شؤون دوليةمجتمعملفات مميزة

إشكالية الإسلام في أوروبا: هل سنشهد صراعات دموية مع الأوروبيين؟

صراع الإسلام السياسي مع اليمين المتطرف يعقد الأمور

كيو بوست – 

وفق معظم الروايات، بدأ التواجد الإسلامي يظهر في أوروبا إلى السطح منذ بداية القرن الـ20، فقد أصبح المسلمون يضيقون ذرعًا بممارسات الدولة العثمانية، التي تسمي نفسها إسلامية، مكتشفين أن عالم أوروبا، يحتوي الكثير مما يعتبروه جوهر دينهم، المفقود في “دولة إسلامهم”.

ومع ذلك، لم يكن الحضور الإسلامي في القارة العجوز حدثًا فاعلًا، لكنه كان حضورًا يتزايد تأثيره في المجالات المختلفة بنوع من الخجل، مع توالي السنوات.

ووصولًا إلى وقتنا الحالي، بات الإسلام عنصرًا أساسيًا في معظم المجتمعات الأوروبية، فيما أصبحت الجاليات الإسلامية جاليات أكثر فاعلية في السياسة والاقتصاد والمجتمع.

ومع ذلك، ظل الإسلام يواجه تحديات تتعلق بهويته في القارة الأوروبية؛ فهل يمكن أن تتكيف قيم الإسلام مع الأفكار الأوروبية؟ وهل يمكن أن يؤدي المسلمون دورًا في نشر الدعوة الإسلامية داخل أوروبا؟

 

اليمين المتطرف والإسلام السياسي

يرى كثير من الأوروبيين ضرورة عدم السماح للمسلمين بالدخول إلى أوروبا، نظرًا للخطر الذي يتهدد القارة بفعل وصول المسلمين إلى مناصب عليا في دول أوروبا. ويستشهد هؤلاء عادة بالهجمات “الإرهابية” التي تستهدف من خلالها جماعات متطرفة أماكن عامة في دولهم، قائلين إن زيادة تأثير المسلمين داخل تلك المجتمعات قد تؤدي إلى حرب طاحنة بين المسلمين وغير المسلمين.

ويرى أتباع اليمين المتطرف في أوروبا أن الإسلام يشكل خطرًا بحد ذاته على قيم المجتمعات الأوروبية، ويهدد استقرارها، ولا يجد من سبيل للحد من ذلك إلا فرض الحظر على دخول المسلمين. وعادة ما تشهد مثل تلك الدعوات نداءات عنصرية تطالب بإقصاء المسلمين وطردهم من أوروبا، أو قد تتطور الأمور فيه إلى عمليات اعتداء مباشرة على المسلمين أو ممتلكاتهم، كما حدث في عدد من المناطق، عبر الممارسات أو عبر القوانين.

ومن شأن ذلك أن يغذي قيم المتطرفين الإسلاميين، وأن يمده بنوع من الرغبة في الانتقام ضد الأوروبيين، ما يعني أن بابًا لعمليات من الانتقام المتبادل سيفتح على مدار سنوات طويلة، ويتسبب بعودة “صراع الحضارات” من جديد.

الطرفان يقدمان روايتين تستندان إلى خطاب الآخر، فيما يزداد إصرار المسلمين على عداء الأوروبيين، بالتزامن مع انتشار أفكار الإسلاموفوبيا بين الأوروبيين. ومن شأن دوامة الكراهية المتبادلة أن تلعب أدوارًا فتّاكة في تحريض الطرفين على زيادة العداء، وتطور الأمور إلى أبعد من ذلك بكثير!

 

نتيجة

إن المحصلة لمثل هذه الأمور هي أن الإسلام السياسي يلعب دورًا مباشرًا في تشويه صورة الإسلام في أوروبا، بينما يلعب اليمين المتطرف الأوروبي دورًا في زيادة عداء المسلمين، ورواجه لدى قطاعات واسعة من الأوروبيين.

وهكذا، يكسب اليمين المتطرف جولة أخرى في صراعه مع الإسلام؛ فمن جهة يقنع الشارع غير المسلم بأنه كان على صواب، وبأن مخاوفه من المسلمين كانت شرعية. ومن جهة أخرى، يدفع المسلمين إلى الإيمان بوجود عدو دائم له في القارة، وبالتالي يدافعون عن أنفسهم باسم الدين، لأنهم يتعرضون لذلك لكونهم ينتمون للإسلام فقط!

من زاوية ثانية، يسلّط العالم أضواءه على الإسلام باعتباره محرّكًا لقوى الشر في العالم، فالجمعيات “الإسلامية” التي تدعم المتطرفين، وتمد لهم الدعم المادي والعسكري، وتعزز من خطابات الكراهية، تصبح هي ممثلة الإسلام الشرعية في المخيلة العالمية، ويصبح الإسلام شرًا كبيرًا يجب التخلص منه!

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة