الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
إخوان تونس يفقدون آخر معاقلهم في السلطة
مراقبون: سعيّد بحله المجالس البلدية يستهدف آخر معاقل حركة النهضة في مفاصل الدولة وأجهزتها الرسمية

كيوبوست
أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد، قراراً في ٩ مارس بحل المجالس البلدية إلى حين انتخاب مجالس جديدة؛ وهي خطوة يرى مراقبون أنها ضرورية، ولا تقل أهمية عن قرار حل البرلمان السابق والمجلس الأعلى للقضاء، وتستهدف آخر معاقل حركة النهضة، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين، في مفاصل الدولة وأجهزتها الرسمية.

حماية الوثائق
فور اتخاذ القرار سارعت الوحدات الأمنية إلى حماية مقرات البلديات والمؤسسات التابعة لها؛ بهدف حفظ كل الوثائق ومنع إخراج أية وثيقة أو ما شابهها من مكاتب البلديات، إلى حين تسليم العهدة إلى النيابات المختصة؛ لضمان محاسبة كل مَن تورَّط في تجاوزات إدارية ومالية خلال عمله داخل هذه المؤسسات.
ونص المرسوم على إسناد مهمة تسيير المجالس البلدية المؤقتة إلى الكتاب العامّين للبلديات، تحت إشراف الوالي (المحافظ)، إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة، وتضمن تعديلاً للقانون الانتخابي الخاص بالبلديات.
اقرأ أيضاً: إخوان تونس ورقصة الديك المذبوح
ضربة قاصمة للإخوان
الناشط في المجتمع المدني والمحامي فتحي الجموسي، قال لـ”كيوبوست”: إن حل المجالس البلدية ضربة قاصمة وحاسمة وجهها الرئيس قيس سعيد إلى حركة النهضة وأزلامها؛ لاجتثاثها من آخر معاقلها داخل أجهزة الدولة؛ بعد سنوات طويلة من سيطرتها شبه المطلقة وتغلغلها في كل مفاصلها مركزياً وترابياً.

وأضاف: “هذا القرار له أيضاً أهمية بالغة من حيث إعادة توحيد أجهزة الدولة وإعادة التناغم والانسجام بين القرار المركزي والقرار المحلي والجهوي؛ حتى تتمكن الدولة من بسط نفوذها واستعادة سيطرتها على كل شبر من التراب التونسي، بعد سنوات من التنافر والخصومات بين السلطة المركزية والسلطة المحلية، وبعد أن تحوَّلت بعض البلديات إلى شبه دويلات مستقلة بذاتها؛ على غرار بلدية الكرم بالعاصمة التونسية”.
تمرد على الدولة
يُذكر أن فتحي العيوني، رئيس بلدية الكرم المحسوب على حركة النهضة وصاحب فكرة “صندوق الزكاة بالكرم”، كان قد اعتبر أن زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيّد يوم 5 يونيو 2020 إلى مدينة الكرم “غير قانونية”، منتقداً تجاهل رئيس الجمهورية إعلام السلطة المحلية، قبل أن يقدم لصلاة الجمعة في المدينة. واعتبر مراقبون وقتها موقف العيوني تمرداً على الدولة وتجاوزاً في فهم السلطة المحلية وتحدياً للسلطة المركزية.
وحسب الجموسي، فإن حل المجالس البلدية قرار ضروري للإعداد لانتخاب مجالس بلدية جديدة عبر المرور بفترة تفصل بين المجالس الحالية التي أشرفت مدة نيابتها على الانتهاء، ومجالس جديدة سيقع تركيزها في الانتخابات القادمة وَفق قانون جديد للجماعات المحلية، وهذه الفترة الفاصلة ضرورية حتى لا تستغل المجالس المنحلة سيطرتها على البلديات وعلى المعطيات التي تتحكم فيها؛ قصد توجيه الناخبين إلى انتخاب مجالس جديدة تكون نسخاً مطابقة للأصل من المجالس المنحلة.
اقرأ أيضاً: إخوان تونس… انطلاق المحاسبة والاعتقالات متواصلة
سحب البساط

ويؤكد الناشط السياسي حازم القصوري، لـ”كيوبوست”، أن حركة النهضة، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في تونس، حاولت وضع يدها على كل مفاصل الدولة التي تمر من خلال المجالس المحلية، معتبراً أنه بقرار حلِّها سحبَ الرئيس التونسي البساط من تحت العناصر الإخوانية المتغلغلة في مفاصل الدولة، والتي تعاملت معها بمنطق الغنيمة وطوعتها لخدمة مصالحها الضيقة.
وحسب القصوري، فإن غالبية البلديات التي تمثل سلطة محلية لها علاقة مباشرة بالحياة اليومية للمواطن، كانت تحت سيطرة حركة النهضة، وقرار حلها في هذه المرحلة سيسهم في كشف حجم الفساد الذي شمل هذه المجالس المحلية التي تغلغلت عناصر الحركة الإخوانية في مفاصلها، وسيُجنب البلاد العديد من الكوارث المرتقبة. واعتبر حازم القصوري أن قرار الرئيس التونسي صائب وله مبرراته المتعلقة أساساً بوجود ملفات فساد مالية ومتعلقة بالأمن القومي للدولة التونسية.

ويضيف القصوري: “رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، كان قد وعد خلال الحملة الانتخابية للانتخابات البلدية، بتوفير خدمات الإنترنت والـwifi بصورة مجانية في الأماكن العمومية بالبلديات التي ستحقق فيها (النهضة) الفوز في الانتخابات البلدية. وفتح هذا الملف الذي أشرف عليه القيادي في الحركة ووزير تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي، أنور معروف، ومرشحة الحركة سعاد عبدالرحيم، سيكشف كماً هائلاً من الفساد المالي دون الحديث عن مآل الهبات التي تحصلت عليها هذه المجالس المحلية التي لم تقدم أية خدمات للشعب التونسي”.
ويختم القصوري بأن حل المجالس المحلية يأتي في إطار استكمال لخطوات سعيد في سبيل وضع حد للمشروع الإخواني الذي سيطر على هذه المجالس، مؤكداً أن هذا القرار ستعقبه محاسبة المسؤولين عن جرائم الفساد المالي والاستيلاء على المال العام.