الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
5 فتاوى تلخص الحكاية.. هكذا تحول “اتحاد علماء المسلمين” لمنبر كراهية
الدعوات إلى تسييس الدين واستخدامه في تأجيج الصراعات كانت السبب

خاص كيو بوست –
قبل أيام عدة، أدرجت الدول الأربع المقاطعة لقطر “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” على قوائم الإرهاب، وبحسب بيان صادر عنها، فإن الخطوة الأخيرة جاءت في إطار جهودها لتجفيف منابع الإرهاب. أما التبرير الذي قدمته الدول الأربع لهذه الخطوة فهو أن الاتحاد يعمل على ترويج الإرهاب باستخدام الخطاب الإسلامي، مستغلين اسم الدين كغطاء لتنفيذ نشاطات إرهابية تخالف تعاليم الدين. ومن هنا انطلقت السعودية ومصر والبحرين والإمارات بهدف الاستمرار في سياساتها القائمة على الالتزام بمحاربة الإرهاب، وتجفيف مصادر تمويله، ومكافحة الأفكار المتطرفة التي يتشربها، بحسب ما جاء على لسان وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
عضو هيئة العلماء المصرية محمود مهني أوضح أن هذا القرار جاء على إثر اتباع يوسف القرضاوي منهجًا يقوم على الابتعاد عن القرآن الكريم، والاقتراب من قيم الحزبية والتعصب التي يتبرأ منها الإسلام، وهو الأمر الذي دفع إلى الإساءة إلى الدين من قبل الاتحاد.
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تأسس ليكون هيئة شرعية للأمة الإسلامية، بعيدًا عن المرجعيات الدينية الرسمية التي تأتمر بأمر الحكومات، بحسب تصريح يوسف القرضاوي إبان تأسيس الاتحاد في 2004، والذي أوضح أن وجهة الاتحاد ستكون “شعبية لا حكومية”. وقد عقد الاتحاد أول جمعية عمومية له في العاصمة البريطانية لندن، وتم تسجيله في العاصمة الإيرلندية دبلن، ولكن المقر الفعلي للاتحاد هو العاصمة القطرية “الدوحة”.
وبحسب موقع الاتحاد على الإنترنت، بلغ عدد أعضائه 42 عضوًا، جلهم يحمل الجنسية القطرية. كما يبدو واضحًا غلبة الانتماء الإخواني على العلماء المنضوين تحته، على عكس ما يعرّف الاتحاد نفسه على الموقع الرسمي بأنه: “لا يتبع دولة من الدول، ولا جماعة من الجماعات، ولا طائفة من الطوائف، ولا يعتز إلا بانتسابه إلى الإسلام وأمته”.
إلّا أنّ واقع الاتحاد ينبئ بغير ذلك، فقد تحوّل مع هبة الربيع العربي، إلى مؤسسة قطرية رسمية، تسيّر فتاويه وأهدافه بما يتوافق مع سياسات الحكومة القطرية، والأحزاب الموالية لقطر مثل جماعة الإخوان المسلمين، بعكس أهداف الاتحاد المعلنة التي تأسس من أجلها.
وبالدخول إلى خانة التعريف على الموقع الرسمي، وتحت بند “سمات الاتحاد المنشود”، نستعرض أبرز البنود التي استند إليها الاتحاد في تأسيسه، ونقيضها في الخطاب الديني الذي سلكه الاتحاد وأعضاؤه في السنوات الأخيرة:
يقدّم الاتحاد نفسه للجمهور الإسلامي على أنه “اتحاد إسلامي”، وبصفته كيانًا وحدويًا، يجمع شمل الأمة ويخدم مصالح المسلمين بكافة مذاهبهم وطوائفهم، إلا أن خطاب رئيس الاتحاد، القرضاوي، جاء مناقضًا للهدف الوحدوي الذي طالما ادعاه الاتحاد، وبالذات فيما يتعلّق بالأزمة السورية، وفي الصراع المستشر بين الإخوان المسلمين من جهة، وإيران وحلفائها من جهة ثانية، للسيطرة على سوريا، مما أجج الحرب الأهلية، وحول الأزمة السياسية في سوريا إلى ساحة حرب طائفية كبرى، استنزفت حركات الإسلام السياسي المتصارعة من جميع الطوائف.
ومن السمات التي يصف الاتحاد بها نفسه “الشعبية” و”الاستقلال”، فهو لا يعتبر نفسه جهة حكومية، “وإنما يستمد قوته من ثقة الشعوب والجماهير المسلمة به”. على النقيض، كان واضحًا مدى ارتباط الاتحاد بسياسة الدوحة، وتمثيله لسياستها الخارجية، خصوصًا مع الأزمة الخليجية، ووقوف الدول الأربع المقاطعة لقطر، ضد دعم الأخيرة للتنظيمات المتشددة في المنطقة العربية، فقد غرّد الأمين العام للاتحاد، علي القرة داغي، من حسابه في تويتر قائلًا: “لن تنتهي الأزمة الخليجية إلا بتوقف دول الحصار عن قول الأكاذيب عن قطر! وتوقف قطر عن قول الحقائق عن دول الحصار!”.

وفي لقاء مع جريدة “الوطن” القطرية، تعامل قرة داغي مع الأزمة، كممثل للسياسة الخارجية القطرية، كآلاف المغردين والإعلاميين الذين يعملون مع وكالات إخبارية قطرية، مثل خديجة بن قنة وفاطمة التريكي وأحمد منصور.. مما يجعل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ذراعًا قطريًا غير مستقل، مشابهًا للأذرع الإعلامية التي تخدم أجندة قطر كالجزيرة وقناة الحوار وغيرها عشرات الفضائيات ومئات المواقع الإلكترونية. ولكن الفرق بين الاتحاد، وغيره من الأذرع الإعلامية، أن الاتحاد يستخدم الخطاب الديني الموجّه، للتأثير على المتابعين، وحرف الخلافات السياسية بين الأنظمة وتحويلها إلى صراعات دينية، يحلل فيها ويحرم، بما يتماشى مع الدولة الراعية للاتحاد!
وفي الوقت الذي كان فيه البند السادس من سمات الاتحاد، المنشورة على الموقع، تحت مسمى “الدعوية” وما يترتب عليها من التزام بالموعظة الحسنة: “والجدال بالتي هي أحسن”، إلّا أن التناقض كان جليًا في التطبيق، فرئيس الاتحاد، يوسف القرضاوي، وبعيدًا عن الدعوية، كان قد أفتى بالقتل أكثر من مرّة، ومنها فتواه الشهيرة بجواز قتل رؤساء دول عربية طالتها نيران الفوضى. وإحدى فتاواه تلك طبّقت في ليبيا، حين تم قتل الرئيس السابق معمر القذافي، بأسلوب فظ، بعد أن وقع أسيرًا بأيدي الميليشيات، وتم تصفيته بدم بارد دون محاكمة، ومن ثم التنكيل بجثته على مرأى من طائرات الناتو، بما يخالف تعاليم الإسلام في معاملة الأسرى، أو الاستعانة بالأجنبي، لتخريب البلد ونهب ثرواته، فتحوّلت ليبيا إلى دولة فاشلة، تتصارع عليها ثلاث حكومات ومئات الفرق المسلّحة.
وناهيك عن الفتاوي الخاصة التي جاءت في سياق معين، فإن الفتاوي العامة التي أطلقها مؤسس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أثارت الكثير من الجدل، وفنّدتْ كل قولٍ عن سمات الاتحاد، مثل الدعوية والمرونة والجدال. كانت فتاوى القرضاوي خير مُحفّز للعمليات الإرهابية التي تطال العالم شرقه وغربه، فقد أجاز للمسلم أن يفجّر نفسه وسط المدنيين، بشرط وحيد، وهو أن ينفذ الانتحاري عمليته بقرار من الجماعة الإرهابية التي ينتمي إليها.
لم يلتفت القرضاوي في فتواه إلى وجود مدنيين آمنين غير مسلحين، الذين قد يسقطون ضحايا في لحظة غدر، بقدر ما ركّز على الالتزام بقرار الجماعة، التي يجب أن يسلّم لها الانتحاري نفسه ويأخذ مباركتها!
الاتحاد العالمي يمثل الإرهابيين أم المسلمين!
يطرح الاتحاد العالمي نفسه بحسب سمات الاتحاد المذكورة، على أنه هيئة علمية لا تتبع جماعة، على الرغم من سياسات الاتحاد الداعمة بالصوت والصورة للنظام الذي يدعمه من الدوحة، او لحركة الإخوان المسلمين الذي ينتمي إليه معظم علمائه، فأحد أعضائه “صفوت حجازي” مسجون في مصر بتهم تتعلق بالمساس بأمن الدولة، والتحريض الطائفي ضد الأقليات والترويج لأعمال العنف.
صفوت حجازي، الذي قدمه القرضاوي لعضوية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعمل مستشارًا في أثناء رئاسة محمد مرسي، وقف على المنصات في ميادين مصر، وحرّض ضد الملايين الذين تظاهروا ضد حكم الإخوان، وقام بتخوينهم وتهديدهم، كأن المظاهرات ليست من شؤون الدولة المدنية التي كان يدّعي تمثيلها في عهد الإخوان! وعلى الرغم من أن الإخوان أنفسهم قادوا وأسسوا لأكبر مظاهرات وأعمال عنف في الدول العربية، للمطالبة بالديموقراطية! فهل يعد تسييس الدين بحسب مصلحة الجماعة “استقلالية” كما يُشهر الاتحاد على صفة مبادئه؟ أم أن الديموقراطية تكون كفرًا وخيانة في بعض الأحيان؟
وكما جاء باعتراف مؤسس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين شخصيًا، فقد أفرزت حركة الإخوان على مدار تاريخها، كافة التنظيمات التي تقاتل بالسيف والتفجير.