الواجهة الرئيسيةترجمات
إيران حاولت التعتيم على حادث الطائرة الأوكرانية
كيف استخدام المدافعون عن النظام الإيراني في الغرب وسائل التواصل الاجتماعي لإسكات ناشري أخبار تورط الحرس الثوري في إسقاط الطائرة؟

كيوبوست- ترجمات
بعد أقل من 10 دقائق على مغادرة الرحلة “752” التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية من مطار طهران في طريقها إلى كييف، يوم 8 يناير الماضي، أصاب صاروخان الطائرة المدنية بفاصل زمني 30 ثانية فقط؛ ما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 176 راكبًا، حيث كان يُعتقد في البداية أن الحادث وقع نتيجة عطل فني بالطائرة.
لكن في ظل الأجواء المتوترة عقب الهجوم الإيراني على قاعدة عسكرية عراقية تضم قوات أمريكية، كانت التكهنات تشير من البداية إلى أن الطائرة أُسقطت بالفعل من قِبَل الحرس الثوري الإيراني؛ وهي تكهنات لم تقدَّم من الاستخبارات الغربية فحسب، ولكن من قِبَل المواطنين الإيرانيين؛ خصوصًا الموجودين في الخارج.
اقرأ أيضًا: كيف يمكن أن تكون الحرب الأمريكية- الإيرانية؟
مقاطع فيديو
بعد ساعات من الحادث، بدأت مقاطع الفيديو التي التقطت بالهواتف المحمولة في الانتشار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأظهر بعض الفيديوهات أن أشياءً يُعتقد أنها صواريخ تصطدم بالطائرة، وكان الناشط الإيراني الأمريكي “أشكان منفرد”، من أوائل الناشطين الذين نشروا أدلة تدعم إسقاط الطائرة الأوكرانية بالصواريخ من مقر إقامته في كاليفورنيا.
نشر “منفرد”، عبر صفحته على “تويتر”، صورةً لقطعة عثر عليها في منطقة تحطُّم الطائرة، وتساءل باللغة الإيرانية: “هل الطائرة تضم أي أشياء مثل هذا؟”. وأضاف متسائلًا: “أليس هذا جزءًا من صاروخ؟”، وسرعان ما انتشرت الصورة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ لكن يبدو أن حملة إسكات المنشقين الإيرانيين قد بدأت في العمل اعتبارًا يوم 9 يناير الماضي من قلب طهران.

اقرأ أيضًا: تظاهرة ضد بريطانيا في إيران.. وتنديد أوروبي باحتجاز السفير البريطاني
هجوم إلكتروني
فبعد تغريداته تعرَّض حساب “منفرد” إلى هجوم إلكتروني من مدونين مؤيدين للنظام الإيراني على “تويتر”، الذين اتهموه بنشر معلومات مضللة تهدف إلى تشويه صورة الجمهورية الإسلامية، معتبرين أن نشر هذه الصورة بمثابة محاولة للخداع؛ لإثبات الفرضية التي يروِّج لها.
عديد من الحسابات التي هاجم أصحابها منفرد، وجد أصحابها في الولايات المتحدة أو كندا، وتبنَّت نهج المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، وهو منظمة مقرها واشنطن ويشتبه في قيامها بالضغط من أجل النظام الإيراني، ومن ثَمَّ يظهر بوضوح أن التحرك تم بشكل يبدو منظمًا لإسكات “منفرد” الذي جرى تعليق حسابه بعد أقل من 24 ساعة على نشر تغريدته الأولى.
اقرأ أيضًا: الجمهورية الإسلامية أم إمبراطورية الأكاذيب؟
تنظيم الهجوم

يبدو أن الحملة قد خرجت بشكل منظم من أعلى مستوى بالقيادة في الدولة الإيرانية؛ فالمستشار الخاص بالرئيس الإيراني حسام الدين آشنا، كتب تغريدة حذَّر فيها الصحفيين الإيرانيين المقيمين في الخارج ذوي الأصول الإيرانية من الحديث، داعيًا إياهم إلى الصمت، والامتناع عن المشاركة في الحرب النفسية من أعداء إيران بعد حادث الطائرة الأوكرانية، حسب تعبيره.
لكن تحذير آشنا كان له صدى لدى الصحفيين المؤيدين للنظام، وعلى الرغم من الأدلة المتزايدة على خطأ الحرس الثوري وإسقاط الطائرة؛ فإن وسائل الإعلام الإيرانية والإنجليزية الموالية للنظام ظلت تتجنب الحديث أو التطرق إلى هذه الأدلة واكتفت في تغطيتها بذكر أن الحادث مجرد تحطُّم لطائرة بسبب عطل فني.
وفي الوقت نفسه، تم إغلاق عديد من الحسابات على “تويتر”، والتي أثارت احتمال تورط النظام الإيراني في إسقاط الطائرة؛ وهو ما تكرر مع المحامي البريطاني الإيراني دانبيل راستين، بعدما اتهم الحرس الثوري الإيراني بالتسبب في الحادث، ولمدة ثلاثة أيام تكتَّمت إيران على تفاصيل الحادث، حتى وصل مفتشون من أوكرانيا ودول أخرى إلى إيران؛ للتحقيق في الحادث.
اقرأ أيضًا: تساؤلات عن وجود خيانة إيرانية أسهمت في اغتيال سليماني
تحقيق كاشف
من بين آثار الحطام التي عثر عليها المحققون، حطام مشابه للحطام الذي نشره “منفرد”؛ ليعترف النظام في النهاية وربما على مضض بأن الطائرة قد أُسقطت بالفعل بطريقة غير عمدية من قِبَل الدفاع الجوي التابع للحرس الثوري الإيراني، في وقت أشار فيه مقال نُشر في صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن الرئيس روحاني هدَّد بالاستقالة ما لم يبلغ بحقيقة الحادث؛ لكن هذه المعلومة لا يوجد مصدر آخر يؤكدها.
في عصر يرتبط فيه الأشخاص بشبكات التواصل الاجتماعي حول العالم، أصبح من الصعب على الأنظمة الاستبدادية وأتباعها إخفاء أعمالهم الوحشية؛ فما أجبر النظام الإيراني على الاعتراف بالخطأ الذي أدَّى إلى سقوط الطائرة هو ضغط المجتمع الدولي بعدما أسهمت الأدلة المرئية التي قدمها الإيرانيون داخل البلاد ونشرها مواطنون يقيمون خارجها، مثل “منفرد”، في إظهار الحقيقة.
المصدر: جيروسالم بوست