اسرائيلياتالواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

إسرائيل تتجاهل تطبيق بنود قانون القومية المثير للجدل

كيوبوست

في 19 يوليو 2018، أقر الكنيست الإسرائيلي قانون القومية للشعب اليهودي، الذي يجعل إسرائيل دولة للشعب اليهودي فقط، ويجعل حق تقرير المصير بالدولة لليهود دون غيرهم، مانعًا أصحاب الديانات الأخرى من ممارسة حقوقهم السياسية؛ حتى مع حملهم الجنسية الإسرائيلية! وهو ما يصنَّف باعتباره تمييزًا عنصريًّا وَفقًا للمواثيق والقوانين الدولية.

القانون الذي يُفترض سريانه منذ إقراره العام الماضي هو قانون أساس -قوانين الأساس هي القوانين البديلة للدستور؛ نظرًا لعدم كتابة دستور لإسرائيل حتى الآن، ويتطلب تعديله موافقة 90 عضوًا بالكنيست على العكس من القوانين العادية- حيث جاء القانون الجديد ليرسِّخ السياسات العنصرية الصهيونية التي أصبحت شرعية واكتسبت داخل إسرائيل قبولًا من الناحية القانونية.

القانون الذي يخاطب كل يهود العالم تم إقراره بعد نحو 8 سنوات من المناقشات والمقترحات التي بدأت من رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي –الشاباك- السابق آفي ديختر، في 2011، وصولًا إلى الصيغة النهائية التي تبناها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعد تقديمها من وزيرة العدل في حكومته؛ وهي الصيغة التي جرى تعديلها خلال مرحلة القراءة؛ في محاولة لتمرير القانون في أسرع وقت مع بوادر انهيار تحالف حكومة نتنياهو الذي دفع بالبلاد إلى انتخابات مبكرة جَرَت بالفعل في أبريل الماضي.

ورغم مرور عام على إقرار القانون الذي مُرِّر بأغلبية 62 نائبًا داخل الكنيست المكون من 120 عضوًا وسط نقاشات وخلافات حادة حتى بين نواب التحالف الحكومي المشكل للأغلبية؛ فإن غالبية بنود القانون الأحد عشر لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن ولم تُناقش آلية تطبيقها على أرض الواقع.

اقرأ أيضًا: 4″  تطورات تعزز تآكل صورة إسرائيل في المجتمع الدولي”

 المادة الأولى من القانون المرتبطة بالمبادئ الأساسية، وهي أن ممارسة حق تقرير المصير في إسرائيل حصرية للشعب اليهودي؛ ما يمنع غير اليهود من المشاركة في أية عملية سياسية داخلية، الأمر الذي لم يُطبق على انتخابات الكنيست التي جَرَت في أبريل الماضي، والتي تنافست فيها قائمتان عربيتان، ولا على الانتخابات الجديدة التي ستُجرى في سبتمبر المقبل، ويتوقع أن يشارك فيها العرب بقائمتَين انتخابيتَين أيضًا.

جانب من الاحتجاجات على القانون داخل إسرائيل- الصورة من وكالة الأنباء الفرنسية

تهدر هذه النقطة أيضًا حق المسيحيين المقيمين في إسرائيل في المشاركة في أي عمل سياسي، بالإضافة إلى إسقاط حق العودة وإسقاط حقوق “عرب 1948” الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية، ويعانون تمييزًا عنصريًّا ضدهم، مع الأخذ في الاعتبار تطبيق جميع الأعباء الضريبية عليهم باعتبارهم مواطنين إسرائيليين!

    وعلى الرغم من شكوى “عرب 1948” من استمرار تهميش اللغة العربية لصالح “العبرية”؛ فإن قانون القومية نص على تنظيم استخدام اللغة العربية وعدم المساس بمكانتها التي حصلت عليها، بينما يبقى القانون المنظم لاستخدامها في انتظار الكنيست القادم لإقراره.

