الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

إخوان اليمن نحو مزيدٍ من التصعيد في عدن

كيوبوست

وقع ما لا يقل عن 18 شخصاً بين قتيلٍ وجريح في العاصمة اليمنية المؤقتة، عدن، جرّاء انفجار كان يستهدف موكب مدير أمن محافظة لحج. وفي حين أن مدير الأمن المستهدف، صالح السيد، قد نجا من الانفجار، فإن أربعةً من مرافقيه لقوا حتفهم، فيما قُتل أربعة آخرين -بينهم امرأة- من المدنيين صادف مرورهم بالمكان أثناء الانفجار. وبحسب المصادر، يتلقى الجرحى البالغ عددهم عشرة أشخاص العناية الطبية في أحد المستشفيات، لكن حالة بعضهم خطيرة.

يُذكر أن الحادث ليس الأول من نوعه؛ حيث تشهد محافظة عدن، والمحافظات المجاورة لها؛ مثل أبين ولحج، تفجيراتٍ إرهابية، واغتيالات متكررة في ظلِّ نزاع محموم بين مختلف أطراف الصراع في اليمن. وغالباً ما تزداد حدة ووتيرة النزاع كلما اقترب اليمنيون من حلٍّ لأزمتهم المستمرة منذ سنوات.

اقرأ أيضاً:  وثائقي عن حرب اليمن يقلب الحقائق ويلعب على التناقضات!!

ويُعد صالح السيد، الذي تم استهدافه الأربعاء، 29 يونيو الجاري، أحد القيادات البارزة في عدن وما جاورها؛ وهو يُشتهر بجهوده الحثيثة وتعهداته الصارمة لمواجهة الإرهاب والتطرّف، والعمل على القضاء عليه؛ وهذا ما يوسع دائرة الأعداء للرجل، خصوصاً وأنه يُعد من رجال المجلس الانتقالي الجنوبي، الحامل للواء قضية انفصال الجنوب.

الصراع مع الإخوان المسلمين

تشهد محافظة لحج صراعاً مستمراً بين الجناح العسكري لحزب التجمع اليمني للإصلاح، ذراع الإخوان المسلمين في اليمن، والقوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي. حيث تذكر وسائل إعلام وتقارير قيام الإخوان المسلمين بتأسيس ميليشيا خارج إطار الدولة، تعمل لتحقيق أجندة الحزب في مديرية “طور الباحة”.

كما أن هناك محاولاتٍ مستمرة، من قبل المسؤولين الموالين للإصلاح في الحكومة الشرعية، بإحكامِ السيطرة على المحافظة والمناطق المجاورة لها.

صالح السيد؛ مدير أمن لحج- صحيفة الأيام

في العام الماضي، على سبيل المثال، شهدت العلاقة بين صالح السيد وقياداتٍ أخرى من صف الإخوان توتراً أنذر بتفجير الأوضاع؛ حيث تبادل كلٌ من السيد وقائد لواء النقل لألوية الحماية الرئاسية، العميد أمجد خالد، اتهاماتٍ خطيرة، تتعلق بدعم الإرهاب وزعزعة الأمن. وطالب العميد أمجد خالد بملاحقة واعتقال مدير أمن لحج بتهمة الإرهاب، وتنفيذ عمليات في لحج وعدن، وفي المقابل، وجه الطرف الآخر أيضاً بالقبض على أمجد خالد بتهمة الإرهاب، وذلك من خلال مذكرة عُممت في المنافذ البحرية والجوية والبرية.

لم يتم اعتقال أو توقيف أيٍّ من الرجلين. ووفقاً لمعلوماتٍ خاصة حصل عليها “كيوبوست”، فإن العميد أمجد خالد لديه صلات مع نائب الرئيس السابق علي محسن الأحمر، ووزير الداخلية السابق أحمد الميسيري، وهما من قيادات الإخوان في اليمن.

اقرأ أيضاً: اليمن: هل تساهم قوات العمالقة في حماية نفط وغاز شبوة؟

ويُعد أمجد خالد أحد أذرع الجناح العسكري لحزب التجمع اليمني للإصلاح، وسبق أن أشارت تقارير سابقة إلى تورطه في عدة عمليات في عدن، من بينها تفجيرات بوابة مطار عدن الدولي، وعملية استهداف محافظ عدن، ووزير الثروة السمكية.

مثال آخر على المواجهة الشرسة التي يخوضها مدير أمن لحج، صالح السيد، هو ما حدث من توتر خلال العام الماضي أيضاً عندما أمر السيد بعدم العمل على تنفيذ توجيهات وزير الداخلية القاضية بتعيين مدير أمن جديد لمديرية “طور الباحة”، متحججاً بأن تعيين مدراء أمن المديريات من اختصاص مدير عام شرطة المحافظة.

أصابع الاتهام تتجه نحو الإخوان

تناقلت وسائل إعلام يمنية، قبل أيام، خبر انتشار قوة عسكرية في مديرية طور الباحة بمحافظة لحج، تحت إمرة مدير أمن لحج، صالح السيد. وبحسب تلك المصادر، فإن القوة استحدثت مواقع ونقاط تفتيش في مناطق المديرية، والتي –كما تصفها مصادر إعلام محلية– “تحتضن أهم محور عسكري للإصلاح خارج قوات هادي، يعرف بـ “محور طور الباحة”، وتموله قطر مباشرة عبر حمود المخلافي”.

تعاني عدن من آثار صراع مدمر- AFP

التقارير المتراكمة السابقة تشير إلى أن الإخوان المسلمين في اليمن هم المتهم الأول في محاولة اغتيال مدير أمن محافظة لحج؛ فالعلاقة بين الطرفين متوترة. ولعلّ أحدث حلقات الصراع -ما قبل الاغتيال- هي محاولة تثبيت الأمن في المحافظة قبل أيامٍ، من خلال نشر قوة عسكرية في لحج بقيادة السيد، بحسب رواية السيد، أو لأجل تقويضِ نفوذ الإخوان في المحافظة، بحسب المناوئين للسيد.

ومع ذلك، فإن الإخوان قد لا يكونون المتهم الأول في القضية، إذ أن صالح السيد يقود حملة شرسة ضد الإخوان، وتنظيم القاعدة، وداعش، والحوثيين على السواء. ولطالما صرح -مراراً وتكراراً- بأنه سوف يقتلع الجماعات الإرهابية والمتطرفة من عدن ولحج وأبين. يُعتبر السيد كذلك مدافعاً قوياً عن القضية الجنوبية، وهو يؤكد دائماً في تصريحاته أن الجنوب تحيط به “مخاطر محدقة”، كما يشير السيد إلى تعاون مستتر بين الحوثيين والإصلاح.

هدف مشترك

تُعد القضية الجنوبية، ورغبة الجنوبيين في استعادة دولتهم التي كانت قائمة قبل العام 1990م، نقطة التقاء بين الحوثيين والإصلاح؛ إذ يتمسك الطرفان بـ”الوحدة اليمنية” التي أُعلن عن انتهائها منذ العام 1994 إلا أنها فرضت بالقوة من قبل شمال اليمن.

اقرأ أيضاً: هل توشك قنوات الإخوان في اليمن على الزوال؟

إن هدف إبقاء الجنوب بالقوة ضمن اليمن هو أحد أبرز الأهداف المشتركة بين المتمردين الحوثيين وجماعات الإسلام السياسي في البلاد، وأبرزها جماعة الإخوان المسلمين. ولذلك، فمن غير المستغرب أن تتعرض القوى الجنوبية لمختلف أنواع الاستهداف، إعلامياً وأمنياً وعسكرياً واقتصادياً.

وتشهد محافظات عدن وأبين ولحج، وغيرها من محافظات الجنوب، وإن كان بوتيرةٍ أقل، اضطراباتٍ أمنية شديدة؛ خاصة مع تزايد الدور الذي يلعبه المجلس الانتقالي الجنوبي، سياسياً وأمنياً وعسكرياً، وبالتالي شعور أطراف الصراع الأخرى بسحب البساط من تحتهم، بعد عقود من السيطرة على مقدرات البلاد وقرارها السياسي.

جماهير ترفع علم دولة الجنوب العربي- La VOIX DU YEMEN

وفقاً لمراقبين، فإن المناوئين للقضية الجنوبية يحاولون اليوم إثبات فشل المجلس الانتقالي والقوى الجنوبية من خلال زعزعة الأمن والاستقرار، عبر التفجيرات الإرهابية، والحملات الإعلامية. من جانب آخر، يدعي الطرف الآخر أن الجنوبيين يسعون لتفتيت اليمن الواحد، وأن المجلس الانتقالي الجنوبي، والقوى الجنوبية، تفتقد إلى الرؤية السياسية الواضحة لمشروعهم.

ومع ذلك، يُلاحظ أن قضية الجنوب آخذةٌ في كسبِ المزيد من الزخم، بعد انكشاف الكثير من الخيانات والتواطؤات من قبل الحكومة الشرعية، وعلاقاتها المشبوهة؛ مما ينذر بمزيدٍ من المواجهات بين المجلس الانتقالي وأكثر أطراف الصراع الأخرى المتحدة ضده بشكلٍ أو بآخر.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة