الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

إيران تهدد عائلات صحفيين معارضين في بريطانيا

"صنداي تايمز" رصدت تعرُّض عائلات صحفيين عاملين في "إيران إنترناشيونال" إلى الاستجواب بعد أسابيع من الاحتجاجات التي انطلقت في الشوارع.. في خطوة وصفت بأنها فعل ممنهج من الاستخبارات الإيرانية للتعامل مع المعارضين

كيوبوست

قالت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية، إن السلطات الإيرانية تشن حملة ترهيب ضد الصحفيين والعاملين في قناة “إيران إنترناشيونال”، التي تتخذ من لندن مقرًّا لها؛ حيث قامت باستجواب أقاربهم وتجميد أموالهم وممتلكاتهم، بينما هددت باختطافهم من شوارع بريطانيا ما لم يتركوا وظائفهم في القناة التي قامت بعرض لقطات من الاحتجاجات الواسعة التي عمَّت الشوارع الإيرانية في أعقاب رفع أسعار البنزين العام الماضي.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن رئيس تحرير الأخبار في القناة صادق صبا، تأكيده استهداف ما لا يقل عن 12 من الصحفيين العاملين في القناة عبر محاولة إسكات أصواتهم، مشددًا على أنهم لن يستسلموا وسيقومون بوظيفتهم.

اقرأ أيضًا: محكمة أمريكية تُغرِّم إيران 180 مليون دولار

وقال مجتبي بور محسن، محلل بالقناة، إن والده وأخته جرى استدعاؤهما للاستجواب، وطُلب منهما أن يقوما بإخباره بضرورة الاستقالة والعودة إلى طهران وإلا فسوف يذهبان إليه في لندن ويقومان بإعادته إلى طهران، علمًا بأن بور محسن سجين سياسي سابق هرب إلى بريطانيا في أغسطس الماضي.

مجتبي بور محسن

وتأتي هذه التهديدات في وقت قالت فيه منظمة “مراسلون بلا حدود” إنها تعرف بتعرُّض 25 من عائلات الصحفيين الإيرانيين العاملين بالخارج إلى تهديدات منذ بداية العام، بينما رفضت السفارة الإيرانية لدى بريطانيا التعليق على هذه التقارير.

اقرأ أيضًا: إيران.. مصير مجهول لمئات من معتقلي عرب الأهواز

حافظ فاضلي، عضو المكتب السياسي في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي، أكد أنها ليست المرة الأولى التي يقوم فيها النظام الإيراني بتهديد صحفيين؛ خصوصًا من ذوي الأصول الإيرانية أو حاملي جنسيتها، وهناك عوائل لهم في داخل البلاد، مشيرًا إلى أن هذا الأمر حدث بالفعل من قبل مع عدد من الإيرانيين العاملين في “بي بي سي فارسي”، ووجد النظام أنها طريقة ناجحة في محاولة تكميم الإعلام المعارض للنظام، فالإعلامي عندما يكون أحد أفراد عائلته معتقلًا أو يتعرض إلى تعذيب في الداخل فلن يستطيع القيام بدوره.

حافظ فاضلي، عضو المكتب السياسي في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي

وأضاف فاضلي، خلال تعليقه إلى “كيوبوست”، أن النظام لا يهتم بردود الفعل على مثل هذه التصرفات، ومن ثَمَّ يقوم بتكرارها؛ خصوصًا مع صدورها من رأس النظام والتعامل معها باعتبارها أسلوبًا ممنهجًا للسيطرة على المعارضة، لافتًا إلى أنه في ظل وجود غياب لإمكانية أن تقوم أية مؤسسة دولية معنية بالصحافة بالدفاع عن العاملين تبقى هذه التصرفات دون رادع للحكومة ومن ثَمَّ تزيد في اتباعها.

اقرأ أيضًا: عرب “الأحواز” يعانون اضطهاد النظام “الفارسي” وإهماله

 واستبعد عضو المكتب السياسي في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي أن تقوم الحكومة البريطانية بالتحرك باعتبار أن الصحفيين عاملون في أراضيها وإلا كانت اتخذت موقفًا عندما تعرَّض الإعلاميون في “بي بي سي فارسي”، إلى نفس التهديدات، مشددًا على ضرورة اتخاذ قرارات دولية لردع النظام الإيراني الذي يخشى من أية وسيلة إعلامية؛ خصوصًا الوسائل التي تصدر بـ”الفارسية” ويطلع عليها مواطنوها وتفضح جرائمهم.

الباحث بالمعهد الدولي للدراسات الإيرانية في الرياض محمود حمدي أبوالقاسم، اعتبر أن تهديد الصحفيين لا يخرج عن السياسة المعتادة للنظام تجاه أي صوت معارض في الخارج، وتاريخ النظام الإيراني قديمًا وحديثًا شاهد على تعقُّب أجهزة الاستخبارات الإيرانية للمعارضين؛ فبعدما فرَّ رموز النظام السابق إلى الخارج قام النظام بتعقُّب كثير منهم، وعمد إلى اغتيالهم في أراضي الدول الأوروبية التي فروا إليها. وتشير الشواهد والأدلة إلى أن وزارة الاستخبارات الإيرانية خلال العقود الأربعة الماضية، وضعت قوائم للأشخاص الذين تستهدف اغتيالهم، وقد جاء في اعترافات عدد من قادة جهاز الاستخبارات الإيراني الذين تم استجوابهم في ملف اغتيال داريوش فروهر وبروانه سكندري، في أثناء فترة رئاسة الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، أن اغتيال المعارضين أمر اعتيادي في الوزارة.

الباحث بالمعهد الدولي للدراسات الإيرانية في الرياض محمود حمدي أبوالقاسم

وأضاف أبوالقاسم، خلال تعليقه إلى “كيوبوست”، أن تحقيقات ألمانية كشفت عن أن قرار اغتيال المعارضين الإيرانيين تم اتخاذه في لجنة مكونة من عدد من قادة النظام الإيراني؛ وهم: مرشد النظام علي خامنئي، والرئيس الإيراني –آنذاك- هاشمي رفسنجاني، وعلي أكبر ولايتي وزير الخارجية، وعلي فلاحيان وزير المخابرات؛ حيث تعد حادثة استهداف مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس في يوليو 2018 واحدة من القضايا التي تم توجيه الاتهام فيها إلى الحرس الثوري، وفرضت بموجبها عقوبات أوروبية على إيران.

اقرأ أيضًا: عرب “الأحواز” يعانون اضطهاد النظام “الفارسي” وإهماله

وأكد الباحث بالمعهد الدولي للدراسات الإيرانية في الرياض أن التغطية الإعلامية الخارجية للاحتجاجات الأخيرة أثارت قلق النظام. فعلى الرغم من أنه تم قطع الإنترنت من اليوم الثاني للاحتجاجات وتحويل إيران إلى جزيرة معزولة؛ فإن وسائل الإعلام من الخارج أسهمت في الكشف عن طبيعة هذه الاحتجاجات واتساع نطاقها، وصور العنف التي صاحبتها، في ما بدا أنها الأعنف خلال السنوات الأخيرة. وكشفت وسائل الإعلام؛ ومن ضمنها هذه القناة، عن القسوة والقمع اللذين واجه بهما النظام هذه الاحتجاجات؛ حتى إن النظام إلى اليوم لم يصدر تقريرًا رسميًّا عن عدد الضحايا والمصابين الذين تشير تقارير إلى أن هذه الاحتجاجات شهدت أكبر عدد من القتلى خلال جميع التظاهرات التي شهدتها إيران منذ الثورة، فبينما تقدره منظمة العفو الدولية بـ204؛ فإن تقارير من جهات معارضة في الخارج تقدر العدد بأكثر من ألفَي قتيل.

ونوه أبوالقاسم بأن النظام الإيراني يواجه أزمة حقيقية، وليست لديه رفاهية التعاطي بحكمة مع أي مؤشر لعدم الاستقرار الداخلي، وهذا كان سببًا في العنف المفرط من جانب النظام تجاه الاحتجاجات، وأراد النظام من خلال قطع الاتصالات عن الهواتف الجوالة وقطع الإنترنت إخفاء الحقيقة؛ لكن هذه القناة وغيرها من القنوات قد لعبت دورًا في كشف هشاشة الوضع الداخلي ومدى الغضب الشعبي.

اقرأ أيضًا: مظاهرات الأحواز في إيران تكشف عن مدى فساد النظام

وتابع الباحث بالمعهد الدولي للدراسات الإيرانية بأنه خلال العام الماضي نتيجة مجموعة من الحوادث التي تورطت فيها إيران، بدأت دول أوروبية تعيد النظر في سُبل التعاطي مع الانتهاكات الإيرانية لقوانينها، كما أقر الاتحاد الأوروبي عقوبات أوروبية في مطلع العام الجاري ضد إيران، شملت جهاز الاستخبارات الإيرانية وتجميد أموال وأصول لعدد من أفراد الاستخبارات الإيرانية، بعد تورط هذا الجهاز في التخطيط لعمليات إرهابية، في فرنسا والدنمارك وهولندا، وهو ما يعكس تنامي القلق الأوروبي من زيادة العنف والتطرف في دول هذه القارة، والذي قد تلعب المراكز الشيعية دورًا مهمًّا في اتساع رقعته خلال الفترة القادمة؛ لا سيما في ظل الانتشار الواسع لهذه المراكز في الدول الأوروبية وارتباطها بالأجندة الإيرانية والدعم الكبير الذي تتلقاه.

وتوقع أبوالقاسم أن تُتخذ إجراءات من بعض الدول أو إجراء جماعي ضد إيران؛ لا سيما أن ملف حقوق الإنسان من الملفات الشائكة في العلاقات الأوروبية الإيرانية، خصوصًا إذا أقدمت إيران على تنفيذ أي تهديدات لهؤلاء الصحفيين على الأراضي الأوروبية.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة