شؤون خليجية

أين تقف دول المغرب العربي من الأزمة الخليجية؟

هل تسعى دول تونس والجزائر والمغرب إلى الحياد حقًا؟

ترجمة كيو بوست – 

“من الرباط إلى تونس” تسعى السلطات -كما يبدو- إلى البقاء على مسافة واحدة في العلاقات مع الدوحة والرياض، بالرغم من أن الأخيرتين سجلتا نقاطًا لصالحها في واحدة أو اثنتين من هذه الدول.

تميم بن حمد آل ثاني، الأمير القطري، كان من أوائل رؤساء الدول الذين أجروا مكالمة هاتفية للاطمئنان على صحة الملك المغربي محمد السادس، بعد عملية جراحية أجراها في باريس الفرنسية، في خطوة تبعها قرارات عدة من شأنها أن تظهر الدوحة قوية في مواجهة دول المقاطعة، من أجل كسب ود المغرب، ومنافسة الرياض.

وتحدثت مجلة “جون أفريك” الفرنسية، في تقرير لها، عن أن العاهل المغربي كان يلقب بـ”رجل الثقة” خلال الأزمة الخليجية، إذ سارعت قطر إلى التقرب من المغرب، وتقوية علاقاتها معها، للإفلات من المقاطعة.

وتضيف المجلة الفرنسية أن الدوحة -من أجل كسب ود الرباط- منحت القناة المغربية الحكومية حقوق بث مباريات كأس العالم في روسيا، كما تحصلت الدولة الأفريقية على تسهيلات لصالح رعاياها تخص تأشيرة الدخول إلى الأراضي القطرية. ورغم محاولة المغرب الظهور كبلد محايد في الأزمة الخليجية، إلا أن مسارعتها إلى إرسال طائرات محملة بالمواد الغذائية إلى الدوحة كشف عن رغبة الرباط في اللعب على حبلي أزمة الأخوة الفرقاء.

لم توجه الرياض أي انتقاد رسمي للرباط لأنها تسعى إلى الحفاظ على هذا الحليف المهم، وإلى تطوير علاقاتها الاقتصادية مع المملكة التي شرعت في مشاريع استثمار عملاقة، خصوصًا أن المغرب تعلن عدم تدخلها في شؤون دول الخليج دائمًا.

 

تونس و”البلدان الشقيقان

تحاول تونس الحفاظ على مسافة واحدة من الرياض والدوحة، بما يتماشى مع تقاليدها المتمثلة في الحياد الدبلوماسي. وأشارت المجلة إلى أن قطر -عبر قناتها “الجزيرة”- تخندقت مع جزء من المعارضة التونسية في عدائها لنظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي.

وخلال فترة الحكومة التي قادها إسلاميو حركة النهضة من 2012 إلى 2013، كثفت قطر تعاونها مع تونس. وحتى عام 2016، بلغت قيمة المساعدات القطرية لتونس قرابة 100 مليون دولار، فيما منحت عام 2012 قرضًا لها بقيمة 500 مليون دولار، على أن يجري تسديده بحلول 2022.

وحظي حمد بن خليفة آل ثاني بصفة ضيف شرف الذكرى الأولى للثورة التونسية، لكن المعارضة أدانت تدخل قطر في الشأن الداخلي لتونس، وتمويلها بسخاء كبير للعديد من الجمعيات الإنسانية والخيرية التي تروج للفكر الإسلامي، عبر قطر الخيرية، خصوصًا مع تورط بعض تلك الجمعيات بإرسال الشباب إلى سوريا “للجهاد”، بحسب ما كشفته نتائج لجنة التحقيق التابعة لمجلس الشعب [البرلمان التونسي] عام 2017. غير أن عوامل عدة، أدت إلى تراجع نفوذ قطر في تونس هي: سقوط حكومة النهضة، وتهميش دور الإخوان المسلمين في مصر، والخلافات السياسية لإمارة قطر.

 

حلفاء ضد الإرهاب؟

تمول السعودية مشاريع استثمارية في تونس بقيمة 800 مليون دولار، وتعمل على إعادة تأهيل المساجد، وبناء المستشفيات. وفي عام 2015، انضمت تونس، دون إرسال قوات، إلى التحالف الإسلامي ضد الإرهاب بقيادة الرياض. ومن خلال ذلك، اعترفت تونس ضمنيًا بوقوفها إلى جانب القيادة السعودية ضد إيران، الأمر الذي ساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين.

وقد أدى ذلك إلى حفاظ تونس على سياسة الحياد في الأزمة الخليجية، بالرغم من رفض الرياض تسليم زين العابدين بن علي لتونس عام 2012، بعد طلبه اللجوء السياسي فيها.

 

الجزائر وحكمة الحوار

تحرص السلطات الجزائرية على الحفاظ على علاقات ودية مع السعودية وقطر. تقول “جون أفريك” إن تقاليد الدبلوماسية الجزائرية، منذ الاستقلال، اعتمدت على الوقوف على مسافة واحدة من الدول العربية أو الإسلامية في الصراعات الداخلية، إضافة إلى تقديم المساعدة في حل الخلافات العربية، كما حدث في الثمانينيات أثناء الصراع المميت بين العراق وإيران.

ولا يزال الموقف الحيادي ساريًا إلى اليوم؛ فبدلًا من الانحياز إلى جانب أحد المتخاصمين، تدافع الجزائر عن أهمية الحوار والحكمة، خصوصًا ان الرئيس بوتفليقة -الذي ظل لفترة طويلة في الخليج في ثمانينيات القرن العشرين- يملك علاقات خاصة مع الأمراء السعوديين والإماراتيين والقطريين.

إن الاتفاق التاريخي الذي جرى توقيعه في نوفمبر/تشرين ثانٍ 2016 بالجزائر، بين الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والدول غير الأعضاء فيها، من أجل تقليل إنتاج النفط، يجعل من الممكن فهم نطاق دور “الوسيط الحكيم” بشكل أفضل، إذ تمكن المحاورون الجزائريون، من خلال الإقناع والدبلوماسية، من دفع السعوديين والقطريين والعراقيين والإيرانيين إلى إبرام صفقة وصفت بأنها تاريخية.

في الواقع، تدهورت العلاقات بين الجزائر والدوحة بشكل كبير خلال الربيع العربي عام 2011، إذ كشفت الجزائر المؤامرة المتمثلة في وقوف قطر وراء محاولات زعزعة استقرار الجزائر، غير أن هذه التوترات تلاشت مع مرور الوقت، بدليل استثمارات قطر الضخمة.

وإذا كانت الاستثمارات السعودية أقل أهمية في الجزائر، فما زالت الرياض تتمتع باحترام ونفوذ كبيرين في الجزائر -بحسب المجلة الفرنسية- وتواصل دعم الجمعيات الدينية الجزائرية بشكل مباشر وغير مباشر.

 

المصدر: جون أفريك

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة