الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية
أين تقف دول الخليج العربي من الصراع الأوكراني؟

كيوبوست- ترجمات
جورجيو كافيرو
قبل عام تقريباً، اندلعت الحرب الأكثر تدميراً على الأراضي الأوروبية منذ عام 1945، مع اشتعال فتيل الصراع بين روسيا وأوكرانيا. لقد غيّر الصراع الهيكل الأمني للقارة تغييراً جذرياً، وسرّع التباعد بين الشرق والغرب على المستوى الدولي. ونتيجة لذلك، سرت الصدمات الجيوسياسية في أوصال مناطق متعددة، بما في ذلك الشرق الأوسط.
غير أن هذه الديناميات الجديدة تُمثّل في الواقع معضلاتٍ وفرصاً في آنٍ واحد لأعضاء مجلس التعاون الخليجي الذين يسعون إلى تحقيق التوازن في علاقاتهم مع الجهات الفاعلة القوية في جميع أنحاء العالم.
اقرأ أيضًا: حرب أوكرانيا لن تتحول إلى حرب عالمية.. ولكن من المرجح حدوث المزيد من الاضطرابات العنيفة
بشكلٍ عام، سعَت دول مجلس التعاون الخليجي إلى تجنُّب التورّط في هذا الصراع، معتبرة إياه حرباً أوروبية معقّدة، وبالتالي من الحكمة الرد عليها بمواقف محايدة نسبياً. ولا يشاطر مسؤولو دول الخليج العربية فهم رجال الدولة الغربيين لسلوك روسيا في أوكرانيا باعتباره أكبر تهديد للنظام الدولي القائم على القواعد في الفترة المعاصرة. إذ ينظر قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى حرب أوكرانيا على أنها واحدة من العديد من النزاعات المسلحة في العالم، وبالنظر إلى عدد النزاعات الأخرى التي تُخاض بالقرب من الخليج، فإن أزمة أوكرانيا ليست هي التي تهدِّد أمن بلدانهم بشكلٍ مباشر.
هذه المواقف المحايدة نسبياً لدول الخليج العربية تجاه الحرب تُسلّط الضوء على استقلالها المتزايد عن واشنطن، وتصميمها على تأكيد استقلالها الذاتي. في هذا العالم متعدد الأقطاب تتجه السياسات الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، نحو تنويع العلاقات التجارية والأمنية على نحوٍ يضمن لها مستويات أعلى من الاستقلال.

ومن الناحية العملية، يستلزم ذلك تعزيز العلاقات مع مختلفِ الجهات الفاعلة العالمية؛ الخصومِ والمنافسين لبعضهم بعضاً، بما في ذلك الولايات المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهةٍ أخرى.
وهكذا، يتعين فهم رد فعل دول مجلس التعاون الخليجي على الصراع الروسي-الأوكراني في سياقٍ جيوسياسي أوسع. على مدار العديد من الإدارات الأمريكية، فقدت دول الخليج العربية ثقتها في قدرة واشنطن واستعدادها للعمل كضامنٍ أمني فعّال.
اقرأ أيضًا: بعد عام من الحرب في أوكرانيا.. مزيد من البؤس ولا نهاية في الأفق
في هذا السياق من الشكوك المحيطة بالتزامات الولايات المتحدة طويلة الأجل تجاه الخليج، تسعى دول المجلس إلى تنويع شراكاتها الدولية. ونتيجة لذلك، غدَت دول الخليج العربية تنظر إلى موسكو على أنها قطب متزايد الأهمية في عالم متعدد الأقطاب، ما يساعد على تفسير رفض دول مجلس التعاون الخليجي اتخاذ أي خطواتٍ رداً على حرب أوكرانيا، يمكن أن تُعرِّض شراكاتها مع روسيا للخطر الشديد.
ومع ذلك، تمتلك الرياض وأبو ظبي القدرة على الاضطلاع بدورٍ مثمرٍ في تسهيل فتح قنوات اتصالات خلفية مستقبلية بين أعضاء الناتو وروسيا بهدف إنهاء الحرب. وإذا تحقق مثل هذا السيناريو، فسيكون من الصعب إنكار أن الصراع قد عزّز النفوذ الدبلوماسي لدول مجلس التعاون الخليجي على الساحة الدولية.
المصدر: معهد الدراسات السياسية الدولية