الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

أوروبا.. والجدران.. والمقترحات الاستفزازية

كيوبوست- ترجمات

اثنان من ركائز مشروع الاتحاد الأوروبي؛ هما تعزيز السيادة المشتركة، وصنع قرارات منسقة ذات منفعة متبادلة. ومع ذلك، تجد الدول الأعضاء صعوبة في الاعتراف بهما، ووضعهما موضع التنفيذ. منذ فترة قصيرة، وقّع وزراء داخلية 12 دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي رسالة مشتركة تدعو بروكسل لتمويل حاجز على الحدود مع بيلاروسيا.

جاء في هذه الرسالة: “يبدو أن الحواجز المادية تمثل إجراءً فعّالًا لحماية الحدود، يخدم مصلحة الاتحاد الأوروبي بأكمله، وليس فقط الدول الأعضاء التي تمثل المقصد الأول” للمهاجرين واللاجئين. وأضافت الرسالة: “يجب أن يموّل هذا الإجراء المشروع بشكلٍ إضافي وكافٍ من ميزانية الاتحاد الأوروبي على سبيل الأولوية”.

اقرأ أيضًا: روما القديمة وأزمة المهاجرين المتجددة!

ووقع الرسالةَ وزراءٌ من النمسا، وبلغاريا، وقبرص، وجمهورية التشيك، والدنمارك، وإستونيا، واليونان، والمجر، وليتوانيا، ولاتفيا، وبولندا، وسلوفاكيا. يشير مضمون الرسالة إلى فرصة تعديل قواعد اتفاق شنجن، الذي ينص منذ عام 1995 على السفر بدون تأشيرة بين الدول الموقعة على الاتفاق، التي يبلغ عددُها الآن ستًّا وعشرين دولة. ومن دون أن تأتي على ذلك صراحة، فإنها تعني بوضوح إضفاء الشرعية على التنقيحات التي أُجريت على اتفاق شنجن، بل وإلغاء المبادئ الجوهرية.

يبدو أن النموذج الذي اقترحه فيكتور أوربان، رئيس الوزراء المجري، يروق لهذه الدول. خلال أزمة المهاجرين في الفترة ما بين عامي 2015-2016، قال أوربان إنه يجب بناء سياجٍ حدودي لحماية بلاده من التدفق الحر للمهاجرين، وقد فعل ذلك الآن.

فيكتور أوربان، رئيس الوزراء المجري

قبل خمس سنوات، كان الخوف في الاتحاد الأوروبي ينبع من تدفقات المهاجرين غير المنضبطين والأفراد المتطرفين من سوريا وشمال إفريقيا. والآن، يتأتى الخوف من أفغانستان، الدولة التي لم تفهمها أوروبا تمامًا قط، ومع ذلك فقد كافحت القارة مع اللاجئين الأفغان لبعض الوقت، والآن الأعداد في تزايدٍ.

وفي هذا الصدد، تشير جودي ديمبسي إلى أنه بدلًا من صياغة سياسة مشتركة للهجرة أو اللاجئين، فقد تعامل الاتحاد الأوروبي مع الأمر من خلال تصدير المشكلة. لقد دفع أموالًا لتركيا لإبقاء المهاجرين واللاجئين فيها، وتعزيز حدودها مع الاتحاد الأوروبي.

وردًا على الرسالة، أعلنت يلفا يوهانسون؛ مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي، على الفور، أن هذه الأنواع من المشاريع لن تموّل أبدًا من أموال الاتحاد الأوروبي. وقد نأت دول أعضاء أخرى بنفسها عن الاقتراح، وجددتِ الدعوات إلى إقامة شراكة فعّالة بين الاتحاد الأوروبي والدول الخارجية. هذا يبدو وكأنه مسار أكثر فعالية.

يلفا يوهانسون؛ مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي

الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى نهجٍ أكثر تعاونًا مع بلدان المنشأ، والدول التي يعبر من خلالها المهاجرون، وهي مشكلة استراتيجية تأخرت طويلًا، على الرغم من الاتفاقات الضرورية القائمة بالفعل مع بلدان مثل تونس، وليبيا.

غير أن الجانب الأكثر إحباطًا في رسالة الدول الاثنتي عشرة هو أنه كان من المحتم رفضها، ولا بد أنها كانت على علمٍ بذلك. ولذلك، تبدو الرسالة أشبه باستفزاز، أكثر منها اقتراحًا عقلانيًا. وكان هدفُها الحقيقي على الأرجح تسليطَ الضوء على الصدع داخل المجلس الأوروبي لأغراضٍ سياسية، لتوضيح موقف يروق لقطاعات من الرأي العام الداخلي.

اقرأ أيضًا: الغنوشي يسلك مسار أردوغان ويهدد أوروبا بسيل من المهاجرين

وقد طلبتِ الدولُ الاثنتا عشرة، وقدمت اقتراحًا أكثر تطرفًا، سيتعين مناقشته الآن، يطغى على الطلبات الأكثر واقعية والعاجلة من دول خط المواجهة ذات الحدود البحرية، مثل إيطاليا وإسبانيا. والواقع أن مقترح الجدار من شأنه أن يخلق مشكلات أكبر لهذه الدول الواقعة على خط المواجهة بالضبط، من خلال إعادة توجيه قطاعات كبيرة من تدفق المهاجرين إلى دول البحر الأبيض المتوسط.

إن ما نشهده الآن هو العودةُ إلى نمطٍ أقدم من سياسة إدارة الدول. إذ يعيش ستة من كل عشرة أشخاص في جميع أنحاء العالم الآن في دول شيّدت جدرانًا حدودية. لطالما كانت الحدود حقائق ثقافية واجتماعية وسياسية أساسية للحضارات. ولكن منذ سقوط جدار برلين، بدا أن مسارًا مختلفًا قد انفتح: فقد كان هناك خمسة عشر حاجزًا ماديًا فقط في مختلف أنحاء العالم بين الدول في عام 1989، والآن وصل العدد إلى أكثر من سبعين.

المصدر: عين أوروبية على التطرف

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة