الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

“إس- 400” تزيد حيرة أردوغان.. العداء مع روسيا أم أمريكا؟

كيوبوست

شراء منظومة “إس- 400” يعد الصفقة الأهم للعسكرية التركية خلال هذه المرحلة؛ إذ تسعى أنقرة من خلالها إلى تحقيق الكثير، سواء أكان سياسيًّا أم عسكريًّا؛ فإن حصلت تركيا على هذه المنظومة الدفاعية، ستستغل هذا التفوق العسكري بشكل مبالغ فيه في الدعاية السياسية الأردوغانية. لكن الأمر ليس بهذه السهولة؛ فهذه الصفقة بالمقابل تضع “تركيا أردوغان” في حيرة وتخبُّط بين خيارات غير سلسة بالمرة، بل ربما تمثل أزمة كبرى في تاريخ أردوغان السياسي، فهو بالـ”إس- 400″ يضع تركيا بين فكَّي روسيا وأمريكا؛ إن أتم الصفقة واشترى المنظومة الدفاعية من روسيا فإنه في هذه الحال يعلن صراحةً العداء لأمريكا ويضع بلاده تحت وطأة عقوباتها، وإن ألغى الصفقة سيُمَثِّل الأمر تراجعًا كبيرًا أمام روسيا التي يسعى النظام الأردوغاني لتوطيد علاقاته بها؛ لثقلها الإقليمي ولأنها شريكة له كدولة ضامنة في المفاوضات حول الأزمة السورية، كما أن إلغاء الصفقة بعد الترويج لها على هذا النطاق الواسع، كونها ستحمي عمليات البحث عن الطاقة في شرق المتوسط، سيُمَثِّل تراجعًا أيضًا أمام قبرص واليونان، وكذلك الاتحاد الأوروبي.

أردوغان الآن يختار بين المُر والأكثر مرارة، قائمة قرارات كل منها قد يؤدي بتركيا إلى أزمة، وهي عادة أردوغان هذه الأيام أن يُوقِع تركيا في أزمات متتالية داخليًّا وخارجيًّا؛ بدءًا من العبث في الانتخابات المحلية ووصولًا إلى اللعب بصفقة صواريخ كبرى.

اقرأ أيضًا: تركيا تعبث بالقانون الدولي في غاز المتوسط

لماذا تحتاج تركيا إلى “إس- 400″؟

كانت بدايات إعلان تركيا عن رغبتها في الحصول على صفقة أنظمة “إس- 400″، مبادرة منها ناحية روسيا، ومحاولة لإعادة العلاقات مع موسكو إلى ما قبل أزمة إسقاط الطائرة الحربية الروسية (نوفمبر 2015)، وهي صفقة ضخمة تبلغ قيمتها 4.2 مليار دولار أمريكي، وتسعى تركيا بجد شديد إليها؛ من أجل أن تحمي نفسها وسط توترات إقليمية، فعلاقاتها ليست على ما يُرام مع دول الجوار؛ مثل سوريا والعراق وإيران، وكذلك خارجيًّا مع الاتحاد الأوروبي الذي تحاول تركيا الانضمام إليه منذ سنوات، وأيضًا لأزماتها معه في ما يخص قبرص واليونان ومسألة الطاقة في البحر المتوسط.

وتسعى تركيا منذ العام 2013 للحصول على منظومة دفاعية أكثر قوة، بعدما رأت أن حلف شمال الأطلسي تخلَّى عنها في سوريا؛ فقد طلبت أنقرة باعتبارها شريكةً في الحلف مع بدء الأزمة السورية من باقي الدول الشريكة حماية حدودها، وهو ما تم بالفعل من قِبَل الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، لكنهما تراجعتا في ما بعد؛ ما سبَّب توترًا لتركيا مع حلف شمال الأطلسي، وبما أن الحلف يعد روسيا عدوًّا، فقد بدأت تركيا في الاتجاه ناحية موسكو، وقال الرئيس التركي أردوغان: “إن تركيا إن لم تستطع الاستفادة من حلف شمال الأطلسي بشكل كامل، فستجد حلًّا لنفسها بشكل مستقل”، ومن هنا بدأت محاولات الحصول على “إس- 400”.

من المفترض أن هناك تأكيدات تركية دائمة حول إتمام صفقة أنظمة “إس- 400” قريبًا؛ حتى إن وزير الدفاع التركي قد أعلن من قبل أن 100 جندي تركي وصلوا إلى روسيا؛ من أجل التدريب على منظومة الصواريخ التي قد يتم نشرها –إذا تمت الصفقة فعلًا- في أغسطس 2019.

اقرأ أيضًا: فاسد ومتناقض وداعم للإرهاب.. أردوغان يُغرق تركيا

عداء صريح

يرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن المنظومة الدفاعية الجديدة التي تريد تركيا شراءها من موسكو، تهدِّد المقاتلات الأمريكية “إف- 35” التي تنوي أنقرة شراءها من الولايات المتحدة الأمريكية، وبالفعل تم تدريب طيارين أتراك على “إف- 35” في قاعدة “Luke Air Force Base” بولاية أريزونا، وإن حصلت أنقرة على الصفقة الروسية فسيكون هذا إعلانًا صريحًا للعداء التركي تجاه أمريكا، وهو ما لا تقوى عليه “تركيا أردوغان” -إلا بالكلام فقط- لأن القوات الأمريكية على سبيل المثال تُقَدِّم دعمًا عسكريًّا إلى وحدات الشعب الكردية في سوريا، وهي امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي تعامله تركيا كمنظمة إرهابية؛ أي أن الصفقة ستضر بتركيا في سوريا.

كما أن الصفقة تضر أيضًا بعضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي، وصواريخ “باتريوت” التي تحصل عليها من أمريكا، وهي صواريخ قد تتوقف واشنطن عن مدّ أنقرة بها إذا تمت صفقة “إس- 400”.

وحسب حديث لجيف ديفيس، المتحدث باسم البنتاجون، فدول الناتو “تسعى دائمًا لكي تتلاءم أسلحتها مع بعضها”، و”المنظومة الروسية تتمكَّن من جمع معلومات إلكترونية قَيِّمَة حول (إف- 35)”.

وإن لم تتراجع تركيا عن شراء “إس- 400″، فستخرجها أمريكا من برنامج المقاتلات “إف- 35″؛ حيث تعمل تركيا على برنامج المقاتلات منذ 2004، وبالفعل أفادت تقارير أن أمريكا ألغت شحنات معدات ومواد من طراز “إف- 35″، وبدأت في تحديد موردَين محتملَين آخرَين.

مأزق سياسي

كما أن كاثرين ويلبارغر، مساعدة وزير الدفاع الأمريكي، قالت إن حصول تركيا على المنظومة يضر بقدرتها على العمل مع التحالف الغربي، ويجبر واشنطن على فرض عقوبات عليها. وأضافت كاثرين: “لنكن واضحين، منظومة (إس- 400) مصممة لإسقاط مقاتلات مثل (إف- 35)”.

وهنا يتضح إلى أي حد وضعت طريقة أردوغان في التعامل مع السياسة الخارجية تركيا في مأزق؛ فلا هي قادرة على التراجع عن الصفقة وإغضاب روسيا، أو إكمال الصفقة وإغضاب ترامب الذي لا يُعرف إلى أي مدى سيصل غضبه على تركيا إن أصر أردوغان على أن تصل “إس- 400” إلى بلاده.. فهل يُغامر أردوغان؟

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة