الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية
إيران وعُمان: ما أسرار علاقة التصالح الفريدة؟
العلاقات الإيرانية العُمانية آخذة في النمو

كيو بوست –
تعطي العلاقات الإيرانية العُمانية صورة مختلفة تمامًا عن الواقع الذي يخيم على العلاقات الإيرانية في المنطقة العربية.
ففي حين استَعْدَتْ طهران شقًا كبيرًا من العرب، بفعل طموح التوسع في المنطقة العربية، وانخراطها عسكريًا في ربيع بعض الدول، ما أدى إلى نشوب حروب أهلية مدمرة، تغرد سلطنة عُمان منفردة في علاقة متينة مع إيران.
وتتسم العلاقات بين السلطنة والجمهورية ببعد إستراتيجي آخذ في الازدياد.
اقرأ أيضًا: ماذا تعرف عن سلطنة عُمان؟ ولماذا تبنت الصمت في الأزمة الخليجية؟
كيف كانت العلاقة تاريخيًا؟
بحكم الجغرافيا وسيطرة البلدين على أهم المعابر البحرية الدولية “مضيق هرمز”، اتسمت العلاقة الإيرانية العُمانية تاريخيًا بالتقارب.
ومنذ تولي السلطان قابوس بن سعيد الحكم في عمان عام 1970، حرص على تقوية علاقات بلاده مع إيران، كما نجح أيضًا بسياسة الابتعاد عن الاصطفافات الإقليمية؛ ففي وقت تسود القطيعة والعداء بين إيران والمحور الخليجي بقيادة السعودية، تحتفظ عُمان بعلاقة جيدة مع الطرفين.
وكانت المحطة الأولى في العلاقة الإيرانية العُمانية الوطيدة، عندما دعمت إيران السلطان قابوس في محاربة الانفصاليين في إقليم ظفار وهزيمتهم، عام 1976.
ومنذ ذلك الوقت، ظلت العلاقة الجيدة بين الطرفين. وحتى في الحرب العراقية الإيرانية، انتهجت مسقط سياسة محايدة، من مبدأ المصالح المشتركة مع طهران.
واتسم دور عُمان، وسط العداء العربي الإيراني، بلعب دور الوسيط، تجلى ذلك خلال جهود الوساطة العُمانية في أعقاب حرب الخليج الأولى بين الأطراف المتنازعة، ورفضها الدعوة لمقاطعة طهران. كما لعبت دورًا في الوساطة بين السعودية وإيران.
وساهمت في تحرير الأسرى المصريين المحتجزيين لدى طهران أثناء الحرب العراقية.
اقرأ أيضًا: إجراء واحد من سلطنة عُمان يوقف نزيف اليمنيين
وعلى الصعيد الدولي، كان لعُمان دور أيضًا في المباحثات السرية مع القوى الغربية لتسوية الملف النووي الإيراني، وفي عام 2011 توسطت للإفراج عن الرهائن الأمريكيين بطهران في 2011.
علاقات على أكثر من صعيد
ينعكس التقارب الإيراني العُماني، ليس على السياسة فقط، إنما يمتد إلى الاقتصاد والعسكر ومجالات أخرى.
ووفق مركز البديل للتخطيط والدراسات الإستراتيجية، تأتي سلطنة عُمان في المرتبة العاشرة بين الدول التي تصدر إليها إيران، إذ بلغت صادرات إيران إلى عُمان 376 مليون دولار في الفترة بين مارس/آذار 2015 ومارس/آذار 2016، بينما وصلت إلى 533 مليون دولار خلال الفترة بين مارس/آذار 2016 ومارس/آذار 2017؛ بارتفاع قدره 157 مليون دولار. كما بلغ حجم صادرات إيران إلى عُمان خلال ثمانية أشهر من عام 2017 مليونًا و234 ألف طن من البضائع؛ بقيمة 368 مليون دولار. وفي هذا السياق، يوجد ما يقرب من 259 شركة إيرانية داخل عُمان.
وفي المجال العسكري وقع البلدان في سبتمبر/أيلول 2013 مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون العسكري بينهما، فضلًا عن إقامة العديد من المناورات البحرية المشتركة في مضيق “هرمز”، جاء أبرزها في أبريل/نيسان 2017.
وأعلنت طهران أن القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية وسلطنة عُمان ستبدآن قريبًا، خلال أيار/مايو 2018، مناورات عسكرية بحرية مشتركة في مياه الخليج.
“إجراء هذه المناورات بين البلدين يأتي ليبرهن للجميع أن إيران وسلطنة عُمان قادرتان على تعزيز الأمن والسلام في المنطقة دون تدخل أي أطراف أخرى”، قال وزير الدفاع الإيراني السابق العميد أحمد وحيدي.
وتتعاون البلدان كذلك في مجال الطاقة وتصدير الغاز من طهران إلى مسقط.
اقرأ أيضًا: لماذا كانت سلطنة عُمان خارج أحداث “الربيع العربي” المُدمرّة؟
علاقة تبادلية أم استغلال؟
رغم العلاقات الودية الظاهرية وما تبديه التصريحات الإيرانية من حرص على تقوية الأواصر مع مسقط، إلا أنه بات ينظر إلى هذه العلاقة كمصلحة إيرانية؛ لاستغلال حياد عُمان، وضمان عدم تدخلها في أزمات المنطقة.
موقع “irdiplomacy” الإيراني للدراسات، كتب في مقال رأي أن طهران تعمل على إثارة مخاوف المسؤولين في سلطنة عُمان من الرياض، لتصوير المملكة على أنها عدوة السلطنة، وذلك لتسهيل عقد العلاقات الاقتصادية معها.
ويعتبر المركز أن السلطنة ساعدت إيران في ذلك، بسبب سياستها التي تعتمد على الحياد والاستقلال والابتعاد عن القرارات المشبوهة.
ولفت المركز إلى أن طهران تستغل موانئ السلطنة، لتحويلها إلى مركز للشركات الإيرانية، لأنها تسعى إلى اختراق الأسواق الآسيوية والعربية الجديدة عقب الاتفاق النووي.
كما يرى مراقبون أن لإيران مصلحة بالنفوذ في عُمان لدعم الحوثيين في اليمن ضد السعودية والإمارات.
وجاء مقال للكاتب والباحث طارق فكري في المركز الديمقراطي العربي، أن ما يتردد عن إقامة جسر بري بين طهران ومسقط، ليس هدفه التجارة بين البلدين بقدر ما هو الربط بين إيران ومصالحها باليمن ودعمها للحوثيين.
واعتبر الباحث أن التطبيع الاقتصادي يضر بالسلطنة ضررًا سياسيًا بالغًا لضعف الاقتصاد العُماني، إذ يتسبب في ابتلاع الاقتصاد الوطني العُماني؛ إلى حد الهيمنة على القرار السياسي.
“لا تحتاج السلطنة لتقديم الولاءات لإيران للتطبيع الاقتصادي والسياسي معها، بل إن إيران هي الطرف الأحوج الطامح وراء تدعيم العلاقات الإيرانية العُمانية؛ بحكم ما ضرب حولها من حصار دولي”، قال فكري.