الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
إيران تعترض على إنشاء سد مائي قد يهدد مصالحها في العراق
طهران تستخدم شط العرب كمكب لنفاياتها الصناعية الأمر الذي يجعلها تضغط لعدم اكتمال المشروع

كيوبوست- أحمد الفراجي
يواجه العراق تحدياتٍ صعبة واعتراضاتٍ إيرانية؛ على إنشاء سد مائي ضخم، على شط العرب جنوب البلاد؛ حيث لا تزال فكرة إنشائه مجرد تصميمات على الورق.
اقرأ أيضاً: إيران تخنق العراق بملف الكهرباء.. وتمنعه من الاستعانة بدول الخليج
ويشكِّل ملف المياه تحدياً كبيراً في العراق، الغني بالموارد النفطية؛ لكن ثلث سكانه يعيشون تحت خط الفقر، ويواجه موجات جفاف تزداد سوءاً، عاماً بعد عام، وانخفاضاً في معدلات هطول الأمطار. ومع تراجع الأمطار والجفاف؛ بات العراق البلد “الخامس في العالم” الأكثر تأثراً بالتغير المناخي، كما أعلنت وزارة البيئة العراقية مؤخراً.
نفي رسمي
لكن المتحدث باسم الموارد المائية العراقية، حاتم حميد، نفى ما أثير مؤخراً حول اعتزام العراق إنشاء سد مائي؛ لحفظ المياه، وقال لـ”كيوبوست”: إن الموضوع برمته مجرد تصميمات، ولا وجود لأي مشروع بناء، أو تنفيذ سد على شط العرب بالوقت الحالي.

وأضاف حميد: أن إنشاء السد القاطع لا يزال أحد الحلول، في ظل تراجع تدفق المياه من دول الجوار، وقلة الأمطار، ومعالجة أضرار مد الملوحة؛ خصوصاً في أشهر صيف العراق الحار، وتم اختيار ثلاثة مواقع، تم اقتراحها لإنشائه؛ الموقع الأول في الفوة، رأس البيشة، والمشكلة بهذا الموقع أنه قريب جداً من المياه الإيرانية، والثاني موقع في ميناء أبو فلوس، والموقع الثالث هو شمال محافظة البصرة.
وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية لـ”كيوبوست”، أن هناك شركة إيطالية أعدت دراسة؛ لتصميم السد، لكن هناك تحديات تقف حائلاً أمام إنجازه، خصوصاً إذا كان الموقع في رأس البيشة، وهنا تكمن المشكلة؛ لأنه قريب جداً من إيران، ونحتاج إلى موافقة منهم؛ لتشغيل هذه السد، أما المواطنون فيفضلون إنشاءه داخل محافظة البصرة، في ميناء أبو فلوس؛ وهو أمر يحتاج إلى إجراءات عديدة.
اقرأ أيضاً: استحداث مشروع لمنع التهريب الإيراني إلى العراق.. فهل ينجح؟
وفي عام 2006، أجرت شركة MED Ingegneria s.r.l ، كجزء من مجموعة عدن الجديدة، مسحاً هيدرومترياً شاملاً لشط العرب؛ لدراسة مشكلة تغلغل أو دخول الملوحة من البحر على طول النهر، وأكد هذا النموذج نتائج دراسة عام 1981، وخلص إلى أنه في ظل النظام المائي الحالي للنهر، فإن ملوحة المياه في البصرة ليست بسبب تأثير مياه البحر؛ كون التصريف أكثر من 50 متراً مكعباً في الثانية.
وفي عام 2011، أبرمت الوزارة عقداً؛ لإعادة التصميم التفصيلي لمشروع سد شط العرب، وتحديد ما إذا كان هناك تهديد على نوعية مياه النهر؛ بسبب تسرب المياه المالحة من البحر، وفي حال وجود مثل هذا التهديد يتطلب تقييم الحاجة إلى بناء سد على النهر؛ لوقف تغلغل الأملاح، لكنه بقي مجرد حبر على الورق، ولم تتم إجراء دراسة جدية؛ لاختيار البديل الأفضل، بسبب الفساد المستشرى في هيكلية الدولة المتواطئة مع إيران.

وعلق رمضان حمزة محمد، وهو كبير خبراء الاستراتيجيات والسياسات المائية العراقية، لـ”كيوبوست” قائلاً: إن فكرة إنشاء سد مائي على شط العرب قديمة، وتعود إلى السبعينيات من القرن الماضي، والهدف منها التقليل من نسبة الملوحة، وحصر تمدد اللسان الملحي من الخليج لمياه شط العرب، وأؤيد بأن موقع أبو فلوس هو الموقع الأمثل الذي يمكن إنشاء السد القاطع عليه، وقد يكون مكلفاً اقتصادياً؛ لكنه يخدم أهالي البصرة، من ناحية ضمان مياه شرب آمنة، ومياه ري قليلة الملوحة.

وأضاف: تبقى هناك مشكلة مع الجارة إيران، وتعود إلى عقد السبعينيات، وقتها كان العراق يتمتع بوفرة مائية؛ أدت إلى تغاضي الحكومة العراقية آنذاك عن إكمال هذه السدود، وبعد 2003 نشبت عدة مشكلات، تسببت بها كل من إيران وتركيا؛ حيث بدأت طهران بقطع نهر الكارون بحوالي 15 مليار مكعب، وبناء سدود، وقطع نهر الكرخة وتجفيف الأهوار، وخلق أزمة مائية، من هنا تجددت فكرة بناء سد لحفظ المياه العراقية.
اقرأ أيضاً: المعضلة العراقية
وأشار إلى أن طهران جعلت من شط العرب مكباً لنفاياتها الصناعية، الأمر الذي يجعل إيران تضغط بعدم اكتمال هذا السد؛ لأنه سيكون سبباً في إلحاق الضرر بها.
ونقلت وسائل إعلامية عن وزير الموارد المائية العراقي، مهدي الحمداني، قوله: إن مخزون المياه في العراق انخفض إلى النصف، مقارنةً بعام 2021، مؤكداً أن المشروعات الإيرانية تحرم البلاد من عشرين في المئة من مواردها المائية، وستتسبب بالتالي في دمارٍ كبير في العراق.
وأوضح الحمداني أن إيران قطعت أكثر من تسعين في المئة من روافدها المائية المشتركة مع العراق، وحوّلت مجاريها، لافتاً إلى أنّها لم تبادر -حتى الآن- للتعاون مع العراق؛ لتقاسم الضرر في حالات الجفاف.