شؤون عربية
“إخوان” الجزائر نحو تدويل أزمة البلاد الداخلية من تركيا
دعوة مقري قد يكون لها عواقب وخيمة على الجزائر!

كيو بوست –
في الفترة التي سبقت الربيع العربي وما بعدها، أمسكت تركيا بجميع الملفات العربية الداخلية، بعد تبعية جزء مهم من الإخوان المسلمين لها مباشرة، واعتبارها “المركز” لإدارة شؤون الجماعة في أرجاء الوطن العربي كافة.
وبرغم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، ما تزال أنقرة تُمسك بمعظم الملفات العربية الداخلية؛ إذ يناقش راشد الغنوشي فيها هوية تونس الدينية، ويسلّمها إخوان سوريا ملف الحرب الأهلية، وصارت مركز التفكير والإعلام لإخوان مصر، كما أن إخوان ليبيا يديرون الصراع منها. ولذلك، لا تجد أيًا من تلك الملفات قد أوصلت تلك البلدان وأهلها إلى بر الأمان والاستقرار، منذ أحداث الربيع العربي-الإخواني!
اقرأ أيضًا: إخوان الجزائر: تشتت وصراع من أجل المصالح والزعامة
ومؤخرًا، يحاول إخوان الجزائر عبر حزبهم الأكبر، حركة مجتمع السلم -يعرف اختصارًا بـ”حمس”- تدويل الأزمة الداخلية الجزائرية، عبر نقلها إلى تركيا، باعتبار الأخيرة مركز طموحات الإخوان وخططهم وإمكانياتهم، وهو ما أثار الجدل في الداخل الجزائري.
وعرض رئيس “حمس”، عبد الرازق مقري، مبادرته السياسية المسمّاة “مبادرة التوافق الوطني” في إسطنبول، في ندوة كانت تدور حول الوضع السياسي في الجزائر.
ونقلت وكالة “الأناضول” التركية الرسمية، عن مقري قوله إن الجزائر تفتقد إلى أحزاب قادرة على توجيه الرأي العام، أو هيئات يمكنها اتخاذ قرارات حقيقية، واصفًا المشهد السياسي في بلاده بـ”أزمة المؤسسات”.
اتجاه المقري لطرح مبادرته في مركز “علاقات تركيا والعالم الإسلامي” -مركز وظيفته ربط الإخوان المسلمين حول العالم بالسياسات التركية- جاء بعد فشل المقري بإدارة الأزمة داخليًا، وفشل مبادرته التي طالب بها الجيش بالتدخل في الانتخابات القادمة.
اقرأ أيضًا: كيف يحاول إخوان الجزائر استغلال أزمة بلادهم مع المغرب؟
ومن المفارقات في طرح ومناقشة المبادرة من إسطنبول، أن مبادرة مقري جاءت من أجل إيجاد مرشح توافقي واحد للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2019، بهدف الخروج من الأزمة السياسية، وحماية البلاد من الأخطار الإقليمية، وهو ما ينفيه قيام مقري نفسه، بحمل المبادرة إلى إسطنبول، لمناقشتها، على الرغم من أن تركيا هي من أكثر الدول الإقليمية تدخلًا في الشؤون الداخلية للدول العربية.
بينما يرى مراقبون بأن هدف مقري، من أخذ المبادرة إلى تركيا، هو محاولة تدويل الأزمة الجزائرية الداخلية، وتسليم ملفها لدولة إقليمية غير محايدة، بهدف إحداث اختراق في الحالة الجزائرية البعيدة عن التجاذبات الإقليمية والتدخلات الدولية.
حديث مقري الذي حضره أفراد من الجالية الجزائرية وصحفيون وكتّاب إخوانيون مقيمون في تركيا، اعتبره مراقبون، بأنه محاولة لتصدير الأزمة إلى واجهة وسائل الإعلام الإخوانية، خصوصًا أن مقري انتقد في الندوة ما وصفه بـ”عدم مقدرة الأحزاب على توجيه الرأي العام في الجزائر”! إذ يعتبر ذلك النقد بمثابة إشعار يقدمّه مقري، ودعوة صريحة لتدخل أذرع الإعلام الإخواني والتركي والقطري، للقيام بحملات إعلامية تستهدف الشأن الجزائري الداخلي، ودعم الأحزاب الإخوانية فيها، عبر توجيه الرأي العام إلى أفكارهم.
اقرأ أيضًا: هل يسعى إخوان الجزائر إلى زج الجيش في الصراعات السياسية؟
ويمكن القول إن دولتي تركيا وقطر هما الراعيتان الأساسيتان للإعلام الداعم لجماعات الإخوان المسلمين؛ إذ يتواجد في تركيا عشرات القنوات الإخوانية، التي تستهدف الشعوب العربية في المناطق التي شهدت اضطرابات وحروبًا أهلية، مثل سوريا ومصر وليبيا واليمن، كما كان لها دور مهم في التحريض وإطالة أمد الصراعات الدموية، من خلال بث روح الاقتتال الداخلي بين أفراد الشعب الواحد في تلك الدول، مما ساهم في انتشار الإرهاب.
ففي الوقت الذي تخوف فيه مقري من خطوة الأوضاع المحيطة بالجزائر، خصوصًا الحرب في ليبيا، يستعين بشكل واضح بأحد أطراف ذلك الصراع، ألا وهو جماعة الإخوان المسلمين في تركيا.