الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
إخوان الجزائر يعارضون قرار غلق المساجد ويستخفون بخطورة “كورونا”

الجزائر – علي ياحي
في وقت تواجه فيه الجزائر تهديدًا لأمنها الوطني مثلها مثل بقية دول العالم؛ بسبب أزمة فيروس كورونا، وفي حين اتخذت السلطات عديدًا من الإجراءات لتطويق الفيروس ومنع انتشاره؛ ومنها إغلاق المساجد ومنع إقامة الصلوات فيها، خرج الإخوان المسلمون عكس التيار بتصريحات وفتاوى ترفض الخطوة.
رئيس جبهة العدالة والتنمية عبدالله جاب الله، قال على صفحته الخاصة عبر موقع “فيسبوك”: “إن قرار غلق المساجد وتعليق الصلاة فيها غير مبرر ولم يحصل مثله في تاريخ البشرية رغم ما مرت به من حروب ومصائب وابتلاءات، نحن نعيش في زمن عطَّل الناس فيه العمل بشرع الله تعالى وناصبه معظمهم العداء، وشنوا عليه أنواعًا من الحروب لإبعاده عن حياتهم”، ساخرًا من “محاولات الهروب من (كورونا) عبر تطبيق الحجر الصحي، وقد حذا النظام في الجزائر حذوها، فلجأت السلطات إلى سلسلة من إجراءات وقائية رغم محدودية الانتشار لهذا الفيروس حتى اليوم”.
اقرأ أيضًا: إخوان الجزائر يقلبون الطاولة على شركائهم في المعارضة طمعًا في المناصب
وتابع جاب الله بأنه تمت الدعوة إلى غلق المساجد وتعطيل الصلوات بها دون النظر إلى قدسية الجماعات والجمعة، مشددًا على أنه “كان الأَولى في مثل هذا الظرف العصيب أن يلجؤوا إلى المساجد يتضرعون إلى الله تعالى بصفة جماعية وفردية؛ ليرفع عنهم هذا البلاء، وكان الأَولى أن يتم التعامل مع الصلاة والمساجد بكثير من الحذر والتحفظ”.
وفي السياق ذاته، أخفى رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عبدالرزاق قسوم، العضو بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يقوده يوسف القرضاوي، “غضبه” وتجنَّب “الحرج”، وأشار إلى أن هيئته لا تملك المعطيات التي دفعت بوزارة الشؤون الدينية إلى غلق المساجد وتعليق الصلوات حتى إشعار آخر، موضحًا أنه في حال ما إذا كانت اللجنة الوزارية للفتوى قد اعتمدت على إحصائيات ومعطيات تؤكد تفشِّي فيروس كورونا خلال الصلاة داخل المساجد، فإنه يجوز لها أن تتخذ مثل هذا الإجراء؛ لحماية المصلين والحفاظ على صحتهم وسلامتهم.

من جانبه، اعتبر “المفتي” المثير للجدل، شمس الدين الجزائري، أن الفتوى غير صحيحة، وأبرز أنه لا يشكك في نيَّات مَن اتخذ القرار بشأن السعي للحفاظ على أرواح الناس وصحتهم؛ لكن الذي اتخذ القرار تسرَّع ولم يدرس الموضوع جيدًا، متسائلًا: “ما دام تقرر إغلاق المساجد بدعوى أنها أمكنة يجتمع فيها الناس، فهل يمكن إغلاق الثكنات ومقرات الدرك والمستشفيات التي يوجد فيها آلاف الناس؟!”، وختم بأنه كان بالإمكان تزويد المساجد بأجهزة قياس الحمى كتلك الموجودة في المطارات.
ويرى السياسي والبرلماني السابق خوجة الأرقم، في تعليق أدلى به إلى “كيوبوست”، أن الموقف الرافض لقرار تعليق الصلوات في المساجد يعكس أمرَين؛ الأول هو عدم اقتناع البعض بالخطورة البليغة للوباء؛ حيث يعتبرون المسألة مجرد مسرحية حيكت بدوافع استراتيجية أو اقتصادية لا تهمنا في جميع الأحوال، حسب رأيهم. أما الثاني فيُحيلنا إلى انعدام الثقة بين السلطة وشريحة مهمة من الجزائريين؛ وهو ما يهمنا أساسًا ويستوجب المسارعة في اتخاذ كل ما من شأنه جبر هذا الإشكال.

اقرأ أيضًا: العالم بعد “كورونا”
وواصل الأرقم: “إن موضوع فيروس كورونا لا يزال ملتبسًا ومعطياته وخلفياته يلفها الغموض؛ لكن إن سلَّمنا بخطره الداهم حقيقة، فالتدابير التي أقرتها الجزائر بما فيها غلق المساجد وتعليق الصلوات ضرورة يمليها واجب المحافظة على حياة الجزائريين”.
وكان وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري يوسف بلمهدي، قد أعلن تعليق صلاة الجمعة وغلق المساجد؛ كإجراءات ترمي إلى الوقاية من فيروس كورونا والحد من انتشاره، لكن مع الإبقاء على رفع الأذان، مع التشديد على ضرورة التزام الجميع بالتدابير والإجراءات اللازمة في هذا الصدد.
اقرأ أيضًا: قاطَعوا الانتخابات وانتقَدوا تنظيمها.. إخوان الجزائر يتراجعون عن مواقفهم ويستجيبون لخطوات الرئيس تبون

ويعتبر الناشط السياسي أمين صندوق، في حديث إلى “كيوبوست”، أن غلق المساجد إجراء وقائي لتفادي العدوى وانتشار الفيروس، قائلًا إنه “عمل حضاري، وعلى الشعب الجزائري تقبله بعيدًا عن الاستنتاجات الخاطئة والمغالطات”، مبرزًا أنه على الدولة أن لا تقف عند غلق المساجد؛ بل يجب أن يشمل الإجراء كل التجمعات، مثل المقاهي والحمامات والحدائق، وعليها تحمُّل مسؤوليتها في تنظيم حركة الناس بطريقة تدريجية كما هو حاصل اليوم في كل العالم، مضيفًا أن هناك بعض الجهات “تصطاد في المياه العكرة، وأي إجراء تقوم به الحكومة تنتقده من أجل الانتقاد”، داعيًا هذه “الأبواق” إلى وضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار؛ لأننا نمر بوضع يستدعي أن نضع اختلافاتنا جانبًا ونهتم بمواجهة هذا العدو الخفي الذي لا يفرق بين فريق سياسي وآخر.
وسار الإعلامي المهتم بالشأن السياسي ياسين محمدي، على نفس الاتجاه، وذكر لـ”كيوبوست” أن غلق المساجد رغم حساسية الموضوع، يعد قرارًا سليمًا؛ تفاديًا لانتقال العدوى بالفيروس وسط المصلين، قائلًا: “يجب على رافضي غلق المساجد أن يدركوا أن دخول شخص مصاب بفيروس كورونا إلى مسجد سيخلف إصابة المئات في دقائق معدودات، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الأرضيات المفروشة في المساجد تسمح ببقاء الفيروس لفترة تمتد من 6 ساعات إلى 9 أيام، حسب الأطباء”.