القانون الذي منح لكل يهود العالم الحق في القدوم إلى إسرائيل والعيش بها وَفق مواده، يأتي في وقت تسجل فيه معدلات الهجرة المؤثرة في نسبة الزيادة السكانية تراجعًا ملحوظًا؛ لتتراوح في حدود النصف في المئة خلال الفترة من 2012 حتى 2017، بعدما سجَّلت نسبة 10% في 2009، حسب الإحصائيات الإسرائيلية الرسمية.

أبرز النصوص التي لم تتم مناقشة تفعيلها، هو نص الولاية التشريعية للكنيست الإسرائيلي على فلسطين بالمخالفة للقانون الدولي الذي يعتبر فلسطين دولة تحت الاحتلال.

اقرأ أيضًا: 5 مناطق استولت عليها “إسرائيل” لتغييب تاريخ القدس

اعتمد القانون القدسَ الموحدة عاصمةً لإسرائيل، وهو ما يعيق أي اتفاق مستقبلي للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قائم على حل الدولتَين والقدس الشرقية عاصمة لفلسطين؛ خصوصًا أن شرط تعديل القانون بموافقة 90 نائبًا سيجعل هناك عائقًا مستقبليًّا حال موافقة أية حكومة على اتفاقية للسلام، نظرًا لأنه لم يسبق لأية حكومة في تاريخ إسرائيل أن حصلت على أكثر من 90 مقعدًا، وهي أغلبية خاصة لم تتوافر إلا في ما ندر؛ الأمر الذي زاد من الضغوط الداخلية لتمرير أية اتفاقية للسلام.

مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة في 7 فبراير 2017- “رويترز”

إسرائيل وطن اليهود فقط

يهدف القانون بالأساس إلى تطبيق مقولة إن إسرائيل دولة الشعب اليهودي؛ ليرسِّخ التمييز على أساس ديني كأساس في التعامل مع المواطنين، مخالفًا بذلك المواثيق والقوانين الدولية التي تحظر التمييز على أساس الدين أو العرق أو اللون؛ لكن في الوقت نفسه تتوافق مع وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود.

القانون الجديد هو محطة في سياسة الفصل العنصري المتبعة بالفعل منذ قيام الدولة؛ فالتمييز العنصري في إسرائيل راسخ منذ التفريق بين اليهود الغربيين –الأشكيناز- واليهود الشرقيين –السفرديم- عند الهجرة من أجل تأسيس الدولة؛ حيث سيطر الأشكيناز على السلطة سياسيًّا واقتصاديًّا، واستمرت هذه السياسة حتى الآن بفارق طفيف، بينما برز التمييز حتى ضد باقي اليهود الوافدين؛ وهو ما ظهر بسياسة استيعاب الوافدين في أوائل التسعينيات.

فيهود “الفلاشا” القادمون من إثيوبيا كان عليهم البقاء بمراكز استيعاب لمدة عام قبل الاندماج في المجتمع الإسرائيلي برواتب لا تتجاوز 50 “شيكل” في الشهر، أما اليهود السوفييت فكان استيعابهم بطريقة مباشرة؛ حيث لا يقيمون بمراكز الاستيعاب الكبيرة، ولكنهم يحصلون على بدل لتغطية أوجه الإنفاق العائلي المختلفة يفوق بكثير ما كان يحصل عليه يهود “الفلاشا”.

اقرأ أيضًا: الأسباب الاجتماعية لغضب يهود “الفلاشا” في إسرائيل

حتى مَن خدموا إسرائيل تضرروا من القانون، فالطائفة الدرزية خرجت للتظاهر ضد القانون؛ بسبب عدم مساواتهم فيه مع اليهود الذين اعتبروا أصحاب الدولة بمفردهم، وهو ما دفع الشيخ موفق طريف، الرئيس الروحي للطائفة، إلى التأكيد أن إسرائيل لا تراهم مواطنين متساويين مع اليهود.

يخالف القانون الذي دخل حيز التنفيذ نظريًّا، حظر نظام الفصل العنصري وَفقًا للقانون الدولي؛ فنظام الفصل العنصري صُنِّف رسميًّا كجريمة بموجب القانون الدولي، حيث اعتمد التصنيف من قِبَل الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري.

 اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة