الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
اتفاق تركي روسي في إدلب: طبول الحرب أسكتت فماذا بعد؟
تفاصيل ما بعد الاتفاق الروسي التركي في إدلب

كيو بوست –
على عكس مجريات الأحداث حين بدأت عملية التسخين لعملية عسكرية واسعة في محافظة إدلب السورية، وقعت روسيا وتركيا اتفاقًا يضع خيار الحرب الشاملة جانبًا، ويحصر القتال ضد جهات محددة.
يمهد الاتفاق لمرحلة جديدة من التفاهمات بشأن رسم خارطة نهاية الصراع في سوريا، كما أن ثمة تحول في الموقف الروسي الذي عادة ما يتجه للخيارات العسكرية أكثر من التسويات.
اقرأ أيضًا: ما مصير المواجهة الطاحنة المرتقبة في إدلب السورية؟
تفاصيل الاتفاق
بعد قمة استمرت قرابة 4 ساعات في مدينة سوتشي الروسية، بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، أعلن الطرفان التوصل لاتفاق يقضي بتجنيب محافظة إدلب عملية عسكرية، وإقامة منطقة منزوعة السلاح في المحافظة، وطرد التنظيمات المتشددة.
وأعلن بوتين عن إقامة منطقة منزوعة السلاح على امتداد خط التماس بين الجيش السوري والجماعات المسلحة، في إدلب.
“خلال اللقاء بحثنا هذا الوضع (في إدلب) بالتفصيل، وقررنا إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 – 20 كلم على امتداد خط التماس بين المعارضة المسلحة والقوات الحكومية، بحلول 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل”، قال بوتين.
اقرأ أيضًا: حلول تركيا الخاسرة في إدلب
وأوضح بوتين أنه سيتم إخلاء المنطقة منزوعة السلاح من كل الجماعات المسلحة المتطرفة، بما فيها “جبهة النصرة”.
ويشمل الاتفاق أيضًا سحب الأسلحة الثقيلة والدبابات وراجمات الصواريخ ومدافع كل الجماعات المعارضة بحلول 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وذلك باقتراح من الرئيس التركي، على أن تقوم القوات التركية والشرطة العسكرية الروسية بمهمة المراقبة في المنطقة.
كما كشف بوتين أن الجانب التركي اقترح استئناف النقل عبر طريقي حلب – اللاذقية، وحلب – حماة، قبل نهاية عام 2018.
مآلات الاتفاق
يوجد في إدلب العديد من الفصائل المسلحة، بعضها تندرج تحت مسمى المعارضة المعتدلة، وهي تلك الجماعات المنضوية تحت لواء الجيش السوري الحر، والبعض الآخر يندرج تحت مسمى المعارضة المتشددة أو “الجماعات الإرهابية” بنظر روسيا، وهي التي تنضوي تحت عباءة ما تعرف بهيئة تحرير الشام، وكذلك جبهة النصرة.
تبدو خيارات الحرب الآن محصورة ضد هاتين الجبهتين المتشددتين، اللتين تسيطران على أكبر مساحات إدلب، لكن الحرب هذه المرة ستكون بمباركة تركية.
فيما سيبقى الجيش الحر، حليف تركيا، قائمًا في إدلب لكن بصورة مدجنة، أي بلا أنياب يمكن أن تهاجم النظام مستقبلًا.
اقرأ أيضًا: إدلب: تسوية أم حرب؟
رغم ذلك، فإن تجنب الحرب كليًا، أمر محتمل، إذ سبق أن أفاد مصدر عسكري سوري بأن تركيا طلبت التمهل عن شن معركة إدلب، ريثما تقنع “تحرير الشام” بحل نفسها والاندماج مع بقية الفصائل.
وفي دراسة حالة الفصائل في إدلب، فإنها كثيرًا ما انقسمت وتحاربت، وحدثت انشقاقات داخلية لا تعد، وهذا يرجح أن العملية العسكرية، إن حدثت، فإنها ستستهدف فصيلًا غير متحد، لكون تيارات داخل هيئة تحرير الشام ترغب بالالتحاق بركب المعارضة المعتدلة.
دوافع
تعد محافظة إدلب المعقل الوحيد المتبقي للمعارضة السورية، وبخسارته لا يبقى أي وجود لها. لعل هذا ما دفع بتركيا للاستماتة من أجل ثني روسيا عن الخيار العسكري، وبالتالي منع موجة نزوح كبيرة نحو تركيا، وتضرر صورة الأخيرة كحليف بارز للمعارضة من انطلاقة الأزمة.
وفي الجانب الروسي، كان يمكن للحرب على إدلب وكسر المعارضة كليًا أن يعيدان حالة التوتر مع تركيا إلى أوجها كما كانت قبل محاولة الانقلاب الفاشلة في السنوات الأولى للأزمة السورية، تحديدًا بعد إسقاط طائرة السوخوي الروسية من قبل الدفاعات التركية؛ إذ كانت تركيا حينها على قطيعة مع روسيا ومتحالفة مع واشنطن.
اقرأ أيضًا: محافظة إدلب: الحرب السورية تدخل محطة أخيرة حاسمة
لكن اليوم تبدلت الصورة بعد أن كسبت روسيا أنقرة إلى جانبها، وبدأت معها في تسوية أوضاع القتال في سوريا عبر اتفاقات خفض التصعيد والإخلاء السلمي. في ظل هذه الحالة، يبدو أن بوتين لم يرغب في خسارة تركيا كحليف، خصوصًا أن الأخيرة على حالة صراع اقتصادي بأبعاد سياسية مع الولايات المتحدة.
كما أن الاتفاق يسمح للأطراف الثلاثة “روسيا، إيران، تركيا” بمواصلة رسم خارطة إنهاء الصراع كليًا في سوريا.