الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
إخوان سوريا… مشهد مرتبك بعد تقارب أنقرة ودمشق
هل ينهي انتخاب البوسلامة مراقباً عاماً لـ"إخوان سوريا" صراع جبهتي حلب وحماة؟

كيوبوست- سلمان إسماعيل
توصلت جبهتي جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، (حماة وحلب) أخيراً، إلى انتخاب القيادي في الحركة عامر البوسلامة مراقباً عاماً جديداً لها، خلفاً لـ محمد حكمت وليد، الذي انتهت رحلته مع المنصب قبل ما يزيد على شهرين، في عملية تشبه الولادة المتعثرة، واضطرار أجنحة الجماعة المصنفة “إرهابية” في مصر، وعدد من الدول العربية، لاختيار البوسلامة الذي ينحدر من دير الزور، بدلاً من هيمنة إحدى الجبهتين بشكلٍ كامل على الجماعة في الأراضي السورية.
وبحسب خبراء ومحللين تحدثوا إلى “كيوبوست”، فإن انتخاب البوسلامة يأتي في ظلِّ التقارب الذي تشهده العلاقات بين دمشق وأنقرة، والدور الذي قد تلعبه الجماعة ضد المكون الكردي في شمال سوريا، كأحد أذرع النظام التركي وأكبر حلفائه داخل البلاد، فضلا عن خشية الجماعة من التحول إلى سيناريو إخوان مصر، والانقسام إلى جبهاتٍ متناحرة فيما بينها، ورغبتها في استمرار تصدير صورتها على أنها معارضة معتدلة، والاستفادة من الدعم الإقليمي الذي تتلقاه من بعض الدول في المنطقة، والتي تفضل استمرار التعاون مع الجماعة.
اقرأ أيضاً: أجنحة الإخوان المتصارعة… من يخلف إبراهيم منير؟
دور تركي
وقال الخبير القانوني السوري الدكتور ماهر تمران، إنه منذ بداية الثورة السورية سيطرت وهيمنت جماعة الإخوان المسلمين على الائتلاف السوري، وكانت لها الغالبية، وكانت أيضاً الشخصيات الأخرى على مقربة منها، لذلك فوجود مراقب عام خارج كتلتي حلب وحماة يخدم المرحلة الحالية، لمحاولات تقارب النظام السوري مع تركيا.

وأضاف تمران، في تصريحاتٍ أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن انتماء البوسلامة لمدينة دير الزور قد جاء نتيجة رغبة تركية في كسب الجماعة، وكسب العشائر العربية التي ينتمي لها الرجل، وإدخالهم بشكلٍ مباشر في ملف الصراع التركي مع قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، ولا سيما في ظل الاحتمالات المفتوحة التي يشهدها التقارب التركي مع النظام السوري، وما يمكن أن ينتج عنه من تصعيد في مواجهة الأكراد.
وأشار إلى أنه بالرغم من وصول عامر البوسلامة لمنصب المراقب العام للجماعة في سوريا، خلفاً لمحمد حكمت وليد، الذي شغل المنصب منذ 2014، إلا أن هذا الانتخاب لم يُبن على توافق، بل بُني على أساس متهدم من الصراع، حيث شكل خلافاً بين كتلتي حماة وحلب، اللتين تهيمنان على الجماعة، لكنه تم اختياره في النهاية على مضض.

وتابع تمران بقوله: هناك مصادر تؤكد أن كتلة الحلبيين اعترضت على اختيار البوسلامة للمنصب، خلال الأسابيع الماضية، كونه أقرب إلى كتلة الحمويين، لافتاً إلى أن الحديث عن فكرة انشقاق جلية واضحة ربما تكون مستبعدة، بسبب الإشكالية القانونية والتنظيمية التي تثيرها ضمن البنية الأساسية للجماعة، إلا أن امتلاك مجلس الشورى لحق الاستثناء يجعل كل الاحتمالات واردة في النهاية، طالما أنها ستقدم تحت عنوان “مصلحة الجماعة”.
وأوضح أن الجماعة تنزف ببطء، حيث شهدت انسحاباتٍ من صفوفها لعدم وجود أي نية للتغيير داخل الجماعة، على الرغم من أن المنسحبين ليسوا من تيارٍ واحد، وتختلف دوافع استقالاتهم، وبعد انطلاق الثورة غادرت وجوه عديدة صفوف الجماعة لتؤسِّس أحزاباً وتشكيلاتٍ سياسية جديدة، لكنهم ظلوا محسوبين على الإخوان.
اقرأ أيضاً: تركيا تفتح الصندوق الأسود لجماعة الإخوان المسلمين
اختيار متوقع
من ناحيته، قال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أحمد سلطان، إن اختيار البوسلامة كان متوقعاً، لأنه المرشح الأوفر حظاً على مدار الأشهر الماضية، وإن كان تأجل حسم الصراع على هذا المنصب بسبب خلافات كتلتي حلب وحماة داخل التنظيم، ويبقى الرجل واحداً من أبرز قيادات الجماعة في سوريا، فهو مسؤول ملف العلاقات الإسلامية، وكان مرشحاً لهذا المنصب في 2018.
وأضاف سلطان، في تصريحاتٍ أدلى بها إلى “كيوبوست”: رغم أن البوسلامة قريبٌ من الكتلة الحموية داخل التنظيم، فإنه يبقى مرشحاً توافقياً، وأقل انحيازاً من غيره، وربما تأخر إعلان فوزه يعود لاعتراضات كتلة حلب، ويبدو أنه بعد أشهر من تأجيل اختياره وفقاً لنص اللائحة الداخلية للجماعة في سوريا لحسم ملف التنافس لم تجد الكتلتين بدّاً من إنهاء هذه المسألة.

وأوضح الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن اللائحة الداخلية لإخوان سوريا تنص على أن المراقب العام لا يصح أن يتولى منصبه أكثر من مرتين، ومحمد حكمت وليد شغل منصبه مدتين، انتهت في ديسمبر الماضي، وبقيت الجماعة لنحو شهرين تبحث عمَّن يخلفه سواء، حسن خطاب أو عامر البوسلامة.
اقرأ أيضاً: لماذا يعمد الأردن إلى تشديد القبضة الأمنية على الإخوان المسلمين؟

وواصل قائلاً: لا أظن أننا سنرى انشقاقاتٍ جديدة في صفوف إخوان سوريا، رغم الصراع الموجود منذ قديم الأزل بين كتلتي الجماعة، وكانت هناك مساعٍ لاختيار مراقب عام غير منحاز، للوصول إلى توافق، والجماعة تعلم أن من مصلحتها التوافق الآن، وألا تنقسم على ذاتها، لأنها تحولت لتشبه المعارضة في المهجر، في بلاد مثل تركيا وغيرها، وليس من مصلحتها أن تظهر كجماعةٍ منقسمة على ذاتها، ويبدو أنها تعلمت الدرس من تجربة إخوان مصر، وانقسامهم بين جبهتي لندن وإسطنبول.
واستدرك، هذا لا يعني عدم حدوث انشقاقات في المطلق، فهذه ظاهرة ستبقى موجودة، لكن رغم الانشقاقات، نجد أن الجماعة لديها جذور في سوريا، نجحت في تكوين شبكات ومجموعات وخلايا تابعة لها، وتعمل بالتنسيق مع تركيا، وتتوافر لها عوامل البقاء داخل البلاد، رغم انكشافها للعديد من أنصارها، والظروف التي أدت لخلق الجماعة في سوريا لا تزال موجودة، وفوق كل ذلك، تواصل الجماعة تقديم نفسها على أنها معارضة معتدلة، فضلاً على وجود بعض القوى الإقليمية التي ترى أن من مصلحتها بقاء الجماعة والتعامل معها.