الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
اتهامات لتركيا بتحريك الشارع في لبنان.. ومخاوف من رد فعل “حزب الله”
أكثر من 600 مصاب في يومَين وسط تعثُّر للتشكيل الحكومي وتزايد انخفاض قيمة العملة واستمرار الضغوط الاقتصادية

كيوبوست
شهدت الأوضاع في لبنان تطورات متلاحقة خلال اليومَين الماضيَين، مع وقوع مصادمات عنيفة بين المتظاهرين اللبنانيين وقوات الأمن التي اتهمت مشاغبين بالاندساس وسط المتظاهرين، بينما أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه؛ لتفريق المحتجين الذين حاولوا اقتحام مقر مجلس النواب وسط بيروت، ودمَّروا واجهات عدد من البنوك في شارع الحمرا التجاري على بُعد عشرات الأمتار فقط من مصرف لبنان الذي تؤمنه قوات الجيش.
وأسفرت المواجهات بين المحتجين والشرطة عن إصابة أكثر من 600 شخص خلال يومَين فقط، وهي الأعنف منذ انطلاق التظاهرات في 17 أكتوبر الماضي. بينما رصد عدد من المحامين الحقوقيين تعرُّض محتجين إلى الضرب والاعتداء البدني من قِبَل قوات الشرطة قبل أن يتم إخلاء سبيلهم؛ حيث طالب المحامون بضرورة عرض المحتجزين الذين تعرضوا إلى اعتداءات على الطب الشرعي.
اقرأ أيضًا: كيف مهَّدت الأحداث الداخلية إلى تحريك الشارع اللبناني ضد السلطة؟
تعثُّر سياسي واقتصادي
وعلى وقع وضع اقتصادي يزداد صعوبة داخليًّا مع ارتفاع سعر صرف العملة اللبنانية؛ ليكون سعر الصرف 2300 ليرة مقابل الدولار الواحد لدى الصرافات، بينما السعر الرسمي لدى مصرف لبنان 1505، وتستمر البنوك في رفض منح المودعين أموالهم بالدولار والاكتفاء بالصرف فقط بالليرة اللبنانية، وسط تعثُّر للتشكيل الحكومي برئاسة الرئيس المكلف حسن دياب، الذي لا يزال يجري مشاورات لتشكيل حكومة اختصاصيين، حسبما وعد في تصريحات صحفية أدلى بها وصدرت مع تكليفه قبل أكثر من شهر.
ضغوط “حزب الله”
حسب وسائل إعلام لبنانية، فإن عملية تشكيل الحكومة متعثرة؛ بسبب ضغوط القوى السياسية المحسوبة على “تيار 8 آذار”؛ خصوصًا “حزب الله” الذي يسعى للحصول على أكبر نسبة بالحكومة الجديدة مع تعيين وزراء له بالحكومة الجديدة من دون حقيبة، بينما تزداد مخاوف من أن يدفع الحزب بعناصره للصدام مع المحتجين مجددًا على غرار ما حدث مرتَين في الأسابيع الأولى من الحراك اللبناني.
اقرأ أيضًا: لبنان يدخل أزمة صرف خانقة مع اختفاء الدولار
ويوجه الحزب، عبر منصاته الإعلامية المختلفة، انتقادات للحراك تصل إلى حد العداء، بجانب تركيز الاتهام على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتحميله المسؤولية عن تردي الأوضاع الاقتصادية، بينما يطالب بالتصدي بحسم للمتظاهرين من جانب قوات الأمن.
تحذيرات الحريري
حذَّر رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، من اتجاه البلاد نحو المجهول؛ بسبب التباطؤ في تشكيل الحكومة حتى الآن، مؤكدًا أن الاستمرار في دوامة المواجهات بين قوات الأمن والشعب تعني المراوحة في الأزمة والإصرار على إنكار الواقع السياسي المستجد في ظل استمرار التعطيل منذ 90 يومًا.
تحركات تركية بالحراك

يرجع الأستاذ بالجامعة اللبنانية الدكتور محمد شمص، اتجاه المتظاهرين نحو العنف إلى قيام بعض الأحزاب السياسية بإرسال مؤيديها داخل الاحتجاجات؛ من أجل إثارة الجماهير، وهو ما حدث مع مجموعات على سبيل المثال جاءت من طرابلس إلى بيروت تابعة لأحد النواب السابقين، وظهرت على شاشات التليفزيون، وكان واضحًا للغاية أنها جاءت لتصعيد المواجهة مع قوات الأمن؛ لأنه حسب رأيها الأمر تأخَّر كثيرًا ولم تعد تنفع معه السلمية، ووجدت في تصعيدها رسالة موجهة بالدرجة الأولى إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري؛ خصوصًا أنها من خصومه، فضلًا عن رسالتها إلى الرئيس المكلف حسان دياب.
وأضاف شمص، خلال تعليقه لـ”كيوبوست”، أن مجموعات من القوى التي أثارت العنف مرتبطة بتركيا ولديها علاقات قوية مع السفير التركي ببيروت، وطالما كان يتردد على مواقعها ومراكزها؛ بل وتتلقى الدعم المالي منه، ومن ثَمَّ يأتي هذا التحرك في إطار أبعد من النظرة الداخلية للأزمة اللبنانية؛ ولكن في سياق المنافسة الإقليمية بالساحة اللبنانية.
تحول طبيعي
واعتبر الأستاذ بالجامعة اللبنانية أن استخدام العنف من قِبَل القوى الأمنية أمر طبيعي؛ باعتبار أن المتظاهرين أعلنوا أنهم سيخرجون عن سلميتهم، وهؤلاء يمثلون مجموعات من المتظاهرين لا المتظاهرين كافة؛ فهناك مجموعات لا تزال تتبني السلمية، وهناك رسالة من استخدام العنف موجهة إلى وزيرة الداخلية ريا الحسن، المنتمية إلى تيار المستقبل التابع للحريري؛ لأنها ردًّا على العنف ستكون مطالبةً بإعطاء أوامر لقوات الأمن بالرد على المشاغبين، مؤكدًا أن هناك مجموعات لتيارات أخرى أيضًا سياسية لديها مكاسب مما يحدث.
اقرأ أيضًا: سلاح “حزب الله”.. معضلة في الحراك اللبناني
وربط الأستاذ بالجامعة اللبنانية التصعيد بقرب الاستقرار على التشكيل الحكومي الذي أصبح قاب قوسَين أو أدنى مع اقتراب تجاوز آخر العُقَد الموجودة أمام إعلانه؛ حيث يضغط المتظاهرون بالوجود في الشارع من أجل القدوم بحكومة تكنوقراط معبرة عنهم، وتضم ممثلين عن الحراك والثوار، متوقعًا أن تهدأ الأوضاع نسبيًّا مع الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة التي سيكون هدفها الرئيسي إنقاذ لبنان من الأزمة الاقتصادية التي جعلته على وشك الانهيار.
تجاهل المطالب يؤدي إلى العنف

من جهته، قال رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبناني، شارل جبور: “إن أي ثورة أو انتفاضة أو حراك شعبي عندما تصل الناس فيها إلى نقطة اليأس من إمكانية تغيير تطلعاتها التي تحركت من أجلها؛ فتتجه إلى العنف. وما يحدث الآن هو نتاج لاستمرار المواطنين في الشوارع أكثر من 3 أشهر، وسط تجاهل الأغلبية الحاكمة مطالب المتظاهرين التي تنادي بالتغيير”.
وأكد جبور، خلال تعليق لـ”كيوبوست”، أن الأوضاع في لبنان ما زالت تتردى وتسوء أكثر فأكثر، وبالتالي مع تدهور الوضع المالي والاقتصادي تذهب الأمور إلى العنف؛ لأن الناس لم تعد تتحمل الفقر والجوع، ولم تعد تتحمل عمليات الاستغناء من المؤسسات الخاصة وغياب فرص العمل، وزيادة البطالة، ووسط كل هذه الأجواء يشاهدون الطبقة الحاكمة وهي تتصارع على المحاصصة الطائفية بصراع نفوذ بدلًا من البحث عن حل لأزمة البلاد.
وشدد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبناني على أن الأمور وصلت إلى مرحلة العنف وبدأت تتصاعد؛ وهو ما يجب الانتباه إليه، خصوصًا أن القوى الأمنية هي ضحية السلطة السياسية؛ فالمواطنون لا يتظاهرون ضد قوى الأمن، ولكن ضد السلطة التي ترفض مطالبهم وترفض التجاوب معها.