الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
إدارة بايدن.. هل تعيد النظر في الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب؟
ابتعد الرئيس الأمريكي جو بايدن عن رفض إدارة ترامب الصارخ للتعاون الدولي.. وهو يعمل على إعادة بناء التعددية والدبلوماسية الأمريكية

كيوبوست- ترجمات
كلير برينر♦
هذا المقال نُشر في الثالث والعشرين من فبراير، قبل الكشف عن استراتيجية البيت الأبيض في مكافحة الإرهاب.
هيمنت مكافحة الإرهاب على أجندة الأمن القومي الأمريكي منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، ومع ذلك، ففي الوقت الذي يسعى فيه صناع السياسات إلى الحد من مشاركة الولايات المتحدة في العمليات الخارجية والتركيز على المنافسة مع القوى العظمى، أصبحت مكافحة الإرهاب مهمشة.
اقرأ أيضاً: ماذا يريد العالم من جو بايدن؟
وقد أتاح استمرار جائحة كورونا المجال للمتطرفين العنيفين والجماعات الإرهابية لاستغلال الثغرات الأمنية، وتوسيع نطاق نفوذهم. والواقع أن تصفية إدارة ترامب لجهود مكافحة التطرف العنيف، وفك ارتباطها بالأمم المتحدة، قد أضر بجهود مكافحة الإرهاب الأمريكية، في وقتٍ تشتد فيه الحاجة إليها. وفي ما يلي ثلاث توصيات لمكافحة التهديد المستمر والمتطور للإرهاب بشكلٍ فعال:
1-مكافحة الإرهاب كأولوية قصوى للأمن القومي
هبطت مرتبة مكافحة الإرهاب من قمة أولويات الأمن القومي الأمريكي مع تحول التركيز تجاه منافسة القوى العظمى مع خصوم مثل إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية. وقد أوضحت استراتيجية الدفاع الوطني لعام 2018 أن “التحدي الرئيسي الذي يواجه ازدهار الولايات المتحدة وأمنها، هو عودة ظهور المنافسة الاستراتيجية طويلة المدى من قِبل القوى الإقليمية”، وأن “التنافس الاستراتيجي بين الدول، وليس الإرهاب، هو الآن الشاغل الرئيسي للأمن القومي للولايات المتحدة”.

وتحول تقليص الوجود العسكري الأمريكي والانسحاب من مهام مكافحة الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة وشركاؤها إلى إجماع مشترك بين الحزبَين الجمهوري والديمقراطي وبين صناع السياسات الذين يهدفون إلى الابتعاد عن “الحروب الأبدية” في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أنه من المعقول أن تعيد الولايات المتحدة موازنة الموارد تجاه تهديداتٍ أمنية جديدة؛ فإن تحويل الميزانيات بعيداً عن مكافحة الإرهاب يمكن أن يعكس المكاسب التي تحققت بشق الأنفس.
اقرأ أيضاً: انسحاب القوات الأمريكية من العراق.. هل يفتح المجال أمام إيران و”داعش”؟
وأفاد مكتب مكافحة الإرهاب عام 2019 أن أكثر من 20% من وظائف الخدمة المدنية كانت شاغرة بسبب تجميد التوظيف، وأثار موظفو مكافحة الإرهاب مخاوف بشأن التوظيف ونقص الموارد. وتأتي نقاط الضعف هذه في جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية، في وقتٍ تسعى فيه المنظمات الإرهابية إلى استغلال عدم الاستقرار الناتج عن جائحة كورونا المستمرة.
ويتعين على إدارة بايدن العمل على تنسيق أولويات الأمن الوطني بشكلٍ أفضل، والاستفادة المثلى من مجالات التداخل بين مكافحة الإرهاب ومنافسة القوى العظمى. وبدلاً من تحويل التمويل من أولوية للأمن القومي إلى أولوية أخرى، ينبغي على الرئيس تعزيز التعاون بين الوكالات وتخصيص الموارد لتحقيق الأهداف المتقاربة.
2-استعادة الدور القيادي الأمريكي في جهود الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب
سَعَت إدارة ترامب إلى فك الارتباط ووقف الأموال المقدمة إلى مختلف وكالات الأمم المتحدة، كما استخدم الرئيس السابق ترامب الأمم المتحدة كأداة لتنفيذ أهداف أمريكية ضيقة الأفق لمكافحة الإرهاب، مع تجاهل للفوائد الاستراتيجية طويلة الأجل للشراكات متعددة الأطراف.

وفي ظل البيئة الأمنية المترابطة التي نعيشها اليوم، فإن أي نهج أحادي الجانب لمواجهة التهديد المتنوع للإرهاب لن يكون مؤثراً أو فعالاً. ويجب على الولايات المتحدة أن تتبنى قدرات الأمم المتحدة على تعزيز التواصل بين الشركاء، واستخدام الموارد المحدودة، وبناء قدرات الدول الأعضاء.
اقرأ أيضاً: رسالة إلى الكونغرس الأمريكي: لا تهدروا فرصة مكافحة الإرهاب في السودان!
وقد ابتعد الرئيس بايدن عن رفض إدارة ترامب الصارخ للتعاون الدولي؛ وهو يعمل على إعادة بناء التعددية والدبلوماسية الأمريكية. ويجب على الإدارة الجديدة أن تتمسك بموقفها ضد النفوذ المسيء إلى الجهات الفاعلة الخبيثة، وأن تعمل مع الدول الحليفة لضمان أن تكون حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية والمجتمع المدني جزءاً محورياً في عملية مكافحة الإرهاب.
3-الاستثمار في فريق مكافحة التطرف العنيف
يعد فريق مكافحة التطرف العنيف أداة أساسية في التصدي للتهديد الذي تشكله الجماعات الإرهابية الأجنبية. ويدرك الفريق أن الاستراتيجيات العسكرية وحدها لن تهزم الإرهاب، ويعمل على إشراك المجتمعات المحلية والجهات الفاعلة غير الحكومية في معارضة خطاب التطرف العنيف ومعالجة الظروف الكامنة التي تُمكّن من التطرف العنيف.

وفي عهد إدارة ترامب، تم وضع فريق مكافحة التطرف العنيف في مؤخرة اهتمامات الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب. وقام مكتب مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية بتجريد “فريق مكافحة التطرف العنيف” من صلاحيته، وخفض التمويل المقدم له بشكل كبير.
وقد طلب الرئيس السابق ترامب في ميزانيته الفيدرالية لعام 2021 المقدمة إلى الكونغرس تخفيض التمويل المقدم إلى فريق مكافحة التطرف العنيف بمقدار $115,713,000 عن آخر طلب قدمته إدارة أوباما عام 2017.
اقرأ أيضاً: التوازن الدقيق بين “الأمننة” والجهود الإنسانية في سياق مكافحة الإرهاب
وبالإضافة إلى ذلك، أوقفت إدارة ترامب الاستراتيجية المشتركة بين وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بشأن مكافحة الإرهاب، والتي تعود إلى عهد أوباما، والتي يمكن أن تكون أداة فعالة بشكلٍ لا يصدق في جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية؛ ولكن فقط من خلال الاستثمار طويل الأجل والتنسيق بين الوكالات.
ويجب تنفيذ إجراءات تشغيل موحدة لضمان أن تقوم المكاتب الإقليمية والمتخصصة في جميع أنحاء وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بترويج رؤية متسقة بشأن مكافحة التطرف العنيف، كما ينبغي على إدارة بايدن أن تعيد تأسيس الاستراتيجية المشتركة لوزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بشأن مكافحة التطرف العنيف لاستعادة تنسيق الأموال والأهداف الاستراتيجية بين الوكالات الحكومية.
♦باحثة في جامعة جورج واشنطن.
المصدر: موقع أمريكان سيكيورتي بروجكت