الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

إلى أي مدى ستذهب القومية الإسلامية لأردوغان؟

كيوبوست- ترجمات

في 24 يوليو، ستُقام صلاة الجمعة في “آيا صوفيا” القديمة في إسطنبول، لأول مرة منذ عام 1934؛ حيث تم تحويل هذا المسجد إلى متحف. ستوافق إعادة أسلمة هذا الصرح الذكرى السنوية لمعاهدة لوزان، التي وُقعت في عام 1923؛ لتؤسس تركيا الحديثة.

أثار هذا الانقلاب غضباً دولياً. على الرغم من أن القرار يتعلق بالسلطات التركية؛ فإنه سيقع في فخ الدعاية التي تستخدمها أنقرة للمبالغة في الأهمية الدينية لمثل هذه المبادرة، والتي هي بالأحرى جزء من تأكيد الرئيس أردوغان العدواني المتزايد على القومية التركية التي تدعو إلى القتال.

رئيس الدولة يصفِّي من خلال “آيا صوفيا” رمزاً للتراث العلماني لمصطفى كمال “أبي الأتراك”، والذي أعلنها متحفاً في عام 1934، وتوفي بعدها بأربع سنوات. في ضوء مؤسس تركيا الحديثة، يبني أردوغان رؤيته الخاصة لتركيا اليوم؛ حيث فرض كمال في عام 1923 على القوى الأوروبية معاهدة لوزان، وهي أكثر احتراماً مما كانت عليه معاهدة سيفر في عام 1920. يفتخر أردوغان بقدرته على الدفاع عن المصالح التركية بشكل أفضل من سلفه المرموق: فبالإضافة إلى التوغلات التي قام بها، وقد تضاعفت في العراق المجاور، قام بتثبيت مناطق الأمر الواقع التي تسيطر عليها أنقرة في الأراضي السورية، حتى أصبحت الليرة التركية الوحيدة الصالحة للتداول هناك الآن.

اقرأ أيضًا: آيا صوفيا.. القلب النابض للعالم المسيحي الأرثوذكسي

كما يعتزم الرئيس التركي، من خلال التدخل بقوة أكبر في ليبيا، محو الإهانة التي مُنيت بها الإمبراطورية العثمانية في مواجهة إيطاليا بين عامَي 1911- 1912. كان مصطفى كمال، آنذاك، ضابطاً شاباً قد برز بشجاعته؛ لكن دون أن يتمكن مع نظرائه من تجنب الكارثة العثمانية. في هذه المواجهة التذكارية مع أتاتورك، يمكن لأردوغان الاعتماد على دعم حزب الحركة القومية اليميني المتطرف (MHP)، الذي تحالف مع حزبه (العدالة والتنمية)، وشكَّلا قائمة مشتركة في عام 2018، لا يهم ما إذا كانت الحركة القومية علمانية؛ لأن شوفينيتها التركية تقودها إلى إنكار جميع الحقوق المحددة للأقلية الكردية، والقتال إلى جانب حزب العدالة والتنمية.

“آيا صوفيا”– وكالات

الأخ المسلم

يثير أردوغان الجدل دائماً لرغبته في أن يُصور كـ”أخ مسلم”. ومع ذلك، لعب الفرع التركي للإخوان الإسلاميين دوراً ثانوياً فقط في الدستور الداخلي لحزب العدالة والتنمية. وإذا منح الرئيس التركي الحماية والدعم للفروع العربية من جماعة الإخوان المسلمين؛ فهذا يعني أن نزعة أردوغان الأيديولوجية تميل إلى تعزيز مكانتها الإقليمية، بالاعتماد على شبكة نشطة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ولا يمكن أن يكون أردوغان مؤهلاً لقيادة المسلمين؛ لأن دعواته للتضامن الإسلامي تهدف دائماً إلى تعبئة هذا التضامن كأولوية في خدمة تركيا وحدها.

اقرأ أيضاً: الذئاب الرمادية.. المتطرفون الأتراك يزرعون الخوف في أوروبا

أكد أردوغان أن “إحياء (آيا صوفيا) يبشِّر بتحرير المسجد الأقصى”، لا يوجد شيء إسلامي في هذا الصخب؛ بل رغبة معلنة في الظهور كقائد في الدفاع عن حقوق المسلمين المنتهكة. أما الدعاية الإيرانية، فإن إشاراتها إلى الأقصى تخفي طائفيتها الشيعية. عبر مثل هذه المواقف، يأمل أردوغان في أن يستعيد، بأقل تكلفة، المكانة المهمة التي اكتسبها في العالم العربي إبان معارضته الشديدة للهجوم الإسرائيلي على غزة عام 2009.

من وجهة نظر أنقرة، كان الشعور بالتخلي من قِبل حلفاء الناتو والشركاء الأوروبيين منذ عام 2013 لا يحتمل. دعونا لا ننسى أن أردوغان انخرط في عملية سلام مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني الانفصالي؛ في محاولة لتقديم التنازلات إلى الاتحاد الأوروبي، بهدف الحصول على العضوية. ومع ذلك، فلم يشجع الاتحاد الأوروبي بنشاط عملية السلام هذه فحسب، بل رفض الناتو في الوقت نفسه رغبة أنقرة في إنشاء “منطقة آمنة” في شمال سوريا.

اقرأ أيضًا: تركيا الأردوغانية والاستعمار الجديد

نحن نعرف الباقي: في عام 2015، استؤنفت الحرب بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، الذي أصبح الشريك الرئيسي للغرب في القتال ضد “داعش”؛ حيث فرّ ملايين اللاجئين من تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وأعقب الانقلاب الفاشل في أنقرة عام 2016 تقارب أردوغان مع موسكو في الخارج، ومع الحزب القومي المتطرف في الداخل.

وعندها فقط، بدأت القومية الإسلامية لدى أردوغان في تأكيد نفسها بضراوتها الحالية. من الضروري أن نأخذ في الاعتبار هذا التسلسل التاريخي؛ حيث يتهم الأوروبيون والأتراك بعضهم بعضاً بالتخلي، وحتى بالخيانة.

في مثل هذا السياق، فإن الرد على مثل هذا التصعيد القومي- الإسلامي من خلال تصعيد الخطاب ضد هذا النظام، حيث تُتهم تركيا بارتكاب أعمال “إجرامية” في ليبيا، وزعزعة استقرار البحر الأبيض المتوسط، هو أمر يشير إلى الدخول في لعبة أردوغان.

المصدر: لوموند

 اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة