيع العربي؟

خاص كيو بوست –
في ذروة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تونس، تبرز أرقام غير اعتيادية حول نسبة العجز التجاري داخل البلاد. يأتي هذا بعد موجة احتجاجات عمت مدن تونسية مؤخرًا، في ذكرى الثورة التي أشعلت الربيع العربي، وأطاحت بنظام زين العابدين بن علي.
وحتى عامنا الحالي 2018، يستخلص من ثورة تونس 2011 أنها لم تصل لمصير غيرها من الثورات العربية، على اعتبار أنها تجربة النجاح الوحيدة. لكن ثمة تغييرات باتت تزعزع هذا التصور وتضعه على المحك.
تظهر بيانات للبنك المركزي التونسي، نشرت الأربعاء 24-1-2018، مزيدًا من تآكل احتياطي العملة الصعبة، الذي أصبح يغطي واردات 89 يومًا فقط، وهو أضعف مستوى تصل إليه تونس في 15 عامًا.
“زاد العجز التجاري لتونس إلى 15.592 مليار دينار (6.49 مليارات دولار) في نهاية 2017، مسجلًا مستوى قياسيًا مرتفعًا”، تقول الأرقام المنشورة.
وقال البنك المركزي التونسي إن احتياطي البلاد تراجع إلى 12.306 مليار دينار (5.1 مليارات دولار) في 23 يناير/كانون الثاني الجاري، بعد أن كان يغطي واردات 106 أيام قبل عام.
فيما وافق البرلمان التونسي على خطة للبنك المركزي لبيع سندات بقيمة مليار دولار للمساعدة في تمويل ميزانية 2018، وفق وكالة الأنباء التونسية.
كما تحتاج هذه الميزانية إلى قروض بثلاثة مليارات دولار، لتمويل عجز قدره 36 مليار دينار (14.7 مليار دولار) في ميزانية 2018.
أزمة تفسد الإنجازات
تقول الباحثة في معهد واشنطن للدراسات سارة فوير إنه في حين تمكنت تونس من الحد من التهديدات الأمنية وإقامة نظام سياسي فعال، في أعقاب حالة عدم الاستقرار التي استمرت منذ سقوط نظام ابن علي، إلّا أنّ الاحتجاجات الأخيرة كشفت مدى فشل الزعماء التونسيين في معالجة المشاكل الاقتصادية للبلاد.
وجاء في استطلاع نشره “المعهد الجمهوري الدولي” الأمريكي (IRI) في كانون الأول/ديسمبر المنصرم، أن 89% من التونسيين وصفوا الوضع الاقتصادي بـ”سيء جدًا” أو “سيء إلى حد ما”، وهي أعلى نسبة تسجلها البلاد منذ أن بدأ المعهد بتتبع الرأي العام التونسي في عام 2011.
“وبينما كان الشعب التونسي في السنوات السابقة يَعْتبر أنّ البطالة تشكّل مصدر قلق اقتصادي رئيس، إلّا أنّ الأكثرية اليوم تَعْتبر أنّ الأزمة الاقتصادية والمالية هي المشكلة الكبرى الوحيدة التي تواجه بلادهم”، وفق الاستطلاع.
احتجاجات متجددة
وفي مطلع الشهر الجاري اندلعت موجة اضطرابات عارمة في تونس، احتجاجًا على إجراءات تقشفية أعلنتها الحكومة لمواجهة الأزمة المالية.
وانطلقت الاحتجاجات في مدن تونسية عدة، على خلفية رفع أسعار المحروقات والخدمات والسلع الاستهلاكية من قبل الحكومة.
وتطورت الحركة الاحتجاجية، التي بدأت بتظاهرةٍ صغيرةٍ وسط العاصمة، إلى مواجهات مع قوى الأمن، وأعمال حرق وتخريب ونهب لمقار إدارية وأمنية وفضاءات تجارية، في أكثر من مدينة.
وتقول الباحثة فوير إن الاحتجاجات الأخيرة ليست المرة الأولى -منذ عام 2011- التي تشهد فيها تونس احتجاجات ناجمة عن الأحوال الاقتصادية السيئة. فقد شهد ربيع عام 2017 وشتاء عام 2016 احتجاجات مماثلة نتيجة الإحباطات العميقة من انعدام فرص العمل والتهميش المستمر للمجتمعات المحلية في تونس. وفي تلك الحالات، ظلّت الاحتجاجات محصورة إلى حد كبير في الأماكن المضطربة عادةً وسط البلاد وجنوبها، مثل القصرين وقفصة. إلا أنّ الموجة الأخيرة امتدّت إلى مناطق داخل العاصمة وحولها، مما ذكّر باحتجاجات عامي 2010-2011.
ورغم هدوء وتيرة الاحتجاج في الأيام الأخيرة، إلا أن الأزمة في أوجها، وقد تتحول في أي لحظة إلى احتجاجات كبيرة، ونزول إلى الشوراع.
“فإلى جانب البطالة المستمرة (15% على المستوى الوطني، و30% بين خريجي الجامعات)، وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل اللحوم والخضار، استمرت الحالة المالية للبلاد بالتدهور”، وفق الباحثة فوير.
برأيك.. هل تتجاوز تونس الأزمة وتبقى تجربة النجاح الوحيدة في الربيع العربي؟ شاركنا في التعليق أدناه.