الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

اتفاق ترسيم الحدود البحرية التركي- الليبي يهدد شرعية حكومة السراج

استياء مصري وغضب قبرصي- يوناني من الانتهاكات التركية وتعقيد للأمور قبيل اجتماع برلين

كيوبوست

تتواصل تداعيات الاتفاق الذي وقعه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، في الوقت الذي لا توجد فيه حدود بحرية من الأساس بين تركيا وليبيا! وسط رفض واستنكار دولي للاتفاق؛ خصوصًا من دول الجوار، وفي مقدمتها مصر وقبرص واليونان؛ حيث سارعت الأخيرة باتخاذ قرار بطرد السفير الليبي من أثينا؛ احتجاجًا على الاتفاق الذي يغذي الأطماع التركية في البحر المتوسط.

ووصف وزير الخارجية المصري سامح شكري، الاتفاق بأنه يعقد الوضع في ليبيا، مطالبًا، خلال كلمته بمنتدى روما، حكومة السراج بالالتزام باتفاق الصخيرات الذي يحدد صلاحيات رئيس الحكومة أو يفقد شرعيته، مشيرًا إلى أن التهديد الإرهابي في ليبيا يتوسع ويهدد دول الساحل وليس فقط ليبيا نفسها.

اقرأ أيضًا: تركيا تحرم العرب من تجديد إقاماتهم

يأتي ذلك في الوقت الذي تتواصل فيه الأخبار المسربة عن وصول أعداد من المقاتلين إلى ليبيا؛ لدعم حكومة السراج في مواجهتها مع الجيش الوطني الليبي، بينما تسود حالة من الضبابية حول هوية المقاتلين الذين يتردد أنهم مدعومون من تركيا التي سبق أن أرسلت تعزيزات عسكرية بشكل معلن في مايو الماضي.

ووصفت وكالة “بلومبرج” الاتفاق بأنه يعقد الأمر قبل اجتماع برلين بشأن ليبيا، والمقرر له الثلاثاء المقبل، والذي كان يفترض أن يدعو إلى قمة سلام أوائل عام 2020 في وقت يأتي فيه اجتماع برلين بعد إخفاقات اجتماعات مماثلة عقدت في فرنسا وإيطاليا خلال العامين الماضيين.

الباحث الليبي بكلية الدراسات الإفريقية العليا عبد الخالق مفتاح، قال في تعليق لـ”كيوبوست”: “إن التحرك التركي هدفه الأساسي الإعلان عن استمرار الدعم التركي لحكومة السراج، والرغبة في الوجود للبحث عن عائدات مالية؛ خصوصًا في عملية إعادة إعمار ليبيا التي يراهن عليها أردوغان؛ لإعادة الانتعاش إلى الاقتصاد التركي الذي يعاني أزمات خانقة في الفترة الأخيرة.

وأضاف مفتاح أن الاتفاق لن يتم تطبيقه على أرض الواقع؛ لأنه قد يدفع المنطقة إلى حرب، لا سيما في ظل السعي التركي للاستيلاء على ثروات بحرية كامنة في المتوسط لا تقع في نطاق الحدود البحرية التركية، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي لا يجب أن يظل صامتًا تجاه تصرفات أردوغان الاستعمارية.

العلمان التركي والليبي

الباحث في الشأن الليبي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، زياد عقل، قال في تعليق أدلى به إلى “كيوبوست”: “إن حكومة السراج لديها أزمة منذ فترة مرتبطة بعدم قدرتها السيطرة على أجزاء متعددة من غرب ليبيا، ومن ثَمَّ تسعى للحصول على شرعيتها من الخارج باتفاقات دبلوماسية، وهو ما سعت لتحقيقه في الاتفاق البحري الموقع مع تركيا التي تجد هناك ضرورة لتضع لها موضع قدم في ليبيا؛ خصوصًا في ظل الرهان التركي على التيار الإسلامي ومحاولة إقامة نظم سياسية موالية لتركيا في الوطن العربي، وهي الاستراتيجية التي تتبناها حكومة أردوغان، وتستخدمها كأحد الكروت التي يمكن أن تقايض بها الغرب”.

اقرأ أيضًا: ماركو ساسولي: “يجب أن تحترم تركيا القانون الدولي على الأراضي التي غزتها”

وأضاف عقل أن مسألة الأمن البحري في جنوب المتوسط لها أولوية في الوقت الحالي لدى مصر؛ وهو ما عكس تعزيز العلاقات مع قبرص واليونان والقمم الرئاسية التي تُعقد بين القادة في البلدان الثلاثة، فمصر تتحرك من منطلق مكافحة الإرهاب وعدم ظهور كيان به عناصر إسلامية على حدودها الغربية، وقبرص واليونان لديهما أرق من قضية الهجرة غير الشرعية ورغبة في إحكام عملية التجارة التي تتم من ليبيا وأصبحت خارج السيطرة؛ بسبب غياب الأمن على السواحل الليبية بشكل شبه كامل.

زياد عقل

وأشار الباحث في الشأن الليبي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إلى أن غياب تونس والجزائر عن المشهد في ليبيا، بسبب التحديات الداخلية، يضع على مصر عبئًا أكبر في الحضور الإقليمي بالملف الليبي، إلى جانب وضوح الرؤية المصرية القائمة منذ نحو 3 سنوات برفض أي تدخل أجنبي، والتأكيد أن الحل يجب أن يكون نابعًا من الداخل الليبي، مع رفض فرض أي حل خارجي، مؤكدًا أن الحديث عن مستقبل حكومة السراج مرتبط بالحديث عن مستقبل اتفاق الصخيرات.

اقرأ أيضًا: إدانة أممية لخرق تركيا قرارات الأمم المتحدة بشأن ليبيا

وأكد عقل أن هذا الاتفاق يتهاوى؛ خصوصًا أن جميع الجهود الدولية التي بذلت على أساسه لم تنجح، والمصالحات التي حاول المبعوث الأممي إلى ليبيا القيام بها لم تنجح أيضًا، منوهًا بأن هناك تساؤلات حول قدرة حكومة السراج على اتخاذ القرارات السياسية في ظل سيطرة ميليشيات عسكرية مسلحة غير منظمة على الأرض والدفاع عن الحكومة في طرابلس، ومن ثَمَّ عند تحول المسألة للحسم العسكري يكون التساؤل المطروح بقوة عمن ستكون له الكلمة العليا بصناعة القرار؛ هل الميليشيات التي تضم عناصر متطرفة أم المجلس الرئاسي الذي يستمد شرعيته من المجتمع الدولي؟

وشدد الباحث في الشأن الليبي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية على أن الموقف السياسي بشأن مستقبل ليبيا غير واضح؛ بسبب عدم وجود إجماع من قِبَل المجتمع الدولي حول الوضع في ليبيا، بالإضافة إلى تساوي موازين القوة العسكرية بين الجيش الوطني الليبي والميليشيات المسلحة؛ بما لا يرجح تفوق طرف على آخر، لافتًا إلى أن تصريحات العقيد أحمد المسماري، قبل أيام، والتي تحدث فيها عن إلقاء السلاح وإخراج غير المتطرفين، يمكن أن تفسر بأنها استعداد للهجوم لتحرير طرابلس أو محاولة للمصالحة؛ وهو ما سيتضح بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة