الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

إيران.. من المستفيد من تسميم فتيات المدارس؟

مراقبون لـ"كيوبوست": إذا كانت جهات خارجية وراء الهجمات ضد مدارس الفتيات فهذا يعني أن النظام فشل في حماية مواطنيه

كيوبوست- سلمان إسماعيل

يحاول النظام الإيراني تشتيت الانتباه وصرف أنظار المواطنين عن الأوضاع السياسية المشتعلة في البلاد منذ أشهر، على خلفية مقتل الشابة الكردية مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق بسبب عدم التزامها بالزي الذي يفرضه الملالي على الفتيات، في سبتمبر الماضي، والأوضاع الاقتصادية المتردية، عبر تسميم الهواء واستهداف فتيات المدارس بالغاز الخفي، عقاباً لهن على المشاركة في الاحتجاجات ضد النظام، حسبما يرى خبراء ومختصون تحدثوا إلى “كيوبوست”.

وتعرض ما لا يقل عن 650 تلميذة للتسمم في إيران، بحسب BBC، في وقتٍ يتهم أولياء أمور الطالبات الحكومة بعدم جدية التحقيقات في سلسلة الهجمات التي بدأت منذ نهاية نوفمبر الماضي، ودخلت الولايات المتحدة على خط الأزمة بتصريحاتٍ لمنسق الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض، جون كيربي، قال فيها، إن: واشنطن تشعر بقلقٍ عميق بشأن التقارير الواردة عن تسمم فتيات مدارس في إيران. والعالم يحتاج إلى معرفة التفاصيل.

اقرأ أيضاً: مير موسوي يعيد اللون الأخضر للربيع الإيراني

ودأب النظام الإيراني على اتهام جهاتٍ خارجية بالضلوع في كل مرة تتعرض البلاد لأزماتٍ غامضة، وبدا ذلك جلياً في كلمة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمام حشد في جنوب إيران، يوم الجمعة، اتهم فيها أعداء بلاده بالوقوف وراء هجمات التسميم.

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي

وقال رئيسي إن تسمم فتيات المدارس مخطط أمني لإحداث الفوضى في البلاد، مع سعي الأعداء إلى بث الخوف وانعدام الأمن بين أولياء الأمور والتلميذات، دون تحديد الأعداء، أو تقديم المسؤولين عن هذه الهجمات إلى العدالة.

ويرى رئيس المنظمة الأحوازية للدفاع عن حقوق الإنسان، حكيم الكعبي، أن الأمور غير واضحة فيما يتعلق بتسمم مدارس البنات، ولماذا استهداف الفتيات على وجه التحديد، لافتاً إلى أن الأهالي وكل الشعوب في جغرافيا إيران السياسية يحاولون تعليم بناتهم، ولا يوجد جانب ديني أو ثقافي يشجع على منع الفتيات من الدراسة، خصوصاً أن المدارس ليست مختلطة، إذن فلا يوجد لدى الأهل أو المجتمع المحلي ما يجعلهم يمنعون فتياتهم من الالتحاق بالمدارس، وتحصيل الشهادات العلمية.

حكيم الكعبي

وقال الكعبي في تصريحاتٍ أدلى بها إلى “كيوبوست”: أظن أنها ألعوبة سياسية لأغراض دنيئة فمن المؤسف جدا أن يكون الأطفال والبنات حطباً لنيران سياسية داخل إيران، لافتاً إلى أن الإشارات الأولية تتجه لناحيتين، أولهما النظام الذي يحاول لفت الأنظار بعيداً عن المشاكل السياسية والوضع الاقتصادي المتأزم والوقفات الاحتجاجية التي ينظمها العمال وغيرهم، ولا يتورع عن ارتكاب هذه الجريمة، ثم تقديم كبش فداء للقول إن النظام موجود ويدافع عن الناس ويطبق القانون.

وتابع بقوله، إن: الجهة الثانية التي قد تكون مستفيدة من الأزمة هي المعارضة البهلوية التي تحن إلى نظام الشاه القديم، وهناك اتهامات للمدرسين والمدرسات المنتمين إلى هذه الفئة بالضلوع في هذا الأمر، لشحن واستفزاز شرائح أكبر من المواطنين، ودفعهم للمشاركة في الحراك المتواصل ضد النظام في محافظات البلوش والأكراد.

اقرأ أيضاً: الأوضاع الاجتماعية في إيران… صراع الأجيال يقسّم المجتمع

وأوضح أن أصحاب النظرية الثانية يرون أن المعارضة سوف تستفيد من الضجة التي أحدثتها الحوادث المتسلسلة في مدارس البنات، عبر تجميع الأنصار، وشحن عواطف أهالي الفتيات المتضررات ضد الملالي، لافتاً إلى أن هذا السيناريو مستبعد.

وواصل قائلاً: معروف عن النظام الإيراني أنه لا يتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم بحق الشعب من أجل الاستمرار في السيطرة على مقاليد الحكم، ولهذا فهو على الأرجح من يقف وراء هذا اللغز المحير، مؤكداً أن المعلمين يجب أن يكونوا أبرياء، لأنه لا يوجد معلم سوف يضر بصحة طلابه والزج بهم في هكذا أمور سياسية.

حسن راضي

من ناحيته، قال الباحث في الشأن الإيراني حسن راضي، إن ما يحدث في إيران عبارة عن مسلسل لتسمم فتيات المدارس بدأ منذ عدة أشهر في مدينة قم، وانتقل إلى محافظاتٍ عديدة، وأكثر من ألف طالبة تعرضت للتسمم حتى الآن، واتسع نطاق الهجمات من المدارس الثانوية إلى الجامعات، ومن قم إلى طهران وغيرها من المحافظات، وهذا يثبت أن هناك جهة منظمة اعتمدت هذا الأمر، واستهدفت الفتيات تحديداً.

وأضاف راضي، في تصريحاتٍ أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن استهداف الفتيات قد يكون عقاباً على مشاركتهن في الحراك المتواصل، على مدار الأشهر الماضية، وهتافهن ضد النظام الإيراني من جهة، وإصرارهن على كشف رؤوسهن، ورفض النظام المفروض عليهن، والتمرد لدى الفتيات لا يزال موجوداً، ولذلك فهذه القضية مرتبطة بشكلٍ مباشر بهذا الأمر، وهذا دليل على أن النظام الإيراني يريد أن ينتقم من الفتيات ويمنعهن من الذهاب إلى المدارس.

اقرأ أيضًا: إيران: احتجاجات أم ثورة؟

وأشار إلى أن النظام لم يعط أي مبرر ولا إجابة واضحة وصريحة للناس وللأهالي الذين يطالبون بكشف ملابسات هذا الأمر، في ظل وجود تناقض في تصريحات المسؤولين الإيرانيين، بين من يشير إلى جهات خارجية، وآخرون يرون أن هناك مجموعاتٍ متطرفة، والتحقيق ما زال مستمرا دون وجود أجوبة مقنعة، ما يحيلنا إلى القول بأن النظام والجهات التابعة له متورطة، للانتقام من الفتيات وزرع الخوف والرعب في المدارس.

مثَّل مقتل مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق شرارة الانتفاضة العنيفة ضد النظام الإيراني (وكالات)

ودلَّل على ذلك بقوله: النظام متعمد، إذا لا يمكن أن يأتي شخص أو عدة أشخاص للقيام بهذه الهجمات على المدارس عبر تسميم الهواء، دون أن ترصده الأجهزة المعنية، فالقضية إذن منظمة، ومفتعلة من قبل النظام لإرهاب الفتيات، وهذا الفيلم جاء نتيجة طبيعية استمراراً للقمع الذي يمارسه النظام بالانتقال إلى المدارس ما جعل المواطنين وأولياء الأمور ينضمون للمتظاهرين ضد الملالي.

اقرأ أيضاً: إيران تصّعد حملة القمع في الداخل وتكثّف الدعاية في الخارج

وتابع راضي بقوله: إذا كانت جهات خارجية وراء هذا الأمر، فهذا يعني أن النظام فشل في حماية مواطنيه، وإذا كان سيناريو داخلياً فالنظام أيضاً فشل في وضع حد للمسألة، والقبض على المتورطين فيها، وإذا كان هو من قام بالأمر فهذا يورطه في جرائم ضد المواطنين، والسيناريو الثالث هو الأرجح طالما التخبط لا يزال موجوداً، لأن النظام يريد إعادة فرض الحجاب من جديد على الفتيات في المدارس.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

سلمان إسماعيل

صحافي مصري متخصص في حقوق الإنسان والشؤون العربية والإقليمية

مقالات ذات صلة