شؤون خليجيةشؤون دولية

اتفاق تاريخي بين إريتريا وإثيوبيا.. والإمارات حاضرة

"قمة أسمرا" تنهي قطيعة إريتريا وإثيوبيا بعد 20 عامًا من الحرب

كيو بوست –

بعد 20 عامًا من القطيعة بين إريتريا وإثيوبيا، جاءت قمة أسمرا التي جمعت رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، مع رئيس إريتريا أسياسي أفورقي، لتعلن عن مرحلة جديدة بين البلدين ترتكز على أسس السلام وتعزيز التعاون الثنائي بما يخدم المصالح المشتركة.

الطرفان اتفقا على تطبيع كامل للعلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى الآليات اللازمة لتنفيذها، وذلك بالاتفاق على ترسيم الحدود، وإعادة فتح السفارات، وإعادة الاتصالات المباشرة بين البلدين، مع فتح الحدود بينهما في وقت لاحق، وانسحاب إثيوبيا من المناطق التي تسيطر عليها، بالإضافة إلى القيام بعمليات تطوير مشترك لموانئ إريترية على البحر الأحمر.

قمة أسمرا هي البداية في رأب الصدع بين البلدين، والتفافهم على المحاور الإستراتيجية التي تصب في مصلحة البلدين، وهي ثمرة جهود كبيرة لإعادة التلاحم في القرن الإفريقي بما يعزز الاستقرار في المنطقة، وذلك بعدما شهدت العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا عداءً طويلًا تخللها حروب حدودية.

عقدان على الصراع  الإثيوبي – الإريتيري

شهدت الدولتان صراعًا بدأ في مايو/أيار 1998، عرف باسم “حرب بادمي”، في إشارة إلى مثلث بادمي الحدودي الذي يضم ثلاث مناطق هي: بادمي وتسورنا ويوري.

وفي مايو/أيار 2000، اندلعت مواجهة ثانية بين الطرفين، خلفت نحو مئة ألف قتيل من الجانبين، وآلاف الجرحى والأسرى والنازحين، وأنفقت خلالها أكثر من 6 مليارات دولار.

وفي يونيو/حزيران 2000، تم توقيع اتفاق بالجزائر لوقف الأعمال العدائية، وإحالة النزاع إلى التحكيم، وأنشئت مفوضية لترسيم الحدود بين الطرفين، يكون قرارها نهائيًا وملزمًا للجانبين، غير أن إثيوبيا رفضت حكم اللجنة الدولية، ونشرت الآلاف من الجنود الإضافيين على الحدود مع إريتريا حتى 2018، فيما ظلت إريتريا متمسكة بضرورة تنفيذ الاتفاقية كما جاءت.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2009، فرضت الأمم المتحدة عقوبات على إريتريا، على خلفية دعمها حركة الشباب المسلحة في الصومال وزعزعة استقرار المنطقة.

وبدأ التقارب بين الخصمين اللدودين منذ انتخاب آبي أحمد رئيسًا لوزراء إثيوبيا، الذي قرر الانفتاح على الجارة الإريتيرية، والاستعداد لتجاوز الخلاف السياسي طويل الأمد، بما يخدم مصالح بلاده، بعيدًا عن دعم الأجندة الخارجية، منتهجًا مسارًا مغايرًا عن نهج الحكومة الإثيوبية السابقة، التي كانت أكثر ميلًا للتحالف القطري التركي.

مساعي الإمارات في تعزيز الأمن الإقليمي

وفي خضم هذا التقارب، بذلت دولة الإمارات مساع لدعم الاستقرار في القرن الإفريقي، الذي يعد الصراع بين أسمرا وأديس أبابا أبرز ما يهدده، إذ أن جهودًا قادها الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات، دفعت باتجاه التوصل إلى هذا الاتفاق، حسب وزير الخارجية الإثيوبي ورقينه جبيو في تصريح لقناة “سكاي نيوز عربية”، الذي أوضح أن ما وصل إليه البلدان، كان بفضل جهود بذلها الشيخ محمد بن زايد كصديق لإريتريا وإثيوبيا.

ولي عهد أبوظبي زار إثيوبيا منتصف الشهر الماضي، والتقى رئيس الوزراء آبي أحمد، وتم توقيع عدد من مذكرات التفاهم التي تدعم مصالح البلدين الاقتصادية والسياسية، كما قام الرئيس الإريتري بزيارة الإمارات، يوم الأربعاء 4/7/2018، التقى خلالها ولي عهد أبوظبي، وبحث الجانبان علاقات البلدين، وسبل فتح آفاق جديدة للتعاون والاستثمار.

اللقاءات مع ولي عهد أبوظبي أسهمت في تقارب وجهات النظر بين البلدين، وعجلت في تحقيق المصالحة التي تخدم الطرفين، بما يجعل استقرارها حلقة محورية في الأمن الإقليمي، في هذا المحيط الجيوإستراتيجي المتشابك، فتم الاتفاق، الإثنين 9/7/2018 على إعادة العلاقات الدبلوماسية والروابط التجارية بين إثيوبيا وإريتريا، بعد يوم تاريخي من المحادثات في أسمرا بين قائدي البلدين.

من جهته، قال وزير الإعلام الإريتري إن الاتفاق الموقع بين زعيمي إثيوبيا وإريتريا يعني أن حالة الحرب بين البلدين المتجاورين قد انتهت.

ومن المرجح أن تنبئ هذه الخطوة التاريخية بمرحلة جديدة في القرن الإفريقي تعطي دفعة قوية للبلدين، خصوصًا إثيوبيا، إحدى أسرع اقتصادات إفريقيا نموًا.

محللون: القمة مكسب تاريخي

قال المحلل الإثيوبي في مركز شاتام للأبحاث في لندن أحمد سليمان: “التحرك الإثيوبي يمثل تحولًا كبيرًا عن سياساتها الفاشلة التي استمرت طويلًا”. وتابع: “أن نرى بعض التحرك فهذا أمر إيجابي للغاية، وهذا هو الصراع الكامن الأكثر أهمية داخل القرن الإفريقي، وإيجاد حل له مهم للسلام والأمن في المنطقة”.

في حين وصف المحلل السياسي السوداني أحمد حمدان العريق، التقارب الإثيوبي – الإريتري بأنه نقطة تحول تاريخية ستحدث انقلابًا في الميزان الإقليمي، معتبرًا أن الخسارة ستكون لدول تعمل على تأجيج الصراع وصناعة الأزمات في المنطقة، لتمرير أجندتها الخاصة، وتحقيق مكاسب معينة، حسب ما نقل موقع العين.

المحلل السياسي أكد أيضًا أن إكمال التقارب سيشكل مكسبًا وإنجازًا تاريخيًا لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي بادر بقبول اتفاقية الجزائر، مضيفًا أن جميع رؤساء إثيوبيا السابقين نجحوا في تحقيق التنمية، لكنهم فشلوا في ملف السلام مع إريتريا، مما يعزز تميز “آبي أحمد”، الذي بدا واثقًا من إكمال عملية التطبيع مع أسمرا.

يذكر أن إريتريا كانت منفذ إثيوبيا الوحيد على البحر قبل أن تعلن استقلالها عام 1993، بعدما طردت القوات الإثيوبية من أراضيها في 1991 بعد حرب استمرت لسنوات. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت إثيوبيا -البالغ عدد سكانها نحو 100 مليون نسمة- بلدًا من دون منفذ بحري.

لكن التحول في سياسة إثيوبيا فور وصول “آبي أحمد” للسلطة أنهى الخلافات، وأعاد السلام بين البلدين، خصوصًا بعدما وعد المسؤول الإثيوبي بالتنازل عن الأراضي التي احتلتها بلاده منذ انتهاء الحرب الحدودية الدامية عام 2000.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة