الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
إعلاميو الإخوان يفقدون آخر معاقلهم في تركيا.. وأنقرة تحظر أنشطتهم بالكامل
تركيا وضعت إعلاميين مصريين تحت المراقبة للتأكد من عدم تقديمهم أي محتوى مناهض للنظام المصري انطلاقاً من الأراضي التركية

كيوبوست
بعد أسابيع من طلب السلطات التركية عدم تطرق الإعلاميين المصريين المقيمين في تركيا إلى انتقاد النظام المصري من خلال قنواتهم التي انطلقت للبث بعد عام 2013، كشف الإعلامي المصري معتز مطر، عن طلب تركي مباشر بعدم الحديث أو الظهور سواء على شاشات التليفزيون أو حتى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في خطوة تعتبر تقييداً واضحاً لآخر المنافذ الإعلامية التي تبث من الأراضي التركية.
وشهدت الأسابيع الماضية قيام عدد من القنوات التركية بانتقاد بعض القرارات والحوادث في مصر؛ لكن بنبرة أقل حدة عن الفترة السابقة، في وقت توقف فيه الإعلام المصري، بشكل كامل، عن انتقاد تركيا، مكتفياً بتناول الأخبار الرسمية فقط المرتبطة بالسياسة والاقتصاد، بينما لم تعلن الخارجية المصرية أو نظيرتها التركية عن أي لقاءات مرتقبة بعد الاجتماع الذي جرى الشهر الماضي في القاهرة على مستوى مساعدي وزراء الخارجية.
اقرأ أيضًا: دعوات التخلص من الإرث العثماني لمصر تصطدم بالواقع!
ملف فرعي

لم يعد ملف قنوات الإخوان قضية رئيسية في العلاقات المصرية- التركية، حسب وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي، الذي يؤكد لـ”كيوبوست” أن هذه الخطوة شكلية ضمن خطوات أخرى قامت بها أنقرة من أجل إقناع مصر بصدق السياسات الجديدة التي تنتهجها؛ وهو أمر ليس دقيقاً بشكل كامل، خصوصاً أن الخلافات اليوم أكبر من فكرة وضع الإخوان على أراضيها فقط؛ فهذه القضية أصبحت قضية فرعية بالنظر إلى قضايا أخرى كثيرة أكثر أهمية، في مقدمتها ملف إرسال المرتزقة إلى ليبيا والتدخل في شؤون الدول العربية.
وفي الرسالة التي تحدث فيها معتز مطر، عبر قناته على “يوتيوب”، أبدى الإعلامي المصري تفهماً للموقف التركي الراغب في التقارب مع مصر، زاعماً أن برنامجه الذي يبث من على “يوتيوب” في الأسابيع الأخيرة، والموقف التركي من ليبيا، هما السبب الرئيسي في الأزمة.

هذه التصريحات تأتي اتساقاً مع الموقف التركي بوقف برامج القنوات الإخوانية، حسب الباحث المتخصص في الشؤون التركية كرم سعيد، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن التحركات التركية في الوقت الحالي ليست من قبيل المصادفة؛ ولكن تأتي ارتباطاً بعدة أمور، من بينها مؤتمر “برلين 2″، والقمة الأوروبية، ومحاولة تركيا تحسين موقفها في القضايا الخلافية مع جيرانها بالمنطقة في إطار السعي نحو رسم سياسة إقليمية جديدة خلال الفترة المقبلة.
اقرأ أيضًا: هل تسير تركيا بجدية في خطوات المصالحة والتقارب مع مصر؟
يشير كرم سعيد إلى أن تركيا لديها خلافات متعددة مع مصر ليست مرتبطة بملف الإخوان فقط؛ ولكن مرتبطة بقضايا أخرى، منها التدخل التركي في الشؤون الداخلية للدول، والوجود التركي غير القانوني بشرق المتوسط، بالإضافة إلى قضايا خلافية أخرى تجري مناقشتها من أجل الوصول فيها إلى رؤى توافقية؛ وهي مشكلات تمثل تحديات رئيسية أمام العودة السريعة للعلاقات بين القاهرة وأنقرة.

يرهن الكاتب والباحث السعودي خالد العضاض، مدى جدية الخطوات التركية بحجم تلك الخطوات وسرعة تنفيذها على أرض الواقع، مع التأكيد أن الاعتراف التركي بثورة 30 يونيو، هو المدخل الأساسي للخطوات التالية كافة؛ وهو ما سيمثل ضربة قاصمة لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، والتي في ما يبدو أنها قد بدأت تحسب خطواتها وتستعد لتداعيات الموقف التركي من استئناف العلاقات مع القاهرة.
يؤكد العضاض أن التقارب بين الحكومتَين كفيل بكسر عزلة تركيا الدبلوماسية التي ستضمن تلافي الكثير من التداعيات السلبية التي أسفرت عنها سياساتها في الملفات الإقليمية، معتبراً أن علاقات أنقرة مع القاهرة ستكون بوابة تركيا لعودة علاقتها مع الدول الخليجية.
العضاض: الجماعة تمارس التضليل، واستثمرت موضوع التقارب بين الحكومتَين، عن إمكانية القبول بوساطة أنقرة لحلحلة الأزمة المصرية بين الحكومة والمعارضة، والتي تعتبر الجماعة نفسها جزءاً منها، وهذا إيهام للرأي العام بأن الجماعة جزء من التقارب وليست جزءاً أساسياً من المشكلة المصرية- التركية.
تحت المراقبة
وذكرت تقارير صحفية أن تركيا وضعت إعلاميين مصريين تحت المراقبة؛ للتأكد من عدم تقديمهم أي محتوى مناهض للنظام المصري من الأراضي التركية، في وقت كان فيه مطلب إغلاق القنوات التي تبث من تركيا من المطالب المصرية الرئيسية منذ سنوات.
يشير العضاض إلى أن الجماعة تمارس عادتها في التضليل، واستثمرت موضوع التقارب بين الحكومتَين على شقَّين متعاكسَين ومتضادَّين؛ الأول ما كشفه إبراهيم منير، نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، عن إمكانية القبول بوساطة أنقرة لحلحلة الأزمة المصرية بين الحكومة والمعارضة؛ والتي تعتبر الجماعة نفسها جزءاً منها، وهذا إيهام للرأي العام بأن الجماعة جزء من التقارب، وليس كونها جزءاً أساسياً من المشكلة المصرية- التركية.

وأضاف العضاض أن الشق الثاني مرتبط بالتقارب بين حزب السعادة التركي المعارض، والجماعة الإرهابية، حسب تصريحات سابقة للقيادي في الجماعة الإسلامية عاصم عبدالماجد، والذي تحدث عن وجود تحالف سري بين الإخوان وحزب السعادة التركي المحسوب على الجماعة، وتعاونهما معًا؛ لوقف ما قد يلجأ إليه الرئيس التركي من قرارات ضدهم قد تصل إلى إبعادهم عن البلاد.
يقول محمد العرابي إن النظام التركي يمكن وصفه بأنه “نظام مارق”، يمكن لمصر أن تعيش دون التواصل معه لفترة طويلة كما حدث من قبل، مشيراً إلى أن تركيا حتى لو أقدمت على توقيف الإخوان، وهو أمر غير مستبعد في ظل سياسة العمل بلا مبادئ التي تنتهجها تركيا بشكل واضح من أجل تحقيق أهدافها؛ فإن هذا الأمر لن يكون ذا جدوى بالنسبة إلى مصر، لعدة أسباب؛ في مقدمتها أن مقدمي هذه البرامج إعلامهم فَقَدَ نسبة مشاهدته ولم يعد ذا تأثير على الإطلاق في الشارع.

لكن كرم سعيد يستبعد أن تقوم تركيا في المدى القريب أو المتوسط بتسليم أي من إعلاميي الإخوان أو حتى قيادات الجماعة إلى مصر؛ لأسباب مرتبطة بأنها استخدمتهم لفترة من أجل تعزيز حضور الحزب الحاكم في الشارع التركي، ومن ثم سيكون من الصعب التخلص الكامل من الجماعة في المرحلة الراهنة؛ الأمر الذي سيدفع النظام نحو التخلص التدريجي من الجماعة.
اقرأ أيضًا: استراتيجيات جماعة “الإخوان المسلمون” وأساليبها في ألمانيا
يؤيد هذا الرأي خالد العضاض، الذي يشير إلى أن السلطات التركية في الغالب لن تعمد إلى تسليم أي مطلوب إلى الجهات الأمنية المصرية؛ خصوصاً القطط السمان في الجماعة أو المعارضة، وإنما ستطلب منهم مغادرة البلاد في أسرع وقت، وفي ذات الوقت فإن الجماعة قادرة بأذرعها الإعلامية والاقتصادية المنتشرة في العالم على توفير ملاذ آمن آخر لكوادرها.