الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
اتفاق السراج- أردوغان.. دعم للميليشيات الإرهابية المسلحة!

كيوبوست
كشفت تفاصيل الاتفاقية الأمنية الموقعة بين فايز السراج والرئيس التركي عن تدخلات تركية صريحة في الأراضي الليبية؛ حيث تضمنت النص على إنشاء قوة الاستجابة السريعة ضمن مسؤوليات الأمن والجيش في ليبيا، لنقل الخبرات والتدريب والدعم المادي والمعدات من قِبَل تركيا في وقت لم يعد فيه الجيش الليبي يأتمر بقرارات السراج الذي انتهت مدة حكومته فعليًّا منذ أكثر من عامَين.
كما تضمنت الاتفاقية المشاركة بتدريبات عسكرية مشتركة، وتقديم خدمات التدريب والمعلومات الفنية والدعم والتطوير وتخصيص المركبات البرية والبحرية والجوية والمعدات والأسلحة والمباني وقواعد التدريب، في الوقت الذي لا يوجد فيه تحت إدارة السراج سوى ميليشيات إرهابية مسلحة.
اقرأ أيضًا: ليبيا.. طريق تركيا للسيطرة على منطقة البحر المتوسط
أستاذ القانون الدولي بالجامعات الليبية الدكتور محمد الزبيدي، يشرح في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”، التفاصيل القانونية للاتفاقيات الموقعة بين حكومة السراج وتركيا، والتي تضمنت اتفاقيتَين؛ الأولى تتعلق بتحديد الحدود البحرية بين البلدَين، وهي اتفاقية معيبة من الناحية القانونية ومخالفة لقواعد القانون الدولي للبحار وميثاق الأمم المتحدة؛ لأنها شكَّلت عدوانًا على حدود الغير وتحديدًا مصر، فالحدود البحرية لليبيا لا تمتد شرقًا، ولكن شمالًا؛ لأن هناك حدودًا بحرية مع مصر، وما أقرته حكومة الوفاق بموجب الاتفاقية بأن المناطق البحرية بين تركيا وقبرص ومصر هي تابعة لتركيا انتهاك واضح للقانون ويدخل البلاد في صراعات وخلافات سياسية مع دول الإقليم.

وأضاف الزبيدي أن المخالفة الأخرى الخاصة بالاتفاقية كونها جاءت لتمثل خرقًا للأمن القومي العربي ومخالفة لميثاق الجامعة العربية؛ بسبب تضمنها الاستعانة بدولة معادية هي تركيا على دولة مؤسسة للجامعة وهي مصر، فضلًا عن مخالفة الاتفاقية جميع القوانين الليبية؛ لأن حكومة السراج فقدت شرعيتها التي حصلت عليها لمدة عام واحد انتهى في 2017، فلا حكومة السراج تمتلك صلاحية التوقيع على أية اتفاقية دولية بشأن الدولة ولا المجلس الرئاسي يمتلك سلطة الموافقة عليها.
وأوضح أستاذ القانون الدولي بالجامعات الليبية أن بنود الاتفاقية الأمنية تتوافق مع أهداف جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها الموجودين في تركيا وقطر، وتحول ليبيا لتكون ولاية تركية بفتح المجالَين البحري والبري؛ ليكونا قواعد للجيش التركي، مشيرًا إلى أن تركيا تسعى للتوسع عسكريًّا على حساب الدول العربية، وهو ما يمكن رصده بوضوح في التوسع التركي الأخير بالقاعدة العسكرية المقامة في قطر.
اقرأ أيضًا: تركيا تبحث عن 18 مليار دولار في ليبيا
وتابع الزبيدي بأن تركيا تهدف من خلال الوجود العسكري ليس حماية حكومة السراج وإنقاذها من السقوط فقط؛ لمعرفتها أن تحركات الجيش الليبي الأخيرة ستكون قادرة على إحكام السيطرة على العاصمة طرابلس خلال فترة وجيزة؛ ولكن أيضًا بقصد السيطرة على الشواطئ الليبية، بما يعني تحكم الأتراك في مسألة الهجرة غير الشرعية؛ كي يتم استخدامها كورقة ضغط على الأوروبيين للحصول على مكتسبات مالية.
وتحدث المحلل السياسي الليبي سراج الدين التاورغي، عن وجود رفض على مستوى واسع يصل إلى درجة الإجماع بين مختلف القبائل والعشائر الليبية للاتفاقيات الموقعة مع تركيا، مشيرًا إلى أن ردود الفعل الداخلية كانت رافضة للاتفاقيات بإجماع نادرًا ما يحدث؛ نظرًا لما تتضمن من إذعان ليبي لتركيا لا يمكن أن يقبله الأحرار.

وأضاف التاورغي أن الليبيين يستغربون استنجاد فايز السراج بقطر التي لا يتجاوز عدد أفراد جيشها ما يعادل كتيبتَين من الجيش الوطني الليبي ومن أبناء الوطن وليسوا من جنسيات أخرى! مشيرًا إلى أن الاتفاقية تثير أزمات مع دول الجوار التي لها علاقات تاريخية مع ليبيا لصالح مَن يريد أن يعيد استعمار البلاد بشكل لا يمكن أن يقبله أحرار ليبيا.
ولفت المحلل السياسي الليبي إلى أن نصوص الاتفاقية تتضمن اعتداءً على حقوق مصر واليونان وقبرص، وتأتي بهدف تصفية الحسابات بين أردوغان ومَن يراهم أعداءه الذين يتصدون له في مواجهة أطماعه الاستعمارية، مشددًا على أن السراج عمل على إدخال البلاد في صراع ليست لها علاقة به؛ لمجرد انحيازه لأردوغان من ناحية ولرغبته في البقاء في السلطة من ناحية أخرى، حتى لو لم يكن وجوده شرعيًّا.
اقرأ أيضًا: اتفاق ترسيم الحدود البحرية التركي- الليبي يهدد شرعية حكومة السراج
وأكد التاورغي أن الجيش الوطني الليبي نجح في تدمير ممرات الطائرات التركية في مطار مصراتة، ومنع وصول مزيد من العتاد العسكري في تحقيق تقدم عسكري كبير على الأرض؛ وهو ما أزعج السراج بصورة كبيرة ودفعه إلى الإسراع في التواصل مع حلفائه في الدوحة وأنقرة.
وتابع المحلل السياسي الليبي بأن ما لا يتفهمه أردوغان هو أن الشعب الليبي لن يقبل بوجود عسكريين أتراك على أراضيه تحت أي مسمى؛ فتاريخ الأتراك الدموي في ليبيا سيجعل المواطنين كافة جنودًا في الجيش الوطني لمواجهة أي وجود تركي، فالليبيون قادرون على إدارة مشكلاتهم وحلها وليسوا بحاجة إلى وجود عسكري من أية دولة.
التاورغي أكد أنه من غير المقبول أن تتحدث تركيا عن إقامة ديمقراطية في ليبيا وهي الدولة التي أقصت عشرات الآلاف من الأتراك من مناصبهم ووضعت مثلهم في السجون بعد محاولة الانقلاب الأخيرة على الرئيس التركي، مشيرًا إلى أنه من الأَولى أن تكون هناك ديمقراطية في تركيا قبل أن يتم الحديث من جانب نظامها عن ديمقراطية البلاد الأخرى!
الناشط السياسي عبد الله المقري، تحدث إلى “كيوبوست”، عن مخالفة السراج الصلاحيات الممنوحة له بموجب اتفاقية الصخيرات التي حصلت من خلالها حكومته على الشرعية، والتي استنفدت المدة المحددة لها، فضلًا عن غياب موافقة المجلس الرئاسي عن أية اتفاقية يتم توقيعها، وهو جانب لم يتم استيفاؤه أيضًا؛ مما عكس تحركًا منفردًا من السراج، لتحقيق أهداف خاصة به.

واستغرب المقري من نص الاتفاقية على تدريب القوات الليبية في الوقت الذي لا يوجد فيه لدى السراج قوات عسكرية؛ ولكن ميليشيا مسلحة مدفوعة ولا تضم ليبيين، مشيرًا إلى أن الاتفاق عبَّر بوضوح عن عدم قدرة السراج سوى على التنقل بين قطر وتركيا وسقوط شرعيته دوليًّا.
اقرأ أيضًا: إدانة أممية لخرق تركيا قرارات الأمم المتحدة بشأن ليبيا
وتوقع الناشط السياسي أن يطلب السراج قوات عسكرية تركية لتأمينه خلال الأيام القليلة المقبلة وربما الساعات القليلة التالية؛ بسبب التقدم السريع الذي يحرزه الجيش الليبي، منوهًا بأن السراج في هذه الحالة لن تكون تحت سيطرة الداعمين له إلا مساحة أقل من 20 كم داخل العاصمة طرابلس.
وتابع المقري بأن المجتمع الدولي يجب أن يتحرك بشكل فعلي لوقف “الحماقات التركية” التي تصل إلى حد العدوان على الشعب الليبي، مؤكدًا أن الجنود الأتراك سيعودون إلى بلادهم في نعوش إذا فكروا في النزول على الأراضي التركية لمواجهة الجيش الليبي.