الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
أين تقف قطر في الصراع الأوروبي حول ليبيا؟ وما علاقة الإخوان؟
ما هو دور قطر في ليبيا؟ ولماذا يتخفى القطريون وراء إيطاليا؟

كيو بوست – أحمد نمر
مع استمرار مساعي ليبيا من أجل إجراء الانتخابات في موعدها وتحقيق الاستقرار السياسي، لا تزال إيطاليا تعمل على حشد التأييد الدولي لتأجيل الانتخابات، بذريعة أن الأوضاع الحالية لا تسمح بإجرائها، وهو ما يتعارض مع الموقف الفرنسي الداعي إلى تنظيم انتخابات قبل نهاية العام.
موقف إيطاليا في الشأن الليبي، الذي جاء على لسان سفيرها، اعتبرته وزارة الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة المؤقتة شرق ليبيا، تدخلًا سافرًا وغير مسؤول في الشؤون الليبية، مؤكدة أن مسألة الانتخابات وتحديد مواعيدها، شأن داخلي لا يحق لأي جهة خارجية التدخل فيه.
اقرأ أيضًا: إخوان ليبيا يطالبون بالتدخل العسكري التركي في بلدهم
وتعارض هذا التصريح الإيطالي مع رغبة أغلب الليبيين في إجراء انتخابات نهاية هذا العام، مما أدى إلى تظاهر مئات الليبيين في العاصمة طرابلس خلال الأيام الأخيرة، منددين بتدخل إيطاليا في شؤون البلاد والتطاول على سيادتها، داعين إلى طرد السفير.
دعم خفي
في المقابل، كشفت مصادر دبلوماسية عربية أن النظام القطري اختار التخفي وراء دول أوروبية في ليبيا، بهدف الحيلولة دون إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال ديسمبر/كانون الأول المقبل، والإبقاء على الوضع على ما هو عليه، حسب موقع المعارضة القطرية “قطريليكس”.
المصادر أوضحت كذلك أن قطر تدعم في الخفاء موقف إيطاليا المعارض للمبادرة الفرنسية ولمخرجات اجتماع قصر الإليزيه بباريس أواخر مايو/أيار الماضي، الذي حضره رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، والقائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس الدولة خالد المشري، وعدد من القادة والمسؤولين من الدول ذات الاهتمام المباشر بالملف الليبي. ويبدو أن الدوحة لم تكن راضية عن نتائج اجتماع باريس، ولكنها تدرك أنها غير قادرة على مواجهة فرنسا مباشرة، لذلك اختارت التخفي وراء الدور الإيطالي، إذ تسعى قطر إلى اعتراف دولي بدور الميليشيات، والعمل على ضمان دمج قوى الإسلام السياسي، في مقدمتها جماعة الإخوان، ضمن أي حل منتظر للأزمة الليبية.
قطر، وحسب المصادر، استغلت حديث الجانب الإيطالي عن ضرورة تحقيق المصالحة قبل الانتخابات، وذلك في إطار مشروع يستهدف تقريب المسافات بين الجماعة الليبية المقاتلة وجماعة الإخوان من جهة، ورموز النظام السابق من جهة أخرى، وهي خطة قطرية بالأساس، كان أغلب أنصار العقيد الراحل معمر القذافي قد رفضوها، بعد اجتماعات متعددة انعقدت في تونس وتركيا والسنغال بدعم مباشر من نظام الدوحة.
اقرأ أيضًا: ما وراء تحالف إخوان ليبيا مع ميلشيات “الجضران”
كما أشارت المصادر إلى أن إخوان ليبيا وحلفاءهم سبق أن أعربوا عن رفضهم للمبادرة الفرنسية، بعد أن اتهموا باريس بدعم الجيش الليبي، وبالتنسيق مع القيادة المصرية في التصدي لخطر الإرهاب داخل الأراضي الليبية، واتجهوا للمراهنة على دور روما، تنفيذًا لتوصية قطرية، وهو ما جعل مسؤولين إيطاليين يواجهون علنًا الدور الفرنسي، ويدخلون في مواجهة حادة، وصلت إلى حد القول بأن إيطاليا هي المسؤولة عن ليبيا، وليست فرنسا، والدعوة إلى تنظيم مؤتمر دولي في روما خلال الخريف المقبل لدراسة الملف الليبي، وبالتالي طي صفحة المبادرة الفرنسية إلى الأبد.
هذه التصريحات والمواقف القطرية أكدتها كذلك مصادر ليبية كشفت أن قطر تقف وراء إصرار جماعة الإخوان على تمرير قانون الاستفتاء على الدستور الليبي قبل الانتخابات المرتقبة، وأن الهدف القطري الإخواني هو إقرار الدستور ليكون وسيلة إخوان ليبيا للوصول إلى السلطة، على غرار الحالة التونسية، والحالة المصرية قبل ثورة يونيو/حزيران 2013.
حماسة إخوانية
وقال الناطق باسم القائد العام للجيش الليبي أحمد المسماري إن المعرقل السياسي في ليبيا هم حلفاء قطر من الجماعة الليبية المقاتلة والإخوان الذين يطالبون بعدم إجراء الانتخابات إلا بعد الاستفتاء على الدستور، لأنه يخدم مصالحهم بالمماطلة وضمان استمرار وجودهم على سدة الحكم، موضحًا أن مسودة الدستور المعروضة على مجلس النواب الآن فيها أكثر من 75 خطأ دستوريًا، ما سيسهم في تدمير ليبيا. وأكد المسماري أنهم في القيادة العسكرية مع رغبة الليبيين والمجتمع الدولي فيما يخص الانتخابات، إلا أنهم يرون أن الاستفتاء على الدستور قبل الانتخابات مطلب لإيجاد بيئة فاسدة لعمل الإخوان والجماعة المقاتلة.
اقرأ أيضًا: من تركيا: علي الصلابي يؤهل إخوان ليبيا لخوض الانتخابات
وتعد جماعة الإخوان في ليبيا أكثر المتحمسين لفكرة الاستفتاء على الدستور أولًا، لأنهم يدركون أن إجراء الانتخابات الليبية لن يحقق لهم أي نجاح يذكر، كما حدث معهم في الانتخابات السابقة، وتسعى الجماعة لإطالة أمد المرحلة الانتقالية للترويج لعناصرها الذين يعتزمون الترشح في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وتتمسك جماعة الإخوان بإجراء الاستفتاء على الدستور الليبي أولًا، وهو ما دفع رئيس مجلس الدولة الاستشاري (الإخواني) خالد مشري، إلى مطالبة رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج، بتخصيص ميزانية لمفوضية الانتخابات الليبية لإجراء الاستفتاء على الدستور، في إشارة منه إلى أن هذا الأمر كان يجب أن يتم عوضًا عن صرف ميزانية للانتخابات الليبية، الأمر الذي أثار علامات استفهام في الشارع الليبي.
وفي هذا الصدد، أكد عضو مجلس النواب الليبي، طلال الميهوب، أن إصرار الإخوان في ليبيا على الاستفتاء على الدستور وتمريره يؤكد أن الجماعة تقف وراء مسودة الدستور التي ستطرح للتصويت، مشددًا على أن أعضاء البرلمان لن يصدروا قانون الاستفتاء إلا بعد تعديل مسودة الدستور الليبي.
وأضاف الميهوب في تصريحات صحفية أن جماعة الإخوان في ليبيا تطرح فكرة التصويت على الدستور بقوة، بسبب الامتيازات التي كفلها لها ومنحها اليد الطولى، داعيًا إلى أن تكون مسودة الدستور توافقية بين الأطراف كافة.
ويرى المراقبون أن مشروع الدستور الليبي في حالة إقراره، سيكون أساسًا لأزمة جديدة في البلاد، نظرًا لأنه يخدم مصالح قوى الإسلام السياسي الذين يتخذون منه ذريعة لاختراق مؤسسات الدولة والعمل على أخونتها، لافتين إلى أن الدستور الليبي المقترح سيخدم الإخوان، مقابل تدمير الوحدة الوطنية، وتمزيق النسيج الاجتماعي بعد أن أعلن زعماء الطوارق والأمازيغ والتبو رفضهم الكامل لمحتوياته التي رأوا فيها تمييزًا ضدهم، ومعاداة لخصوصياتهم الثقافية والحضارية.
تحالف القوى الوطنية يدعم مطالب الليبيين
في المقابل، أعلن تحالف القوى الوطنية في ليبيا، الإثنين، تأييده عودة حراك الشارع السلمي ضد تدخلات القوى الخارجية، على رأسها قطر. وقال التحالف، الذي يضم أحزابًا سياسية صغيرة عدة، إن الحراك جاء تعبيرًا عن رفض الشارع لصمت الأجهزة الرسمية على تدخل أطراف خارجية في السياسة الليبية، موضحًا أن هناك تدخلًا علنيًا سافرًا من أطراف عدة لتحديد مستقبل الأحداث في ليبيا، معتبرًا أن هذا الأمر تعزز مع غياب الشارع عن الحراك.
وأكد التحالف أن القرارات “السيادية” يجب أن تعود للشعب الليبي؛ لأنه مالكها الوحيد، ولا يحق لدول أجنبية أن تقرر عن الليبيين على أي أساس وفي أي وقت ينتخبون.
برلماني يطالب بقطع العلاقات مع قطر وتركيا
من جهته، طالب عضو مجلس النواب الليبي، أبوبكر الخمسي، المجلس بقطع العلاقات مع قطر وتركيا، لما تقدمه البلدان من دعم للجماعات الإرهابية في ليبيا، على رأسها “الإخوان”.
وأوضح الخمسي في تصريحات صحفية أن أنقرة والدوحة تدعمان كل ما يؤدي لخلق الفوضى والمشاكل في ليبيا، خدمة لمصالحهما وأهدافهما في المنطقة، مؤكدًا أن قطر تعمل في سياساتها التخريبية ضد ليبيا، بتوجيه كامل من دول كبرى، مضيفًا أن الدوحة أداة لتلك الدول للسيطرة على المنطقة.
وأشار النائب الليبي إلى أن قطر وتركيا ضد قيام الدولة الليبية ووحدتها، داعيًا مجلس النواب لقطع العلاقات معهما: “هناك للأسف جهات تتعامل معهما سواء من داخل المجلس أو في أجهزة سيادية أخرى”، داعيًا المؤسسات الليبية المختلفة للتوافق حول كيفية التعامل مع الدول التي تعمل على زعزعة الاستقرار في البلاد، سواء مع قطر وتركيا أو قوى دولية كبرى. واعتبر الخمسي أن هدف البلدين واضح، وهو دعم الإخوان للوصول للسلطة، وأن لقطر فوائد مادية وسياسية وراء ذلك، وأن تركيا تحت حكم الإخوان بالأساس.
وتابع الخمسي أن شغل الإخوان الشاغل هو الوصول للسلطة بأي وسيلة وطريقة، مضيفًا أنهم طرف من أطراف الصراع في ليبيا، وهو ما أوصل البلاد إلى ما هي عليه الآن، مشيرًا إلى أن أبرز أسباب الفوضى في بلاده ترويج كل طرف لنفسه على أنه الممثل الوحيد للشعب، دون اللقاء بأطراف أخرى.