الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

إيران تواصل دعم الحوثيين وتشكل تهديدات أوسع للسلم العالمي

اليمن – منير بن وبر

تدرك الولايات المتحدة أن إحدى أهم الاستراتيجيات لإنهاء الأزمة في اليمن تشمل إيقاف الدعم الملموس؛ مثل الأسلحة، وغير الملموس؛ مثل تقديم الاستشارات، للحوثيين من قِبل إيران. وذلك قبل البدء أو بالتوازي الدقيق مع السعي لدفع القوى المتنافسة على الأرض لإيجاد وسيلة لتحقيق أهدافها من دون اللجوء إلى العنف، ومنحها استقلالية سياسية سلمية كبيرة.

اقرأ أيضًا: حزب الإصلاح وجنوب اليمن.. عقود من التطرف والإرهاب

قاعدة شعبية

لعب الحوثيون دور القاعدة الشعبية لإيران في اليمن، منذ تأسست الحركة الحوثية في مطلع التسعينيات؛ فلطالما أظهر بدر الدين الحوثي، الزعيم الروحي للحوثيين، وابنه حسين، تعاطفاً واضحاً تجاه الشيعة “الاثنا عشرية” وأجندة الإمام الخميني الثورية المناهضة للولايات المتحدة، ومواقفه المناوئة لإسرائيل، وذلك بالإضافة إلى إعجابه بالأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله. يُذكر أن عبدالمجيد الحوثي -ابن عم بدر الدين الحوثي- قال ذات مرة “يتوقع (أتباع) «أنصار الله» أن تعمل جمهورية إيران الإسلامية وغيرها من البلدان على تقديم الدعم لهم وللشعب اليمني.. إن الثورة في اليمن مستوحاة من الثورة الإسلامية في إيران”. وفي مقابل هذه العلاقات الودية بين الحوثيين وإيران، فقد دأبت الحكومة والمرجعيات الدينية الإيرانية على توفير التدريب الديني، والأدوات التعليمية لليمنيين في البلدين.

اقرأ أيضًا: اتفاقات نقضها الحوثيون في 6 أعوام

أسلحة إيرانية

ولم يقتصر الدعم الإيراني الواضح للحركة الحوثية على التدريب والتعليم فحسب، بل أيضاً على تهريب أسلحة وقطع أسلحة متطورة. سبق أن ناقش تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية باليمن، مطلع هذا العام، تطورات الأسلحة من جانب المتمردين الحوثيين، وشبكة إمداداتهم واعتمادهم الأوسع على التكنولوجيا الإيرانية. وقد أكد اجتماع بعثة الولايات المتحدة الأخير استخدام الحوثيين للتكنولوجيا الإيرانية قبل عدة أسابيع فحسب، وإطلاقهم صواريخ بالستية، وطائرات دون طيار متفجرة إلى السعودية.

تابعون للحوثي يرفعون السلاح في شوارع اليمن

أحد الأمثلة المتعددة على شحنات الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين هو تلك الشحنة التي اعترضتها الولايات المتحدة العام الماضي، والتي احتوت كمية كبيرة من الأسلحة المتقدمة؛ بما في ذلك المكونات المتطورة لصواريخ كروز المضادة للسفن، وصواريخ كروز الهجوم الأرضي، وصواريخ الدفاع الجوي، فضلاً عن مكونات الطائرات دون طيار، والصواريخ المضادة للدبابات. تثير هذه الشحنات المتطورة والفتاكة قلق المجتمع الدولي؛ ليس لأنها تؤدي إلى إطالة الصراع في اليمن فحسب، بل لدورها في زعزعة استقرار المنطقة، والإضرار بخطوط الملاحة البحرية العالمية؛ إذ يمكن للحوثيين مثلاً ضرب أهداف مدنية في السعودية باستخدام صاروخ كروز، كما فعلوا في أبها السعودية في يونيو 2019. وباستخدام صاروخ إيراني مضاد للسفن، يمكن للحوثيين أن يستهدفوا الشحن العالمي، كما فعلوا عندما ضربوا سفينة تركية تحمل قمحاً في 2018.

اقرأ أيضًا: إنفوغرافالتهديدات الإيرانية في الخليج العربي والبحر الأحمر

تهديدات أوسع

وعلى الرغم من أهمية تشديد الاجتماع الأمريكي الأخير على القيام بخطواتٍ ملموسة أكثر لإنهاء الصراع في اليمن؛ فإنه يأتي أيضاً في إطار حملة الولايات المتحدة للضغط على إيران من أجل إيقاف تدخلاتها المُدمرة في المنطقة، وكذلك تهديداتها لأمن الولايات المتحدة وإسرائيل بعد إطلاقها قمراً صناعياً، الشهر الماضي؛ إذ إن قدرة إيران على صناعة صاروخ قادر على حمل قمر صناعي إلى الفضاء تشير إلى قدرتها -نظرياً- على إطلاق صاروخ يمكنه الوصول إلى أهداف في الأراضي الأمريكية، وهو ما يمكن أن يكون له تداعيات خطيرة في ما يتعلق بالتوترات القائمة بين الولايات المتحدة وإيران، كما سيضع مزيداً من الشكوك المتزايدة حول ادعاءات إيران بالتزاماتها بالقانون الدولي، وأنها دولة مسالمة.

آثار الحرب في اليمن – وكالات

وفي هذا الصدد، قال بيان صادر عن البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة إن إيران تحدت قرار 2015 الذي يدعوها إلى عدم القيام بأية أنشطة تتعلق بالصواريخ البالستية القادرة على إيصال الأسلحة النووية، وذلك بعد تنفيذ الحرس الثوري الإيراني إطلاق القمر الصناعي في 22 أبريل. وبينما وصف البيانُ “فيلق الحرس الثوري” بأنه “منظمة إرهابية”، فإن مراقبين يعتقدون أن إطلاق القمر الصناعي هو أحد المؤشرات على الصراع على النفوذ والسلطة بين السلطات المدنية في إيران، والحرس الثوري الإيراني، الآخذ في التزايد منذ عامين. حيث يرى منقذ داغر أنه يجب ألا “يُنظر إلى عملية إطلاق القمر الصناعي على أنها سياسة يدعمها جميع أجهزة الدولة الإيرانية؛ بل كانتصار للحرس الثوري الإيراني على تيارات أخرى داخل السلطات الإيرانية، وهو الحدث الأحدث في صراع السلطة”، وهو يرى أن دعم القوى المعتدلة داخل دولة إيران يمكن أن يكون البديل الحكيم للمواجهة الحالية مع النظام.

وكما يمكن أن يكون دعم القوى المعتدلة داخل إيران يشكل أحد بدائل المواجهة المكلفة مع النظام الإيراني، فإن دعم القوى المعتدلة الحوثية يمكن أن يحقق نتائج إيجابية أيضاً؛ لقد نجح هذا الأمر في حرب اليمن الأهلية بداية الستينيات، والتي انتهت سنة 1970 عندما ظهر القادة المعتدلون من جانب الملكيين، أسلاف الحوثيين، ومن جانب الجمهوريين، والذين وصفهم عبدالله بن حسين الأحمر، في مذكراته، بأنهم لم يكونوا “ملكيين” ولم يكونوا “جمهوريين”، مع الأخذ في الاعتبار إيقاف الدعم الإيراني للحوثيين بالمال والسلاح والتدريب.

 اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

منير بن وبر

باحث في العلاقات الدولية وشؤون اليمن والخليج

مقالات ذات صلة