الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
إجراءات يعتمدها نظام الملالي لعزل الشعب الإيراني عن العالم
هل يمكن أن تحمي الإجراءات ولاية الفقيه من الانهيار؟

كيو بوست –
مما لا شك فيه أن نظام ولاية الفقيه في إيران يعيش حاليًا على صفيح ساخن من التطورات المتسارعة التي يمكن أن تعجل رحيله أو انهياره في أية لحظة، خصوصًا مع ما يواجهه من أزمة اقتصادية خانقة، وتراجع في قيمة العملة المحلية، وزيادة التضخم، في ظل تصاعد وتيرة المظاهرات الشعبية والاحتجاجات في الداخل، التي تتزامن مع تحرك قوى المعارضة في الخارج، وتزايد الضغوط الدولية والأمريكية على النظام لوقف أعماله الإرهابية في المنطقة والعالم، وقمع شعبه في الداخل.
اقرأ أيضًا: نيويورك بوست: النظام الإيراني أقرب للانهيار أكثر من أي وقت مضى
ويعي النظام الإيراني تمامًا أن اتساع رقعة التحركات الاحتجاجية الشعبية في معظم المدن والمحافظات الإيرانية، سيؤول إلى تفجر الأوضاع الداخلية لتتحول إلى ثورة تطالب بإسقاط النظام وإنهاء حكم الملالي في البلاد، وهو ما دفع النظام إلى أن يستخدم كل الأساليب لإخماد المظاهرات، في ظل عجزه عن إيجاد حلول للأزمة الحالية، فوجه أجهزته لقمع المظاهرات واعتقال النشطاء والتنكيل بهم ومنع حريات التعبير؛ في محاولة لترهيب الشعب وإخضاعه للأمر الواقع بالعيش في ظل حالة الفقر والاستبداد والظلم والخنوع.
لكن هذه الممارسات من الأجهزة الأمنية لم تكن رادعًا للشعب الإيراني -الذي يعيش 40 مليون من سكانه تحت خط الفقر، أي ما يعادل 50% من عدد سكان إيران البالغ 80 مليونًا- خصوصًا بعدما بدأت تتسع الاحتجاجات تضامنًا من آلاف العمال المتظاهرين منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في كل من مصانع السكر، ومجموعة الفولاذ (الصلب)، ومصفاة عبادان، والصناعات البتروكيماوية بسبب عدم دفع رواتب العمال لأشهر عدة.
وتعتبر عدم السيطرة على المظاهرات بداية انهيار بالنسبة للنظام في حال استمرارها واتساعها، مما جعله يبحث عن أساليب أخرى يمكن أن تنجح في عزل الشعب الإيراني عن التواصل الداخلي والعالم ككل؛ فبعد حظر السلطات الإيرانية مواقع التواصل الاجتماعي من تويتر وفيسبوك ويوتيوب وتلغرام، مستغلة إياها في إثارة الفوضى وتأجيج الرأي العام في بعض الدول العربية التي عانت مما يسمى الربيع العربي عبر حسابات وهمية، حسب تقارير دولية. وتستعد سلطات نظام الملالي حظر المنصة الرئيسة الوحيدة -تطبيق إنستغرام- التي لا تزال متاحة مجانًا في البلاد، إذ وافق المجلس الوطني للفضاء السيبراني للنظام على الخطوات الرامية إلى عرقلة الخدمة، حسب تصريح جواد جافيدنيا، نائب شؤون الفضاء الإلكتروني في مكتب المدعي العام، الذي ورد في جريدة “دنيا الاقتصاد” شبه الرسمية.
اقرأ أيضًا: هل يكون 2019 عام التنازلات بالنسبة لإيران؟
ويأتي هذا الإجراء ضمن سلسلة خطوات انتهجها نظام الملالي عبر السنوات الماضية لعزل الشعب الإيراني عن العالم، بما يسهل السيطرة عليه وإخضاعه دون إثارة الرأي العام، فالسلطات الإيرانية لم تكتف بحجب مواقع التواصل العالمية، بل منعت شعبها كذلك من الوصول إلى الصحف والمواقع الإلكترونية العربية والعالمية التي تبث باللغة الفارسية، خصوصًا السعودية، كان آخرها حظر موقع وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) الذي ينشر بلغات عدة، بينها الفارسية، في عام 2017، وذلك خشية من وصول أي صوت يكشف حقائق النظام المخفية عن شعبهم، مما قد يهز العقيدة السياسية الهشة التي رسخها نظام ولاية الفقيه في عقول شعبها.
ولم يكتف النظام بحظر المواقع، بل وصل به الحال إلى منع شعبه من إتقان لغة الحوار مع العالم، وهي الإنجليزية، خوفًا من التواصل مع المجتمع الدولي؛ لفضح ممارساته وانتهاكاته الداخلية المستمرة، ففي يناير/كانون الثاني من العام الماضي، قررت الحكومة إلغاء تعليم اللغة الإنجليزية في المدارس الابتدائية، بالرغم من أن العام الدراسي كان لا يزال فى منتصفه، بعد أن حذر المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي من أن تعليمها في سن مبكرة يفتح الطريق أمام “الغزو الثقافي” الغربي، وهو ما جعل رئيس المجلس الأعلى للتعليم مهدي ناويد أدهم، يصرح إلى التلفزيون الرسمي حينها بأن “تعليم الإنجليزية في المدارس الحكومية وغير الحكومية داخل إطار المنهج الرسمي يخالف القوانين واللوائح”.
اقرأ أيضًا: صحافة دولية: كيف تجاوزت حملات التضليل الإعلامية الإيرانية الخطوط الحمراء؟
ورغم أن هذه الإجراءات تجعل من إيران سجنًا كبيرًا لشعبه وتعزله عن العالم، إلا أنها حتى الآن لم تنجح في السيطرة على الاحتجاجات الشعبية والقضاء عليها، بل لا تزال تتمدد وتتطور بشكل متسارع يوميًا؛ ففي شهر ديسمبر/كانون الأول، شهدت البلاد أكثر من 529 حركة احتجاجية ضد النظام في أكثر من 103 مدن من مختلف شرائح الشعب الإيراني، بما يعادل أكثر من 17 حركة احتجاجية يوميًا من جانب المواطنين ضد النظام داخل البلاد. وفي حال استمرار سياسة طهران في سرقة أموال الشعب لتنفيذ أجندته وتمويل الحروب والميليشيات الخارجية بدلًا من العمل على الإصلاح الداخلي وخلق فرص عمل وتحقيق التنمية، ستزيد الاحتجاجات وتتوسع المظاهرات مما قد تؤدي إلى انهيار تام للنظام.
حمل تطبيق كيو بوست على هاتفك الآن، من هنا